محمد الرخا - دبي - السبت 22 يونيو 2024 09:07 مساءً - لم يعد الانفتاح الاقتصادي بوصلة روسيا التي وجهها الرئيس فلاديمير بوتين نحو آسيا وأفريقيا؛ بل بات الانفتاح العسكري نحو تلك المناطق وجهة جديدة تمتهنها موسكو، في تحد واضح للإرادة الغربية التي كانت تسيطر على خريطة التحالفات العسكرية في آسيا وأفريقيا لعقود، بحسب خبراء سياسيين.
فبعد أن وقَّعت روسيا وكوريا الشمالية اتفاقية تعاون دفاعي والتي كانت، وفقاً لخبراء، الجزء الأول من خريطة تحالفات عسكرية روسية في المنطقة، أعلنت الحكومة الروسية تكليفها لوزارة الدفاع بتوقيع اتفاقية عسكرية مع الهند.
وينص الاتفاق العسكري المرتقب بين موسكو ونيودلهي على تسهيل إرسال قوات عسكرية لإجراء مناورات وتدريبات مشتركة بين البلدين، وتقديم المساعدة الإنسانية، والعمل أثناء الكوارث الطبيعية.
كما سيسمح الاتفاق العسكري الجديد بوجود 3 آلاف عسكري من البلدين، و5 سفن حربية، و 10 طائرات بشكل متزامن، بحيث يمكن رفع هذه الأرقام إذا كانت موسكو ونيودلهي موافقتين على ذلك.
ويرى خبراء روس حاورهم "الخليج الان" أن "الاتفاق بصيغته الحالية لا يعد اتفاقًا عسكريًا شاملًا لكنه بداية لتطوير تعاون أوسع وأشمل"، فيما يرى آخرون أن الاتفاق الجديد "قد يمهد لإنشاء تحالف عسكري شبيه بالناتو في المنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية من آسيا، وقد يشمل في المستقبل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا".
أخبار ذات صلة
واردات الهند من نفط روسيا تسجل أدنى مستوى منذ عام
موسكو نيودلهي وخريطة القوى
يقول الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية كيريل جافريلكو، في حديثه لـ"الخليج الان"، إن "الاتفاق الجديد بحد ذاته لا يعد اتفاقًا عسكريًا شاملاً، لكنه يمهد الطريق لاتفاقية عسكرية واسعة وشاملة في المستقبل".
ويضيف: "هناك نية روسية لعقد اتفاقيات عسكرية مع القوى الموجودة في آسيا وبدأت فعلاً مع كوريا الشمالية، والحديث عن التهديدات، والأمن الجماعي في تلك المنطقة هو منطلق هذه الاتفاقيات".
ويشير جافريلكو إلى أن "الهند دولة عسكرية قوية، وتملك قوة بشرية هائلة، ودولة نووية في النهاية، وأي اتفاقية عسكرية معها تؤثر على خريطة القوى في آسيا، وعندما نتحدث عن آلاف الجنود والطائرات والسفن الحربية ووضعهم في حالة تدريب ومناورات دائمة، هذا لوحده كفيل بتغيير الخريطة وبدء مرحلة تعاون عسكري جديد في المنطقة".
وحول القلق الغربي من التحرك الروسي يوضح الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية أنه "مقابل هذا القلق الغربي هناك قلق لدى الدول الآسيوية حول نوايا الغرب في القارة، ومن الطبيعي أن يكون هناك تحرك ما لأن الغرب يريد دائمًا أن يرسم الخرائط، لكن الزمن تغيَّر وبداية عالم متعدد الأقطاب بدأ يظهر، لندعهم يقلقون فنحن من كنا نقلق لعقود نتيجة سياساتهم التوسعية في منطقتنا كلها سواء في آسيا أو أفريقيا".
وخلّص إلى القول إن "الاتفاق مع الهند وكوريا الشمالية هو البداية فقط، فإما الجلوس على طاولة واحدة لتحديد معالم العالم الجديد وخريطة التحالفات بطريقة سلمية أو التصعيد والكرة في ملعب دول الغرب وهي من سيحدد شكل التنافس المقبل".
"ناتو" آسيوي
ويرى الخبير في الشؤون العسكرية والصراعات الدولية كيريل كادوركين، في حديثه لـ"الخليج الان"، أن "الجنوب العالمي ككل وصل إلى طريق مسدود بالتعامل مع نظيره الغربي للوصول إلى عالم جديد متعدد الأقطاب، لذلك باتت هذه الدول تنتهج سياسة عسكرية جديدة لمواجهة أكبر تشكيل عسكري غربي وهو حلف الناتو".
أخبار ذات صلة
قلق أمريكي من تهديد روسيا بإرسال أسلحة إلى كوريا الشمالية
ويتابع: "المواجهة مع هذا الواقع تحتاج لأدوات، ففيما عجلة التحالفات الاقتصادية تدور بسرعة سواء عبر بريكس وتحالفات اقتصادية أخرى تهدف للاستقلال الاقتصادي، بات من الضروري مواجهة التحديات الأمنية، وما يشكله الناتو على جميع الدول خارجه، ومن هنا بدأت موسكو بالتحرك".
ويعتقد الخبير في الشؤون العسكرية والصراعات الدولية أن "ما يتم الاتفاق عليه عسكريًا في المنطقة الآسيوية يمهد مستقبلاً لحلف عسكري قوي شبيه بالناتو يشمل دولاً في جنوب وجنوب شرق آسيا، وقد يمتد إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ونحن نتحدث عن قوى لا يستهان بها، وعن حلف تديره روسيا، والصين، والهند".
ويضيف أن "خلق واقع عسكري جديد هو الحل الوحيد لفرض توازن قوى في العالم، فالناتو يتوسع هنا وهناك، ويمد جذوره لخنق العالم، وإذا لم تنهض الدول الأخرى، الآن، وتستغل الفرصة، سيبقى النظام العالمي الحالي كما هو بل قد يشتد سوءًا لتلك الدول الموجودة خارج الفضاء الغربي".
وخلُص كادوركين إلى القول إن "واقعًا اقتصاديًا وعسكريًا جديدًا قادر على خلق عالم جديد لا يكون الرأي فيه حكرًا على دولة واحدة كالولايات المتحدة، بل بيد عدة أطراف لحفظ مصالح الجميع، وهذا ما سيحدث، قريبًا، سواء قبل الغرب به أم لم يقبله".