محمد الرخا - دبي - الأربعاء 12 يونيو 2024 03:03 مساءً - أشارت دراسة حديثة إلى أن آباء الأطفال المصابين بالتوحد قد يشعرون باختلافات في نمو أطفالهم قبل وقت طويل من إجراء التشخيص الرسمي.
وكشفت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة إيموري، أن تفاعلات الوالدين مع الأطفال المصابين بالتوحد تختلف بشكل ملحوظ عن التفاعلات مع الأطفال ذوي النمط العصبي الطبيعي.
ويبدو أن قدرة الاكتشاف المبكر هذه تنبع من أنماط التفاعل الفريدة لدى الأطفال؛ مما يدفع مقدمي الرعاية إلى تكييف مشاركتهم الاجتماعية وفقًا لذلك.
وتؤكد الدراسة، التي نشرها موقع "نيوزويك"، على الاستجابة الفطرية للآباء تجاه الإشارات الاجتماعية المحددة لأطفالهم.
وأوضحت سارة شولتز، الأستاذة المساعدة في قسم طب الأطفال بكلية الطب في الجامعة: "يقوم مقدمو الرعاية بشكل طبيعي بتعديل سلوكياتهم لتتوافق مع احتياجات أطفالهم ومراحل نموهم. ويعتمد بحثنا على هذا المفهوم، مما يشير إلى أن الاختلافات في سلوك مقدمي الرعاية يمكن أن تشير إلى اختلافات في نمو الأطفال".
وتؤثر اضطرابات طيف التوحد (ASD) على التفاعل الاجتماعي والتواصل، وتصيب طفلا واحدا تقريبًا من بين كل 36 طفلًا في الولايات المتحدة وحدها بحلول سن الثامنة، وفقًا لتقرير مركز السيطرة على الأمراض لعام 2020. ويعد التحديد والتدخل المبكر أمرًا بالغ الأهمية لتحسين النتائج للأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب.
وإحدى النتائج الملحوظة بالدراسة هي أن آباء الأطفال المصابين بالتوحد يستخدمون التحيات والتفاعل اللغوي بشكل أقل تكرارًا مقارنة بآباء الأطفال ذوي النمط العصبي الطبيعي، كما بدأت هذه التفاعلات أيضًا في سن متأخرة. إلا أن الدراسة تؤكد أن هذه الاختلافات لا تعني وجود قصور لدى الوالدين. وبدلاً من ذلك، فإنها تسلط الضوء على قدرة الوالدين على تكييف سلوكياتهم لتلبية الاحتياجات الفريدة لأطفالهم.
وأكدت شولتز: "الأهم من ذلك أننا لا ننظر إلى هذه الاختلافات على أنها تساهم في تطور مرض التوحد. بدلاً من ذلك، فهي تُظهر القدرة الاستثنائية لمقدمي الرعاية على ضبط تفاعلاتهم بناءً على قدرات أطفالهم واحتياجاتهم. فعلى سبيل المثال، قد يقلد أحد الوالدين ثرثرة رضيعه أو يستجيب لها لتشجيع التواصل المتبادل". وتشير مثل هذه السلوكيات المستجيبة إلى توافق الوالدين مع الإشارات الاجتماعية لطفلهم، مهما كانت حدتها.
ما علاقة انخفاض الدخل؟
واستكشفت الدراسة أيضًا العوامل الاجتماعية والاقتصادية، مبينة أن انخفاض دخل الأسرة يرتبط بعدد أقل من تفاعل مقدمي الرعاية مع الأطفال. كما أظهرت الأبحاث السابقة أن انخفاض دخل الأسرة يمكن أن يؤثر على نمو الدماغ والإدراك، وربما يرجع ذلك إلى ارتفاع مستويات الإجهاد الأبوي الذي يؤثر على النمو الاجتماعي للاطفال.
ويدعو الباحثون إلى تعزيز الموارد المالية والداعمة للآباء، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى مساعدة أوسع للتخفيف من تأثير الفوارق الاجتماعية والاقتصادية على تنمية الطفولة المبكرة.
وأضافت شولتز: "هناك حاجة إلى بحث مستقبلي لتحديد إشارات معينة أو اختلافات سلوكية لدى الرضع تؤدي إلى هذه الاختلافات الملحوظة في نوعية التفاعل من قبل مقدمي الرعاية".
وتؤكد هذه الدراسة على الدور الحاسم للوالدين في التعرف على احتياجات أطفالهم التنموية والاستجابة لها، مما يمهد الطريق للتدخلات المبكرة التي يمكن أن تحسن النتائج بشكل كبير للأطفال المصابين بالتوحد. من خلال فهم ودعم هذه التفاعلات الأبوية البديهية، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية توجيه العائلات بشكل أفضل من خلال تعقيدات تشخيص مرض التوحد ورعايته.