في جلسة عاصفة هيمنت عليها اتهامات بالفساد والانقسام السياسي، صوّت البرلمان الأوروبي، يوم الخميس، ضد اقتراح حجب الثقة عن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ليمنحها بذلك دفعة سياسية جديدة في مواجهة تحديات متصاعدة، من داخل القارة وخارجها.
الاقتراح الذي قدّمه اليمين المتطرف سقط بأغلبية واضحة، لكنه كشف عن تصدعات داخل التحالفات المؤيدة لفون دير لاين، وأثار تساؤلات جدّية حول أدائها ونهجها في قيادة الاتحاد الأوروبي.

نتائج التصويت: انتصار واضح لفون دير لاين

صوّت 360 نائباً في البرلمان الأوروبي ضد اقتراح سحب الثقة، في مقابل تأييد 175 نائباً، بينما امتنع 18 عن التصويت. ورغم أن فرص نجاح الاقتراح كانت ضئيلة منذ البداية، إلا أنه سلّط الضوء على الانتقادات المتزايدة ضد فون دير لاين، خصوصاً فيما يتعلق بشفافية قراراتها واستقلالية المفوضية الأوروبية.

فايزر جيت واتهامات التدخل في الانتخابات

الاقتراح قُدّم بمبادرة من النائب اليميني المتطرف الروماني جورجي بيبيريا، الذي استند في حملته ضد رئيسة المفوضية إلى ما يُعرف بفضيحة "فايزر جيت"، والمتعلقة بعدم نشر الرسائل النصية المتبادلة بين فون دير لاين والمدير التنفيذي لشركة "فايزر" خلال فترة التفاوض حول صفقات شراء لقاحات كوفيد-19.
بيبيريا اتهم المفوضية أيضاً بالتدخل في الانتخابات الرئاسية في بلاده، لصالح مرشح مؤيد للاتحاد الأوروبي، ما أثار جدلاً واسعاً حول مدى احترام بروكسل للسيادة الوطنية.

رد قوي من فون دير لاين: أنتم دمى بوتين

في خطاب سابق أمام البرلمان الأوروبي، رفضت فون دير لاين الاتهامات ووصفت المبادرة بأنها محاولة قائمة على نظريات مؤامرة لتقسيم أوروبا، وهاجمت مؤيديها ووصفتهم بأنهم معادون للتطعيم ومؤيدون لبوتين.
وهو ما تبناه أيضاً زعيم "الحزب الشعبي الأوروبي" مانفريد فيبر، الذي هاجم ما وصفه بـ"دمى بوتين داخل البرلمان الأوروبي"، مشيراً إلى أنهم يسعون إلى زعزعة استقرار المفوضية في وقت حساس يمر فيه الاتحاد بأزمات اقتصادية وأمنية.

الكتل السياسية تنقسم.. لكن فون دير لاين تنجو

ورغم أن الحزب الشعبي الأوروبي وقف صفاً واحداً خلف فون دير لاين، إلا أن الكتل الوسطية واليسارية استغلت الحدث للمطالبة بتعديلات وضمانات بشأن أسلوب إدارة المفوضية، وعبّرت عن استيائها من المركزية المفرطة التي تنتهجها في اتخاذ القرارات.
رئيسة الكتلة الوسطية الفرنسية فاليري إييه، رغم تأكيدها رفض حجب الثقة، لم تُخفِ امتعاضها من قرار المفوضية بسحب مشروع قانون يتعلق بمكافحة الجرين ووشينج، دون تنسيق مسبق مع النواب.

خلفية سياسية مشتعلة: اليمين المتطرف يتقدم والمركز يتراجع

يأتي هذا التصويت في وقت يشهد فيه البرلمان الأوروبي صعوداً لافتاً لليمين المتطرف، الذي يسعى إلى زعزعة ثقة المؤسسات الأوروبية.
وفي المقابل، تتراجع الثقة داخل الكتل المؤيدة للاتحاد، وسط خلافات متزايدة بشأن السياسات البيئية والتعامل مع ملف الهجرة.

دعم مشروط واستمرار في موقع الخطر

رغم تجاوز اقتراح حجب الثقة، إلا أن موقع أورسولا فون دير لاين لا يبدو آمناً تماماً. فالدعم الذي حظيت به جاء مشروطاً، وأظهر أن الغالبية المؤيدة لأوروبا باتت أقل تماسكا، وأكثر حذراً من ممارسات القيادة المركزية. 
وفي ظل تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية، من المرجح أن تواجه فون دير لاين تحديات أكبر خلال ما تبقى من ولايتها.