في تطور علمي وصفه خبراء بأنه "ثورة طبية غير مسبوقة"، نجح فريق من أطباء جامعة بنسلفانيا الأمريكية بالتعاون مع شركة "فيرتكس" للأدوية في تطوير علاج جديد يعتمد على الخلايا الجذعية، يحمل اسم زيميسليسيل (VX-880)، ويُتوقع أن يغير مستقبل التعامل مع داء السكري من النوع الأول، المرض الذي يُفقد فيه البنكرياس القدرة على إنتاج الإنسولين.

كيف يعمل العلاج الجديد؟

العلاج يقوم على إعادة برمجة الخلايا الجذعية لتصبح أشبه بخلايا البنكرياس، بحيث تنتج الإنسولين وهرمونات أخرى تعمل على ضبط مستويات السكر في الدم. ويتم حقن هذه الخلايا في الجسم، حيث تتوجه مباشرة إلى الكبد لتصبح نشطة وتبدأ في تنظيم سكر الدم بشكل طبيعي، مانحة المريض فرصة للتخلص من الاعتماد اليومي على حقن الإنسولين.

نتائج أولية مبشرة للغاية

وبحسب ما نشرته صحيفة فيلادلفيا إنكوايرر، فقد أظهرت التجارب السريرية الأولية نجاحًا كبيرًا، حيث استعادت القدرة على إنتاج الإنسولين لدى 10 من أصل 12 مريضًا تمت معالجتهم بالعلاج الجديد. هذا يعني أن أكثر من 80% من المرضى المشاركين في التجربة تمكنوا من استعادة إفراز الإنسولين بعد سنوات من الاعتماد على الحقن.

تقييم الخبراء: علاج وظيفي لا يزال تحت الاختبار

وفي هذا السياق، قال مارلون برانيل، نائب رئيس قسم الأبحاث والعلوم في رابطة السكري الأمريكية (والتي لم تشارك في الدراسة):

> "زيميسليسيل يتمتع بإمكانية أن يصبح علاجًا وظيفيًا، إذ إنه يخفف الأعراض اليومية لداء السكري من النوع الأول بشكل كبير، لكنه لا يعالج الخلل المناعي الذي يتسبب بالمرض."

وأوضح برانيل أن المرضى الذين يخضعون لهذا العلاج سيظلون بحاجة إلى تناول أدوية مثبطة للمناعة طوال حياتهم، وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بعدوى وأمراض أخرى.

خطوة فارقة في سباق عالمي ضد السكري

كما أكد العلماء المشاركون في الدراسة  أن النتائج الحالية مجرد بداية، وأن الخطوة التالية ستكون توسيع التجارب السريرية لتشمل مجموعات سكانية أكبر وأكثر تنوعًا، بهدف التأكد من فعالية العلاج وأمانه على المدى الطويل.

وفي تعليق منسوب إلى باحث في جامعة هارفارد على الاكتشاف، قال:

> "إذا استمرت النتائج على هذا المنوال، فإننا أمام لحظة فارقة في تاريخ علاج السكري. للمرة الأولى نتحدث عن إمكانية استعادة وظيفة البنكرياس بشكل شبه كامل."

ماذا يعني ذلك لملايين المرضى حول العالم؟

داء السكري من النوع الأول يُعد من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا وخطورة، حيث يُقدّر عدد المصابين به عالميًا بأكثر من 40 مليون شخص، من بينهم ملايين في الشرق الأوسط ومصر. الاعتماد الدائم على الأنسولين كان لعقود طويلة هو العلاج الوحيد، لكن التطور الجديد يفتح الباب أمام عصر قد ينتهي فيه استخدام الحقن اليومية.

العلاج بالخلايا الجذعية لم يعد مجرد فكرة بحثية، بل تحول إلى واقع ملموس تُثبت فعاليته خطوة بعد خطوة. ومع أن التحديات المناعية لا تزال قائمة، فإن النتائج المبشرة للدراسة تضع البشرية على أعتاب ثورة علاجية قد تغيّر حياة ملايين المرضى، وتكتب نهاية عصر المعاناة مع الإبر اليومية