مع تطورات جديدة ياسر حمدي يكتب: هل يتظاهر «الإخوان المنافقون» ضد قرار إحتلال غزة؟!، نقدم لكم كل ما تحتاجون إلى معرفته بشكل شامل ودقيق عن هذه التطورات ليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 04:16 مساءً
الجميع على خط واحد منذ إعلان الكابينت الإسرائيلي قراره بالاحتلال الكامل لقطاع غزة، ولا صوت يعلو على صوت الرفض شرقًا وغربًا، أما كل ما دار في ذهني من وقتها يخص الداخل المحتل، أو قطاعًا منه على وجه التحديد؛ ويتلخص في سؤال موضوعي بريء للغاية: هل بالإمكان أن نرى تظاهرة يقودها رائد صلاح ونائبه كمال الخطيب، ويحشدان فيها «إخوان تل أبيب» وضواحيها، للاعتراض على ما يعترض عليه العالم كله، وإثبات الولاء للقضية قبل الأيديولوجيا والتنظيم؟!
ومبعث السؤال معروف وليس في حاجة للتفسير؛ إذ انتدبت الحركة الإسلامية (فرع الإخوان في إسرائيل) نفسها مؤخرًا لمهمة علاقات عامة «مشبوهة»، وقررت أن تتكلم بعد اثنين وعشرين شهرًا من الصمت المطبق؛ غير أنها وجهت جهودها إلى تعزيز السردية الأصولية مُكايدًة لمصر في المقام الأول، وإسنادًا لنتنياهو وعصابته اليمينية من طرف خفي، وكالعادة إختارت الجماعة أن تعكر الماء قبل الاصطياد فيه، واليوم تبدو الصورة شفافة للغاية، والصيد الحلال أسهل ما يكون.
وإن كان الحياد مقبولًا في السابق بدافع الخوف وتعقد الأوضاع داخليًا؛ فإنهم بالمبادرة المجانية قد أخرجوا أنفسهم من مظلة التفهم وإحسان الظن، وتموضعوا على أرضية لايمكن الركون بعدها إلى حائط الصمت مجددًا، لا سيما أن معناه الوحيد أنهم «تكوين رديف للسلطة المتطرفة» في تل أبيب، ويختطفون المظلمة العادلة من أصحابها، ليوظفوها لأهدافٍ خاصة ظالمة، لا يختلف إطلاقًا إن كانت تتقصد غسل سمعة حماس وحلفائها، أو تلطيخ وجوه الآخرين؛ طالما أنها تبرئ المجرم الحقيقي وترقص على دماء الأبرياء.
ومن دون مصادرة على دراما الأيام المقبلة؛ فلن يتظاهر «صهاينة حسن البنا» في تل أبيب قطعًا، ولن يفكروا مجرد تفكير في التصويب على الفاعل وجرمه المشهود، لا لشيء إلَّا أن غزة ليست الهدف من الأساس، وإنقاذ منكوبيها لا يقع ضمن أولوياتهم مطلقًا.
البطون الخاوية منصة للاستعراض والمزايدة، ومعبر رفح المنتدب من سبعة معابر يهيمن الإحتلال الإسرائيلي انفراديًا على خمسة منها، ليس أكثر من رصاصة مشبوهة تطلق في إتجاه مصر، معنويًا تلك المرة؛ لكنها كانت مادية طوال سنوات من الإرهاب ومحاولات إثارة الفوضى.
وإن صح العزم وصدقت النوايا؛ فالهدف معلوم وليس محل اختلاف بأية درجة.. القرار صادر عن مجلس الوزراء المصغر، والجيش ملزم بإنفاذه عمليًا، مشمولاً بالسيطرة العسكرية وتهجير نحو مليون جائع من الشمال للجنوب.
وهنا؛ عليهم أن يذهبوا إلى مقر الحكومة أو محيط وزارة الدفاع، وأن يعلنوا موقفًا صريحًا من خطة القضم بنية الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، انسجامًا مع البيانات الصادرة عن القاهرة وغيرها من العواصم، وعن اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن غزة، وهو ما لا يمكن أن يسير فيه الإخوان؛ ناهيك عن توقع أن يسعوا لتوظيفه ضد خصومهم من داعمي القضية الحقيقيين، ضمن إستراتيجية تعاد صياغتها طوال الأسابيع الماضية، بغرض تصدير الأزمة إلى خارج الجغرافيا الفلسطينية، وانتشال حماس من مأزقها الخاص؛ ولو كان المقابل إبراء ذمة الإحتلال من النكبة الجارية والآخذة في التصاعد.
والحال؛ أن حلقة النار الجديدة مشبوكة في سوابقها منذ الطوفان، ولا يصح فصلها عن المسببات التي أودت بالبلاد والعباد إلى التهلكة ومهاوي الضياع؛ وليس هذا عن تورط مضاد للأصولية في فخ التعليل وإبعاد العدو عن مجال الاتهام؛ إنما لأن الوقائع تتصل ببعضها ضمن شبكة عضوية، ثابتها الوحيد أن إسرائيل كيان «مجرم» بالفطرة والتأسيس، وعلى رأسه الآن أسوأ صنوف القتلة انحطاطًا وشراسة.
وقد مُنِحوا هدية مجانية من حماس ورجالها ذات صباح بائس، وما زالوا يستثمرون فيها ويصرفون عوائدها، فيما يعزز لهم ورثة القائد السنوار من قيمتها بالذرائع المتوالية، ولايفكرون ولو عرضًا في أن يسحبوها منهم، وأن يعتذروا عنها لأنفسهم ومحيطهم، وطوابير الضحايا المدفوعين إلى المذبح من دون استشارة أو اختيار.
حماس أطلقت طوفانها بلا استعداد ولا استشراف للمآلات، وتناور طوال شهور المفاوضات دفاعًا عن حضورها في المشهد، لا عن المشهد ذاته، وعندما اختنقت بأفعالها سعت إلى التحلُّل من الإلتزامات، وإلقائها على أكتاف الآخرين؛ ولم يكن من قبيل المصادفة أن يُصَعِّد «خليل الحية» في خطابه التحريضي التعبوي، تزامنًا مع دعاوي «الإخوان» للتجمهر وحصار السفارات المصرية، ومع تظاهر فرعهم الإسرائيلي ضد مصر في تل أبيب، وبإذن من سلطة الإحتلال الصهيوني؛ بل من أشد وجوهها وقاحة، وزير الأمن القومي نازي النزعة والهوى إيتمار بن غفير.
الخلاصة: الإخوان المنافقون لا يجرؤون على القيام بمظاهرة مناهضة ورافضة لقرار حكومة الإحتلال الصهيوني بإحتلال قطاع غزة بأكمله، بل يتظاهرون أمام السفارات المصرية! لأن هذه المظاهرات تشكل «هدية مجانية لإسرائيل»، وتُشَوش على الجهود الدولية للضغط على الإحتلال، وتخدم مشروعه في عزل الفلسطينيين وتهجيرهم لتصفية القضية وتفتيت التضامن العربي.
للحصول على تفاصيل إضافية حول ياسر حمدي يكتب: هل يتظاهر «الإخوان المنافقون» ضد قرار إحتلال غزة؟! - الخليج الان وغيره من الأخبار، تابعونا أولًا بأول.