نعرض لكم متابعينا الكرام أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: تفجير البيجر.. هل يمكن أن يحدث هذا مع الهواتف الذكية؟ - موقع الخليج الان المنشور في الأربعاء 18 سبتمبر 2024 11:30 مساءً
شهدت لبنان اليوم موجة ثانية من انفجار أجهزة الاتصال اللاسلكية، إذ أفادت تقارير إخبارية بوقوع موجة انفجار جديدة استهدفت أجهزة اتصال لاسلكية صوتية تُسمى (walkie-talkies)، كانت تستخدمها عناصر حزب الله أيضًا.
ويأتي ذلك بعد الموجة الأولى التي شهدتها لبنان أمس، إذ انفجرت آلاف أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي تُسمى (بيجر) Pager، والتي كانت تستخدمها عناصر حزب الله، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا حتى الآن من بينهم أطفال، وإصابة أكثر من 3000 شخص، كما امتدت تداعيات الانفجارات أمس إلى سوريا، إذ سجلت إصابات في مناطق متفرقة.
وقد أثارت هذه الحوادث العديد من التساؤلات حول كيفية حدوث مثل هذه الانفجارات، وهل يمكن أن يتكرر هذا الأمر مع الأجهزة الحديثة مثل الهواتف الذكية والسماعات اللاسلكية مثل (Airpods)، وغيرها من الأجهزة التي نحملها في أيدينا طوال الوقت؟
أولًا، ما أجهزة البيجر وأجهزة (walkie-talkies):
لنفهم ما حدث، دعنا نعرف أولا ماهية الأجهزة التي انفجرت اليوم وأمس، البيجر هو جهاز إلكتروني لاسلكي محمول كان شائع الاستخدام قبل ظهور الهواتف المحمولة، وكان يستخدم لاستقبال الرسائل النصية القصيرة أو الإشعارات التي تحمل رقم هاتف المتصل لطلب التواصل معه لاحقًا، ويعتمد عمل الجهاز على إرسال إشارات عبر الشبكات اللاسلكية.
وكانت هذه الأجهزة تستخدم للتواصل السريع في الحالات الطارئة أو في مواقف لا يستطيع فيها الأفراد الرد مباشرة على المكالمات، وبعد ظهور الهواتف المحمولة الذكية، انخفض استخدام أجهزة البيجر بنحو كبير، لكنها لا تزال تُستخدم في بعض القطاعات، مثل الرعاية الصحية، بسبب الحاجة إلى التواصل السريع والموثوق.
ويوجد نوعان رئيسان من أجهزة البيجر:
- أجهزة البيجر المستقبلة فقط: وهي أجهزة مصممة لاستقبال الرسائل أو الإشعارات من جهات إرسال معينة، ولا يمكن استخدامها لإرسال الرسائل، وكانت تستخدم بنحو شائع في المستشفيات والمصانع، إذ كان الهدف هو إخطار الموظفين بوجود مهام جديدة أو حالات طوارئ.
- أجهزة البيجر المستقبلة والمرسلة: وهي أجهزة مصممة لإرسال الرسائل النصية واستقبالها، ومع ذلك قدرتها محدودة جدًا مقارنة بالهواتف الذكية اليوم.
وقد ظهرت أجهزة البيجر في الخمسينات من القرن الماضي، وتطورت بنحو كبير خلال العقود التالية، وفي الثمانينات والتسعينات، كانت شائعة الاستخدام بين الأطباء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين، ولكن مع ظهور الهواتف المحمولة في أواخر التسعينات وأوائل الألفية الجديدة، بدأ استخدام أجهزة البيجر يتراجع بنحو كبير، حتى أصبحت الآن تقنية عتيقة.
ومع ذلك ما يزال الأطباء في المستشفيات يفضلون هذه الأجهزة لتوصيل الرسائل بسرعة ودقة، كما تُستخدم أجهزة البيجر بصفة روتينية في المرافق الطبية في لبنان.
بينما أجهزة (walkie-talkies) أو كما تُعرف أيضًا بأجهزة الاتصال اللاسلكي الصوتي، هي أجهزة إلكترونية صغيرة الحجم تستخدم للتواصل الصوتي المباشر بين شخصين أو أكثر على مسافات قصيرة إلى متوسطة، وتعمل هذه الأجهزة عن طريق إرسال واستقبال إشارات لاسلكية، مما يتيح إجراء محادثات ثنائية الاتجاه لحظيًا.
وقد اعتمد حزب الله على أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكي لتجنب اعتراض اتصالاتهم من الاستخبارات الإسرائيلية، إذ تمكنهم من إرسال رسائل مشفرة دون الكشف عن مواقعهم.
ثانيًا؛ كيف حدث الانفجار؟
منذ اللحظة التي بدأت فيها أجهزة البيجر بالانفجار في لبنان، بدأ تداول الكثير من النظريات حول الآلية المستخدمة في تحويل هذه الأجهزة الإلكترونية البسيطة والقديمة إلى أسلحة خطيرة، أودت بحياة الكثير من الأشخاص.
وقد أظهرت التقارير حتى الآن أن هذه العملية لم تكن مجرد هجوم سيبراني بسيط، بل كانت عملية معقدة ومتعددة المراحل، إذ إن نظرية ارتفاع حرارة بطارية الليثيوم عن طريق إشارة لاسلكية لتنفجر بهذا الشكل أمر صعب للغاية وغير مقنع، لأن ارتفاع حرارة البطارية يؤدي إلى احتراقها فقط، وليس انفجارها، لذلك الأمر الأكثر منطقية هنا، هو تفخيخ الأجهزة بمواد متفجرة في مرحلة التصنيع.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين مطلعين أن إسرائيل زرعت متفجرات داخل دفعة من أجهزة البيجر، التي استوردها حزب الله من شركة تايوانية في وقت سابق من هذا العام.
وقال المسؤولون إن حزب الله طلب من شركة (Gold Apollo) التايوانية أكثر من 3 آلاف جهاز اتصال لاسلكي، وقد زرعت إسرائيل كميات صغيرة من المتفجرات بجانب بطاريات هذه الأجهزة بهدف تنفيذ عملية تفجير واسعة النطاق تستهدف عناصر الحزب وحلفاءه في المنطقة.
كما قال بعض المسؤولين إن أجهزة البيجر التي طلبها حزب الله من شركة (Gold Apollo) التايوانية جرى التلاعب بها قبل وصولها إلى لبنان، وكانت معظم الأجهزة المتفجرة من طراز (AR924)، على الرغم من وجود ثلاثة طرز أخرى من الشركة نفسها كانت متضمنة أيضًا في الشحنة.
وقد تلقت أجهزة البيجر المستهدفة إشارة مزيفة بدت وكأنها صادرة عن قيادة حزب الله، وقد كانت هذه الإشارة بمنزلة مفتاح التشغيل الذي أدي إلى تنشيط المتفجرات المزروعة سابقًا، ووفقًا لشهود عيان، سبقت الانفجارات إشارات صوتية تحذيرية.
وقال خبراء مستقلون في مجال الأمن السيبراني درسوا لقطات من الهجمات إنه من الواضح أن قوة وسرعة الانفجارات كانت ناجمة عن نوع من المواد المتفجرة.
وأكد ميكو هيبوينن، الخبير الأمني السيبراني في شركة WithSecure ومستشار الجرائم الإلكترونية في اليوروبول، أن هذه الأجهزة اللاسلكية لم تنفجر بفعل عطل تقني عادي أو اختراق سيبراني، بل خضعت لتعديلات متعمدة لتسبب انفجارات بهذا الحجم والقوة، وهذا يشير إلى عملية تخطيط دقيقة.
وقال روبرت جراهام، الخبير الأمني: “لا أعتقد أن هذا اختراق أمني، لأن جعل البطاريات تفعل أي شيء أكثر من الاحتراق أمر صعب للغاية وغير مقنع. والأكثر منطقية هو أن شخصًا ما رشى المصنع لإدخال مواد متفجرة”.
وقد قالت شركة (Gold Apollo) التايوانية التي تحمل الأجهزة علامتها التجارية، إنها سمحت فقط باستخدام اسمها على أجهزة البيجر من طراز (AR-924) وأن الأجهزة صنعتها شركة (BAC Consulting KFT)، التي يقع مقرها في بودابست في المجر.
ونفت الحكومة المجرية الأمر، إذ قال زولتان كوفاكس، المتحدث باسم الحكومة المجرية، في منشور عبر منصة إكس: “أكدت السلطات أن الشركة المعنية هي وسيط تجاري، وليس لها موقع تصنيع أو تشغيل في المجر”.
وتابع: “لديها مدير واحد مسجل، في عنوانها المعلن، والأجهزة المشار إليها لم تكن في المجر”.
ثالثًا، هل يمكن أن يحدث مع الأجهزة الحديثة مثل الهواتف الذكية؟
أثارت حوادث تفجير أجهزة البيجر أمس وأجهزة (walkie-talkies) اليوم، مخاوف عالمية حول إمكانية أن تصبح أجهزة أخرى مثل الهواتف الذكية، والسماعات اللاسلكية، والساعات الذكية، والحواسيب المحمولة، وحتى وأجهزة تنظيم ضربات القلب، أهدافًا لمثل هذه الهجمات، وذلك بسبب التشابه في آلية عملها.
إذ تعمل الأجهزة الإلكترونية المحمولة ببطاريات الليثيوم مثل أجهزة البيجر، مما يجعلها عرضة للهجمات الإلكترونية التي تستهدف مكوناتها الداخلية بعد التلاعب بها كما حدث مع أجهزة البيجر.
وقد قال ضابط سابق متخصص في مجال إبطال مفعول القنابل في الجيش البريطاني لوكالة أسوشيتد برس إن أي جهاز متفجر يتكون بشكل أساسي من خمسة عناصر، وهي: حاوية، وبطارية، وجهاز تشغيل، ومفجر، وشحنة متفجرة. وأشار إلى أن أجهزة البيجر تحتوي بالفعل على ثلاثة من هذه العناصر، مما يجعل عملية تحويلها إلى عبوات ناسفة سهلة.
ويعني ذلك، أن الأجهزة الإلكترونية المحمولة لن تتعرض لخطر الانفجار ما لم يجري تعديلها وزرع متفجرات بها قبل بيعها. كما أن الهواتف الذكية يصعب انفجار بطاريتها بمجرد ارتفاع درجة حراراتها، نظرًا إلى وجود نظام حماية بها، وهو ما يمنع حدوث مثل هذه الحوادث، على عكس البيجر التقليدي.
ويرى الخبراء أن الهجوم على أجهزة البيجر كان هجومًا متقدمًا للغاية، وقد نفذته إسرائيل على مراحل متعددة بالتعاون مع جهات أخرى، ومع ذلك، يستبعدون تكرار مثل هذه الهجمات على نطاق واسع، مؤكدين أن الأجهزة الاستهلاكية ليست هدفًا سهلاً لمثل هذه العمليات المعقدة.
ومن جهة أخرى، أشار الخبراء إلى ضعف سلاسل التوريد كأحد الأسباب المحتملة وراء هذه الحادثة. فشركات التصنيع المتعاقدة قد تستغل هذه السلاسل لتضمين مكونات ضارة في المنتجات النهائية، مما يجعل من الصعب تحديد المسؤولية وتتبع مصدر التهديد.
ولمقارنة هذه الحادثة بحوادث سابقة، يمكننا تذكر حادثة هاتف سامسونج (Galaxy Note 7)، التي وقعت في عام 2016، فبعد طرح الهاتف في الأسواق، بدأت تظهر تقارير عن انفجار بطاريات الهواتف بشكل عشوائي، مما أدى إلى حرائق بسيطة وإصابة بعص المستخدمين بحروق طفيفة.
ومع ذلك، عدد هذه الحوادث كان محدودًا ولم يحدث بشكل متزامن كما حدث في لبنان، علاوة على ذلك لم تنفجر البطارية وقتها كما حدث في لبنان بل احترقت فقط، وأقصى إصابة للمستخدمين كانت حروق طفيفة.
الخلاصة:
تثير حادثة تفجير أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكي مخاوف جدية بشأن الأمن السيبراني والأجهزة المتصلة بالإنترنت، وتؤكد الحاجة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في جميع مراحل دورة حياة المنتج، من التصنيع إلى التوزيع وصولًا إلى الاستخدام.
تم