محمد الرخا - دبي - الاثنين 15 أبريل 2024 05:17 مساءً - يمثل القصف الأخير بالطائرات دون طيار والصواريخ والذي استمر 5 ساعات، نقطة تحول مهمة في الصراع المفتوح بين إيران وإسرائيل؛ ما يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
وقالت صحيفة "التايمز" اللندنية، إن هذا العدوان العلني من جانب إيران، الذي اتسم سابقًا بالعمليات السرية والتخريب، يؤكد تحول ما يسمى بمحور المقاومة من مجرد ميليشيات وكيلة إلى قوة استباقية، موضحة أن هذه القوة تهدف إلى توتر العلاقات بين إسرائيل وحليفتها الأمنية الرئيسة الولايات المتحدة.
وأكدت الصحيفة، أنه سطحيًّا يبدو نجاح إسرائيل في اعتراض الهجوم الجوي الإيراني بمثابة انتصار، ولا سيما في ضوء الخسائر البشرية المحدودة واعتراض غالبية الصواريخ القادمة، إلا أن التحليل الأعمق يكشف عن اعتماد إسرائيل على المساعدات الخارجية، ولا سيما من الولايات المتحدة، من أجل القدرات الاستخباراتية والدفاعية.
واوضحت أن هذا الاعتماد يتحدى تصور الاكتفاء الذاتي لإسرائيل في المسائل الأمنية، مشيرة إلى أنه رغم التحذيرات الأمريكية والرد العسكري الإسرائيلي، فقد أظهرت إيران استخفافها بالترهيب.
وأشارت إلى أن التكلفة المقدرة للهجوم الإيراني ضئيلة مقارنة بالإنفاق الدفاعي الإسرائيلي؛ ما يسلط الضوء على ضبط النفس الإستراتيجي الذي تتمتع به إيران وليس ضعفها، وقد يكون هذا التقييد إستراتيجيًّا، إذ يحافظ على الموارد من أجل الارتباطات المستقبلية.
وأضافت "التايمز"، أن الضمانة الأمنية "الصارمة" التي قدمتها إدارة بايدن لإسرائيل قوبلت بشكوك متزايدة، وخصوصًا فيما يتعلق بفاعلية نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي "القبة الحديدية" ضد أسراب الصواريخ قصيرة المدى، موضحة أنه نتيجة لهذا فقد ظهرت شبكة أوسع من الحلفاء مكونة من بضع دول عربية، لتعزيز أمن إسرائيل.
جماعات الضغط التحديثية
ويشير هذا التحول الجيوسياسي إلى تشكيل تحالفات جديدة، فمن ناحية، تعمل دول مثل (الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية) على تعزيز مواقفها مع قيام الولايات المتحدة بتقليص وجودها في الشرق الأوسط، إذ تتعاون هذه الدول للتهرب من العقوبات الغربية وتعزيز كراهيتها المشتركة لإسرائيل في المنتديات الدولية.
وعلى العكس من ذلك، يتألف حلفاء إسرائيل من دول أوروبا الغربية، الموقعة على اتفاقيات، واللاعبين الإقليميين مثل الأردن ومصر، إذ إن هذه البلدان تتقاسم مخاوف مشتركة بشأن جماعة الإخوان المسلمين وحماس؛ ما يعمل على تعزيز جماعات الضغط التحديثية في العالم العربي.
وأكدت الصحيفة، أنه مع تطور الصراع وبدء جهود إعادة الإعمار في غزة، سيستمر المشهد الجيوسياسي في التطور، ويتعيَّن علينا أن نتعلم الدروس من الحرب الحالية، ولا سيما فيما يتصل بسوء التقدير بشأن نوايا إيران النووية، مبينة أنه ورغم أن التهديد المتمثل في إيران المعادية عسكريًّا يظل حقيقيًّا، فلا ينبغي له أن يكون المبدأ التنظيمي الوحيد للمنطقة بالكامل.
وختمت الصحيفة بالقول، إن الأحداث الأخيرة تسلط الضوء على الطبيعة المعقدة والمتطورة للجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط؛ ما يشكل تحديًا للتصورات والتحالفات طويلة الأمد.