محمد الرخا - دبي - الأربعاء 17 أبريل 2024 02:17 مساءً - كشف تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنّ حادثة جسر بالتيمور الأخيرة سلطت الضوء على وضع مئات من سفن الشحن التي فقدت قوة الدفع في المياه الأمريكية على امتداد السنوات الأخيرة.
وقال تقرير الصحيفة الأمريكية، إن حادثة السفينة التي اصطدمت بجسر "فرانسيس سكوت كي" في مدينة بالتيمور في ولاية ماريلاند الأمريكية بعد معاناتها من انقطاع كامل للتيار الكهربائي، لم تكن الأولى بين سفن الشحن الكبيرة التي تُبحر بشكل روتيني بالقرب من مرافق البنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة.
وبعد أقل من أسبوعين من هذه الحادثة في بالتيمور مرّت سفينة حاويات ضخمة أخرى تحت جسر مزدحم يربط بين نيويورك ونيوجيرسي ثم تباطأت سرعتها فجأة في شريان ضيق بالقرب من أحد الجسور في أحد أكبر الموانئ في البلاد.
وأضافت الصحيفة: "لقد انطلق من السفينة صوت عبر مكبرات الصوت يقول "نحن سفينة ميتة"، مستحضرًا مصطلحًا يشير غالبًا إلى أن السفينة غير قادرة على التحرك بمفردها".
أخبار ذات صلة
جسر بالتيمور يفضح البنية التحتية المتهالكة في أمريكا
وتقول السلطات، إن ثلاثة زوارق ساعدت السفينة التي يبلغ طولها أكثر من 1100 قدم وتحمل علم مالطا حيث فقدت الدفع بالقرب من جسر بايون، ودفعتها إلى مكان آمن.
وقد تسببت السفينة في سقوط مرساة في أعلى جسر "فيرازانو ناروز" المزدحم قرب نيويورك والذي تمر عبره يوميا حوالي 200 ألف مركبة، وفق التقرير.
وأفادت الصحيفة، استنادا إلى سجلات خفر السواحل، بأن حادثة الخامس من أبريل الجاري تعد واحدة من مئات الحوادث التي فقدت فيها سفن الشحن الضخمة القدرة على الدفع في المياه حيث كان العديد منها بالقرب من الجسور والموانئ.
حوادث متكررة
وتقول الصحيفة إن عدة سفن في جميع أنحاء بالتيمور وحدها، فقدت الدفع ما يقرب من عشرين مرة في السنوات الثلاث التي سبقت حادثة سفينة "دالي"، بما في ذلك حادثة نوفمبر 2021 التي فقدت فيها سفينة حاويات يبلغ طولها 981 قدمًا الدفع في المياه بسبب انقطاع التيار الكهربائي لمدة 15 دقيقة بعد وقت قصير من مرورها تحت خط أنابيب المياه.
وفي عام 2020، فقدت سفينة بنفس حجم سفينة "دالي" الدفع "بالقرب من جسر في أنابوليس، بحسب ما تظهر السجلات.
ويقول خبراء، إن ما يزيد من الخطر هو عدم وجود "قواعد منسجمة" بشأن متى يجب أن تتم مرافقة سفن الشحن بواسطة زوارق القطر التي تضمن إبقاء هذه السفن في مسارها حتى لو توقفت محركاتها.
ويعتبر الخبراء أنّ حجم سفن الحاويات مثل سفينتي "دالي" و"تشينغداو" قد تضاعف خلال العقدين الماضيين، في حين أن بعض الموانئ الأمريكية، التي بنيت على مدى قرون حول الممرات المائية المزدحمة والضيقة، تكافح من أجل التكيف مع هذا الوضع.
ونقلت الصحيفة عن آرون دافنبورت، وهو ضابط كبير متقاعد في خفر السواحل الأمريكي وخبير في السلامة البحرية، قوله: "لا أعتقد أننا فهمنا بشكل كامل عواقب مرور هذه السفن الكبيرة، التي تعمل في هذه الموانئ".
ويعتقد المحققون في حادثة سفينة "دالي" الأخيرة أن المشاكل في النظام الكهربائي للسفن كان مرتبطا بفقدان السيطرة عليها.
أخبار ذات صلة
السفينة "دالي".. تاريخ من "المشاكل" قبل حادثة جسر بالتيمور
وتُظهر السجلات أن محققي خفر السواحل وجدوا أسبابًا عديدة لفقدان الدفع لدى السفن.
وفي بعض الحالات، أدى الانقطاع التام للطاقة الكهربائية إلى توقف محرّك السفينة وفي حالات أخرى، ظل النظام الكهربائي متصلاً بالإنترنت، ولكن تم فقدان الدفع بسبب الأعطال الميكانيكية في السفن مثل تعطل الصمامات، وانسداد المرشحات.
ويوضح تقرير الصحيفة أن السفن تتعرض بشكل خاص لخطر فقدان الدفع عندما تقوم طواقم العمل بالمناورة في المياه المحصورة مثل الموانئ، ما قد يفرض متطلبات إضافية على أنظمة الطاقة، وفقًا لتقرير صدر عام 2017 عن شركة التأمين البحري الرائدة التي تحمل اسم "نادي لندن للحماية والتعويض".
ونقلت الصحيفة عن جوزيف أهلستروم، الأستاذ في الكلية البحرية بجامعة ولاية نيويورك، قوله إن "تكرار فقدان السفن للدفع يشير إلى خطر يجب إدارته بشكل أفضل"، مضيفا أنه يأمل أن يصبح استخدام زوارق القطر التي تساعد السفن بشكل روتيني على الرسو والإنزال وتوجيه السفن التي فقدت الدفع إلى بر الأمان أكثر انتشارًا بعد كارثة "بالتيمور".
موانئ معرضة للخطر
وتقول الصحيفة، إنه يتعين على السفن التي تسافر في المياه الأمريكية بموجب القانون الفيدرالي الإبلاغ عن أي فقدان للدفع إلى أقرب قيادة لخفر السواحل.
واستعرضت الصحيفة المئات من هذه التقارير المقدمة إلى السلطات على طول السواحل، مع التركيز على تلك المتعلقة بالسفن التي يزيد ارتفاعها عن 600 قدم.
وفي حين أن بعض الحوادث الـ 424 وقعت بعيدًا عن الشاطئ في الأنهار والخلجان، إلا أن السفن عانت في 103 حالات من فقدان الدفع بالقرب من ميناء أو جسر أو أي بنية تحتية أخرى، وفقًا لسجلات خفر السواحل الأمريكي.
ويقول خبراء إنه لا يوجد معيار واحد لاستخدام الزوارق لمرافقة السفن الكبيرة داخل وخارج الموانئ في الولايات المتحدة، حيث يتم تحديد استخدامها من خلال مزيج من القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات، والمبادئ التوجيهية الرسمية، والممارسات طويلة الأمد، والحوافز المالية المقدمة لأصحاب السفن، وفق قولهم.
ومع تزايد حجم سفن الحاويات، وضع المسؤولون البحريون في نيويورك ونيوجيرسي معايير لإدارة الوصول إلى الميناء الذي تديره الولايات المتحدة بشكل مشترك، وأصدروا مبادئ توجيهية بشأن المد والجزر والرؤية واستخدام زوارق القُطر.
ونقلت الصحيفة عن جوزيف دي هاريس، المتحدث باسم وكالة فرجينيا، قوله إن الطقس وحجم السفينة وحجم حركة المرور كلها عوامل يأخذها الملاحون في الاعتبار عند اتخاذ قراراتهم.