الارشيف / عرب وعالم

نفق عميق و«عملية معقدة».. هكذا وصلت إسرائيل إلى جثث رهائنها في غزة

شكرا لقرائتكم خبر عن نفق عميق و«عملية معقدة».. هكذا وصلت إسرائيل إلى جثث رهائنها في غزة والان نبدء باهم واخر التفاصيل

متابعة الخليج الان - ابوظبي - إعداد ـ محمد كمال
في الوقت الذي أعلن الجيش الإسرائيلي عن انتشال جثث ست من الرهائن في خان يونس بغزة، فإنه مازال يطارد مصير 109 آخرين يعتقد أنهم في القطاع وأن نحو ثلثهم لاقوا حتفهم، وذلك في خضم تساؤلات حول الطريقة التي توصلت من خلالها الأجهزة الإسرائيلية المختصة إلى موقع القتلى الستة في تكرار لعملية مشابهة الشهر الماضي، وهل بإمكانها تنفيذ عمليات إنقاذ رهائن أحياء رغم التحديات المعقدة جداً؟
ووفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإنه في شهر يوليو/ تموز الماضي، استغرق الأمر من المهندسين القتاليين الإسرائيليين ساعات من الليل في الحفر عميقاً داخل نفق يبلغ طوله 650 قدماً في خان يونس لاكتشاف ما كانوا يبحثون عنه، وهو جثث أربعة رجال وامرأة واحدة، وجميعهم كانوا رهائن إسرائيليين منذ عملية 7 أكتوبر.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن هذا الاكتشاف جاء بعد أن أخبر «مصدر» القوات الإسرائيلية بالمكان الذي يجب أن يبحثوا فيه. وقال أحد جنود الاحتياط في الفرقة 98 للجيش الإسرائيلي الذي شارك في العملية: «من الصعب إخراج الرائحة من رأسك».
والثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي، إنه انتشل جثث ست رهائن قتلى من خان يونس، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنه تم انتشال هذه الجثث من أنفاق تحت خان يونس في «عملية معقدة». وفي المجمل، انتشلت إسرائيل 30 جثة.
وتظل عمليات الإنقاذ للأحياء أكثر ندرة بكثير، لأنها تتطلب معلومات استخباراتية أكثر تفصيلاً وهناك الكثير مما يمكن أن يحدث من أخطاء. وبعد مرور أكثر من 10 شهور على الحرب في غزة لم تتمكن إسرائيل من إنقاذ سوى سبع رهائن أحياء، بعد عملية عسكرية طويلة أدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وتدمير غزة، فيما يعتقد مسؤولو الأمن الإسرائيليون أن المزيد من الرهائن سيعودون قتلى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لإنقاذهم قريباً.
ـ معلومات جديدة ـ
ويكشف التقرير الأمريكي أن إسرائيل حصلت على بعض بيانات حماس السرية، بعد العثور على أجهزة كمبيوتر محمولة وهواتف ووثائق من قطاع غزة، وأنها لجأت لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتمشيطها، في ظل حصولها على مساعدة أمريكية.
وقال يسرائيل زيف، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد على اطلاع بالعملية العسكرية، في إشارة إلى عملية الانتشال التي جرت في يوليو/تموز: «كانت هذه الجثث هناك لبضعة أشهر، واستغرق الأمر بعض الوقت بالنسبة لنا لتجميع الصورة وتنفيذ مثل هذه المهمة».
أما عملية الثلاثاء، فقد قال الجيش الإسرائيلي إنه تم انتشال جثث الرهائن الستة خلال الليل في عملية تمت بفضل معلومات استخباراتية جمعها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، المعروف باسم «شين بيت».
وكان معظم الجثامين لرجال من كبار السن، وتتراوح أعمارهم بين 75 إلى 80 عاماً، وكان من الممكن أن يستوفوا معايير إطلاق سراحهم كجزء من وقف إطلاق النار الإنساني الذي تم التفاوض عليه لعدة أشهر دون نجاح. وقد ظهر بعض الرجال في مقاطع فيديو للرهائن أطلقتها حماس وشوهدوا في الأنفاق من قبل الرهائن المفرج عنهم.
وفي يونيو/ حزيران قال الجيش الإسرائيلي إن ثلاثاً من الرهائن الذين تم انتشال جثثهم قتلوا في وقت سابق من هذا العام أثناء عمليات الجيش الإسرائيلي في خان يونس.
ـ جهود تطوعية ـ
وقال مسؤولان إسرائيليان سابقان شاركا في هذه الجهود، إن فهم إسرائيل الأولي لمكان وجود الرهائن ووضعهم كان محدوداً في الأيام الأولى للحرب. وتم تصنيف آلاف الأشخاص على أنهم «مفقودون» في الأيام التي تلت الهجوم. وبينما كانت الحكومة «تترنح» من الهجوم، تدخل الإسرائيليون العاديون للمساعدة في جمع المعلومات عن الرهائن.
وأنشأت كارين ناهون، عالمة المعلومات الإسرائيلية من جامعة رايخمان، فريقاً من المتطوعين الذين قاموا بمسح وسائل التواصل الاجتماعي وتطوير خوارزميات لتمشيط 200 ألف مقطع فيديو لتحديد الأشخاص المفقودين. ثم شارك الفريق النتائج التي توصل إليها مع مسؤولي المخابرات الإسرائيلية.
وبعد أسبوعين من هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، تم تكليف لجنة من خبراء الصحة بمهمة الاطلاع على معلومات استخباراتية سرية وتحديد ما إذا كان الرهائن أمواتاً أم أحياء لإخطار عائلاتهم وإبلاغ الفريق التفاوضي.
وتوصلت اللجنة حتى الآن إلى أن أكثر من 40 رهينة لقوا حتفهم بناء على لقطات كاميرات المراقبة في إسرائيل، ومقاطع الفيديو التي التقطها نشطاء حماس والتي عثر عليها في غزة وأدلة الحمض النووي، وفقاً لعوفر ميرين، المدير العام لمركز شعاري تسيديك الطبي. وفي إحدى الحالات، تمكنت اللجنة من تحديد أن الرهينة شاني لوك ماتت بعد العثور على قطعة من جمجمتها. وتم انتشال جثتها في مايو.
وتم إنشاء مديرية استخبارات خاصة برئاسة الجنرال نيتسان ألون - وهو أيضاً أحد المفاوضين الإسرائيليين في محادثات الرهائن - لجمع وتحليل المعلومات عن الرهائن وأماكن وجودهم ووضعهم، وفي بعض الأحيان زودت العائلات بدليل على حياتهم. وساعدت هذه المديرية في تبادل المعلومات الاستخبارية بين الأجهزة الأمنية المختلفة.
وقال ضابط مخابرات أمريكي متقاعد مؤخراً إن إسرائيل حصلت أيضاً على مساعدة من الولايات المتحدة، التي زادت من اعتراضاتها للمكالمات الهاتفية في غزة في الأيام التي تلت الحرب. وساعدت هذه المعلومات إسرائيل على تحديد مكان احتجاز عدد من الرهائن.
ـ تحديات معقدة ـ
وقامت إسرائيل أيضاً بتوسيع استخدامها للذكاء الاصطناعي للمساعدة في معالجة وتحليل الكميات الكبيرة من المعلومات المرئية والإشارات والاستخبارات البشرية لأنها أدركت أنها لا تستطيع معالجتها يدوياً، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر. وعلى الرغم من التحسن، لا يزال جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية يواجه تحديات.
وتحرص حماس على أساليب اتصالاتها لتجنب جمع الإشارات الاستخبارية، ولا يتواصل زعيمها يحيى السنوار إلا عن طريق الرسائل المرسلة عبر البريد، وفقاً لوسطاء عرب. وقطع السنوار الاتصالات مع قيادات حماس بعد مقتل مروان عيسى، نائب قائد الجناح العسكري لحماس في مارس/آذار.
وهناك عقبة أخرى تتمثل في انتشار الرهائن في جميع أنحاء غزة ويتم نقلهم لجعل تحديد موقعهم أكثر صعوبة. وقالت الرهينة المفرج عنها أفيفا سيجل إنها احتُجزت في 13 موقعاً مختلفاً فوق الأرض وتحتها خلال 51 يوماً قضتها في غزة.
ويعتبر إنقاذ الرهائن أحياء أمراً صعباً للغاية، لكن تحديد مكان جثث الأسرى قد يكون أمراً معقداً أيضاً نظرًا لأنها غالبًا ما تكون مخفاة. وفي ديسمبر/كانون الأول، تم العثور على جثتي رهينتين في أكياس قمامة في نفق شمال غزة، بحسب أورين غانتس، والدة أحد الرهائن. وحتى عندما تمتلك إسرائيل كل المعلومات الاستخبارية، فإنها لا تختار دائمًا إطلاق مهمة إنقاذ.
وكانت عملية إنقاذ الرهائن في رفح في فبراير/شباط جاهزة لفترة طويلة قبل تنفيذها، لكنها تأخرت على أمل التوصل إلى صفقة الرهائن. وتساءل المسؤولون عما إذا كان ينبغي عليهم المخاطرة بحياة رهينتين مسنين في عملية إنقاذ عسكرية عندما يمكن إطلاق سراحهما بأمان أكبر في اتفاق لوقف إطلاق النار.
ولا يزال معظم المسؤولين الأمنيين في إسرائيل يصرون على أن التوصل إلى اتفاق هو السبيل الوحيد لتحرير الـ105 المتبقين الذين تم أسرهم في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وكثير منهم ماتوا بالفعل. وقال مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق: «معظم الرهائن لن يعودوا دون التوصل إلى اتفاق». وأضاف: «من المستحيل أن تعرف تفاصيل مكان وجود الرهينة، ومكان الحراس، ومكان النافذة».

Advertisements