محمد الرخا - دبي - السبت 25 مايو 2024 08:13 صباحاً - جوهرة آسيا التي تغفو على ضفاف الأنهار وتستحم في ماء العراقة وتزدان بروائع الطرز المعمارية الخلابة التي جعلت منها عنوانا للسياحة في جنوب شرقي القارة؛ تلك هي العاصمة التايلاندية بانكوك التي تخبىء في مفرق شعرها الأسرار المذهلة، وتخطف الدهشة من عيون زائريها بمعابدها المهيبة وقصورها الفخمة وأسواقها العائمة.
من يسير في شوارعها المشتعلة بالحيوية ويستكشف حياتها الليلية الصاخبة، بما تحتويه من مطاعم وكافيهات تقدم خدماتها حتى ساعات الصباح الأولى، لا يخطر بباله أن الوجهة السياحية ذات الشهرة العالمية كانت حتى أواخر القرن الثامن عشر مجرّد قرية طينية بسيطة تقع على الضفة الشرقية لنهر "تشاو فرايا"، وتُستخدم أحيانا كمرفأ متواضع.
انسحب إليها أحد الجنرالات قادما من الضفة الغربية للنهر بسبب موقعها المميز كخط دفاع محصن طبيعيا من ثلاث جهات؛ بسبب تقوس النهر والمستنقعات الطينية. أعلن الجنرال نفسه ملكا للبلاد وأطلق على نفسه "راما الأول" عام 1782، وقرر أن يجعل من القرية عاصمة مملكته الجديدة. بنى قصر الحكم أولا ثم بقية المقار الرئيسة للدولة حوله، واعتقد السكان المحليون أن القصر مركز الكون وتعاملوا بكل تبجيل وتوقير تبعًا لهذا المفهوم. هكذا أصبحت للبلاد عاصمة جديدة خلفا للعاصمة القديمة وهي "ثونبوري".
تملك بانكوك خارطة سحرية من المعابد ذات الجمال الباهر، مثل معبد الفجر "وات آرون" ومعبد بوذا الذهبي "وات ترايمت" ومعبد بوذا الزمردي "وات فراكايو". ولا يمكن للزائر أن يفوّت فرصة مشاهدة القصر الكبير أو"الجراند بالاس"، الذي يعد فخر الهندسة المعمارية في البلاد، والذي ظل مقرًا للعائلة المالكة حتى عام 1946 أما الآن فيُستخدم للأغراض الاحتفالية.
وتعد مشاهدة الأسواق العائمة متعة خاصة للزائرين الذين يودون التعرف على الطرق التقليدية في البيع والشراء. وتملك المدينة العديد من تلك الأسواق التي تباع فيها الفواكه والخضروات الطازجة في قوارب تبحر بها نساء باسمات الوجه يحملن فوق رؤوسهن القبعات المميزة المصنوعة من الخيزران، وأشهر تلك الأسواق "دامنوين سادواك".
عندما تصل إلى بانكوك قد تسمع عبارة "أهلا بك في كرونجتب"، فلا تستغرب أو تظن أن الطائرة حطت بك في وجهة خاطئة، كل ما هنالك أنك على وشك أن تتعرف على الحقيقة المذهلة التي لا يحيط بها كثيرون، علمًا أن العاصمة التايلاندية اسمها الأصلي والشائع بين سكانها ليس بانكوك؛ إنه اسم آخر يعد الأعجب والأغرب في التاريخ، فهل صادفتك من قبل مدينة يتكون اسمها من 20 كلمة؟.
يحدث هذا حرفيا مع الاسم القديم لجوهرة آسيا الجميلة وهو (كرونجتب مهانيكون أمن رتناقصين ماهينترا يعطي ماهديلك بوب نبرات راتشاني بوريروم أدومرتشنيوت ماهساتان أمن بيمن أوطان ستيت ساكتتيي وزنكم برأسيه). دخل الاسم موسوعة غينيس للأرقام القياسية باعتباره الأطول من نوعه، والذي يعني "مدينة الملائكة، المدينة العظيمة، مقر بوذا من الزمرد، المدينة المستعصية للإله إندرا، العاصمة الكبيرة مقطوعة بتسع من الحجارة الكريمة، المدينة السعيدة، السخية داخل القصر الملكي مثل المنزل السماوي، مملكة الرب".
ويطلق التايلانديون صيغة مختصرة للاسم العجيب هي "كرونجتب مهانيكون" بمعنى "مدينة الملائكة والمدينة العظيمة"، والأكثر دهشة أن بعض السكان المحليين لم يسمعوا طوال حياتهم باسم بانكوك إطلاقا.