أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلاً واسعاً بعد تصريحاته النارية تجاه الممثلة والإعلامية الكوميدية روزي أودونيل، حيث لوّح بإمكانية سحب جنسيتها الأميركية، في خطوة أثارت انتقادات قانونية وسياسية واسعة، واعتُبرت استهدافاً شخصياً يعكس خلافاً طويلاً بين الطرفين.
التهديد الجديد يأتي ضمن سلسلة من المواجهات الكلامية الحادة بين ترامب وأودونيل، والتي تعود إلى سنوات قبل توليه الرئاسة، لكنها الآن اتخذت منحى أكثر تطرفاً وخطورة.

تهديد بسحب الجنسية وعبارات هجومية

في منشور على منصة "تروث سوشيال"، كتب ترامب:
بما أن روزي أودونيل لا تخدم مصالح بلدنا العظيم، فإنني أفكر جدياً في سحب جنسيتها، إنها تشكل تهديداً للبشرية، ويجب أن تبقى في إيرلندا الرائعة، إن أرادوا ذلك.

وأضاف ترامب أن أودونيل، البالغة من العمر 62 عاماً، والتي ولدت في نيويورك، لا تستحق أن تحتفظ بمواطنتها الأميركية بسبب سلوكها العدائي، حسب تعبيره.
ووصفها بأنها سمينة جداً وامرأة خارجة عن السيطرة، وهو أسلوب اعتاد استخدامه تجاه منتقديه، وخاصة النساء.

الردود القانونية: لا يحق له سحب الجنسية

قوبل تهديد ترامب بسحب جنسية أودونيل بانتقادات قانونية حادة، إذ أكد خبراء دستوريون أن الرئيس لا يمتلك أي سلطة قانونية لسحب جنسية شخص وُلِد في الولايات المتحدة.
وأشاروا إلى التعديل الرابع عشر من الدستور الأميركي، الذي ينص بشكل صريح على أن جميع من وُلدوا في الأراضي الأميركية هم مواطنون لا يمكن انتزاع جنسيتهم بقرار إداري أو سياسي.

وقال أستاذ القانون الدستوري بجامعة هارفارد، البروفيسور ألان بنكر: هذا التهديد لا يحمل أي سند قانوني، ويثير مخاوف بشأن استخدام السلطة التنفيذية لأغراض انتقامية ضد معارضين سياسيين أو إعلاميين.

جذور الخلاف بين ترامب وروزي

يعود الخلاف الشخصي بين ترامب وروزي أودونيل إلى منتصف العقد الأول من الألفية، حين هاجمته أودونيل على الهواء أثناء تقديمها برنامج ذا فيو، منتقدة سلوكه وتصريحاته بشأن النساء والمهاجرين.
ومنذ ذلك الحين، دأب ترامب على الرد عليها بعنف لفظي في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ووصفها في أكثر من مناسبة بأنها فاشلة وكارهة لأميركا.

وقد ازدادت حدة العداء بين الطرفين بعد فوز ترامب بالرئاسة في 2016، حيث أصبحت أودونيل من أبرز منتقديه في الوسط الفني الأميركي، بل وأعلنت هجرتها المؤقتة إلى إيرلندا احتجاجاً على سياساته.

من هي روزي أودونيل؟

روزي أودونيل هي واحدة من أشهر الممثلات والمقدمات الكوميديات في الولايات المتحدة. ولدت في نيويورك عام 1962، وحققت شهرة واسعة بفضل برنامجها الحواري "روزي أودونيل شو"، كما شاركت في برنامج "ذا فيو" الذي حقق نسب مشاهدة مرتفعة.
فازت بجائزة "إيمي" أكثر من مرة، وتعرف بمواقفها السياسية اليسارية ودعمها لحقوق الأقليات والمهاجرين.

المشهد السياسي والإعلامي يتفاعل

تصريحات ترامب جاءت في لحظة سياسية مشحونة، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي يسعى خلالها لاستقطاب القاعدة الشعبية المحافظة، عبر استهداف شخصيات ليبرالية بارزة في الإعلام والفن.

من جانبها، لم ترد روزي أودونيل بعد على تهديد ترامب الأخير، غير أن متابعين يتوقعون ردًا ساخرًا منها في الأيام المقبلة، خاصة عبر منصاتها في وسائل التواصل الاجتماعي.

تهديد ترامب بسحب جنسية مواطنة أميركية بسبب آرائها السياسية يعكس مدى الانقسام العميق الذي يعصف بالمشهد الأميركي، ويطرح تساؤلات حول حدود السلطة التنفيذية، ومدى استعداد بعض القادة لاستخدامها في معاركهم الشخصية والسياسية.