كشفت صحيفة "تلغراف" بأن محادثات الذكاء الاصطناعي تعكس ظاهرة متنامية لما يسمى "ذهان الذكاء الاصطناعي"، حيث تُغذي برامج مثل "شات جي بي تي" نوبات من الوهم أو جنون العظمة، أو تُشجع الأشخاص الضعفاء أصلاً على الانغماس في محادثات غير متوقعة.

وفي أبريل الماضي قتل رجل يدعى أليكس تايلور "35 عامًا" برصاص الشرطة في فلوريدا بعد أن هاجمهم بسكين، وكشفت التحقيقات أن تايلور كان يؤمن بأنه أحبّ كائنا واعيا يدعى "جولييت" يعيش داخل "شات جي بي تي" ، وادّعى أن شركة "أوبن إيه آي" "قتلتها".

ومع بداية عام 2025 كشفت السلطات الامريكية بشكل غير مباشر عن وجه الاخر للذكاء الاصطناعي وخطورة برنامج "Chat GPT" حيث أعلنت السلطات الامريكية بقيام سائق شاحنة "تسلا سايبرترك" التى انفجرت خارج فندق ترامب الدولي فى لاس فيجاس يناير 2025 فى يوم رأس السنة الجديد باستخدام روبوت الدردشة الشهير "Chat GPT"  للتخطيط للانفجار.

وأشارت شرطة لاس فيجاس متروبوليتان إلي أن أنفجار (Cyber truck) هو أول حادث على الاراضي الامريكية حيث تم استخدام (Chat GPT) لبناء عبوة ناسفة.

كما كشف استطلاع أجراه مركز "Pew Research Center" أن 26 % من المراهقين فى الولايات المتحدة الامريكية صرحوا باستخدام "شات جي بي تي" "Chat GPT" لوجابتهم المدرسية وهو ما يعتبر تهديد للمنظومة التعليمية ومستقبل المراهقين الذي تتراوج اعمارهم من 13و17 عاماً، وكانت نسبتهم تصل الى 13% فقط فى عام 2023 اي بزيادة 10 % لعام 2024.

ومنذ ايام لفت انتباهي صديقي المثقف محمد شلبي أنه كان شاهداً على وقائع مختلفة حول أستخدام برنامج "Chat GPT" تمثل تهديد حقيقي سواء فى عمليات البحث او اخذ ملعومات عبر برامج الذكاء الاصطناعي من قبل أناس تتعامل مع هذه التقنيات الحديثة كأنها كلام لا يحمل الخطأ وهو ما يمثل خطورة على بعض الاسر بشكل غير مباشر.

كل ذلك يدفعنا الى السؤال الاهم الأن .. اين هي حوكمة الذكاء الاصطناعي فى مصر؟ حيث أصبحت تنقيات الذكاء الاصطناعي بمختلف مسمياتها سواء روبوت شات أو منصات الكترونية تدعم الذكاء الاصطناعي تمثل خطورة على السلم الاجتماعي وهو ما يدعونا لضروة اتخاذ قرارات اكثر فاعلية فى حوكمة الذكاء الاصطناعي فى بلادنا.
وهناك الكثير من الدول من بينها مصر والامارات والسعودية حددت محاور حوكمة الذكاء الاصطناعي منها:
الأمان ( آمنه وخاضعة للتحكم من البشر – عدم ألحاق أي اذي أو تخريب أو اذي بالبشر)
البشرية ( تضيف قيماً أنسانية ومفيدة للمجتمع – التخطيط لمستقبل يتنامي فيه AI )
تعزيز قيم الانسانية والحرية والاحترام
مشاركة منافع الذكاء الاصطناعي مع جميع أفراد المجتمع
تحترم خصوصية الافراد
كما يجب أن يكون هناك تطبيق أرشادات حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتكون : 
عادلة 
تطبق الشفافية 
خاضعة للمساءلة 
قابلة للشرح

ومن هنا نطالب المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي برئاسة الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بضرورة اتخاذ أجراءات أكثر فعالية نحو قانون الذكاء الاصطناعي فى مصر وآليات حوكمة الذكاء الاصطناعي حتي نحمي السلم الاجتماعي فى مصر حتي لا نصبح في يوماً ما نشاهد فى الشوارع من يهدد المواطنين بعد أن استخدم محادثات وهمية عبر برنامج "شات جي بي تي" أو اي منصة ذكاء اصطناعي وأثرت علي سلوكياته وتوجهات وعقله !

أخيراً مصر تمتلك الاستراتيجية الوطنية 2025 – 2030 والتى تضمن 6 محاور بالاضافة الى 21 مبادرة جميعها جيده وتعمل على الارتقاء بمنظومة الذكاء الاصطناعي فى مصر ونشر ثقافته وتدريب المواطنين والتكنولوجيا والبنية التحتية وغيرها ولكن ينقص ذلك التفعيل على ارض الواقع واطلاق مبادرات حقيقية تثقف المواطنين بمزايا الذكاء الاصطناعي وخطورته فى الوقت نفسه وهو ما طالب به رئيس الجمهورية من رئيس الوزراء ووزيرالاتصالات منذ اسبوعين.

فى النهاية أن أي تأخير فى أتخاذ قرارات فعالة نحو أصدار قانون الذكاء الاصطناعي ونشر ثقافته والتوعية بمخاطر الذكاء الاصطناعي واجراءات الحوكمة فى مصر هو يمثل تهديد حقيقي ليس الان ولكن على المدي الطويل وعلى الاجيال القادمة  !!

د. محمد كمال
باحث فى مجال الذكاء الاصطناعي