الارشيف / عرب وعالم

لوموند: شراكة معقدة ومضطربة بين الزعيمين الروسي والصيني

محمد الرخا - دبي - الجمعة 17 مايو 2024 05:17 مساءً - رغم الزيارات المتواصلة والتصريحات المتكررة بتأكيد العلاقات الوثيقة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تؤكد صحيفة "لوموند" الفرنسية أن العلاقات بين الحليفين "أكثر تعقيدا واضطرابا" مما يبدو في الواقع.

وكانت زيارة بوتين الأخيرة إلى بكين، أول رحلة خارجية له منذ إعادة انتخابه، وجاءت ردا على زيارتين قام بهما بينغ إلى موسكو في آذار 2013 وآذار 2023.

وتعكس الاجتماعات المنتظمة بين بوتين وبينغ، بما في ذلك 18 مكالمة هاتفية جاءت غالبا للاحتفال بأعياد الميلاد، رابطة فريدة بين الزعيمين.

وبحسب "لوموند"، فإن التحالف بين الصين وروسيا، رغم الاستعراض المتكرر للصداقة الحميمة، ينطوي على تعقيدات عميقة الجذور بسبب المسارات المتباينة للزعيمين والمصالح الوطنية المختلفة لدى كل جانب.

وأشارت إلى وصف محللين غربيين العلاقة الصينية الروسية بأنها "سطحية وغير متوازنة"، مقللين من أهمية اصطفاف شي جين بينغ إلى جانب بوتين.

الخلافات الأساسية وانعدام الثقة التاريخية لا تزال قائمة بين الجانبين.

لوموند

وبحسب الصحيفة، فإن تحليلات غربية سابقة "أخطأت" في اعتبار شي بينغ إصلاحيا أقرب إلى غورباتشوف (آخر رئيس للاتحاد السوفييتي السابق).

وأكدت أن الغرب لم يعد يرى هذه التوجهات لدى الزعيم الصيني، وأنه يتماشى بشكل وثيق مع رؤية بوتين لنظام عالمي ما بعد الغرب.

ورغم هذا التوافق بين الزعيمين، أشارت الصحيفة أن "انعدام الثقة التاريخية والخلافات الأساسية" لا تزال قائمة.

ويتناقض بوتين، الذي نشأ في أسرة متواضعة ثم خدم في وقت لاحق في المخابرات السوفيتية (كي جي بي) في ألمانيا الشرقية، بشكل حاد مع شي بينغ، الذي نشأ في أسرة راقية حتى سقوط والده السياسي في عام 1962، بحسب "لوموند".

وذكرت الصحيفة أن الصعوبات التي واجهها شي بينغ لاحقا خلال الثورة الثقافية والتعرض المحدود للثقافات الأجنبية تتناقض بشكل حاد مع خبرة بوتين الدولية وتعليمه القانوني.

وانضم الزعيمان إلى حزبيهما الشيوعيين في منتصف السبعينيات، خلال فترة بلغت العلاقات الصينية الروسية فيها أدنى مستوياتها.

وكان قبول شي بينغ في الحزب الشيوعي أمراً شاقاً بسبب المشاكل السياسية التي واجهها والده، على النقيض من دخول بوتين الأكثر وضوحاً في الحزب الشيوعي السوفييتي.

واليوم، قالت الصحيفة إن وجهات نظر الزعيمين تجاه الغرب والعالم تكشف عن خلافاتهما بشكل أكبر، حيث لم يعد بوتين شيوعيا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وينظر بحنين إلى الحقبة التي كانت فيها موسكو تنافس واشنطن وتنظر بازدراء إلى بكين.

وفي المقابل، يتصور شي بينغ مستقبلا تحقق فيه الصين "التجديد العظيم" بحلول عام 2049، وهو العام الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

 كما تتباين مواقف الزعيمين تجاه الغرب، بحسب "لوموند"، فبوتين يحمل عداء عميقا، في حين يتبنى شي بينغ نهج "ازدراء" ولكنه استراتيجي، ويفضل الأساليب غير العسكرية لتأكيد الهيمنة الصينية، كما حدث في بحر الصين الجنوبي والمناوشات الحدودية مع الهند.

وأكدت "لوموند" أنه على الرغم من هذه الاختلافات، فإن كلا الزعيمين يشتركان في "الازدراء العميق" للقيم الديمقراطية الغربية، والإيمان الذي لا يتزعزع بسيادة الدولة على الحريات الفردية، وفق تعبير الصحيفة.

ولفتت الصحيفة إلى أن ملاحظة الرئيس الأمريكي جو بايدن حول افتقار شي جين بينغ إلى "ذرة من الديمقراطية" تنطبق بالقدر نفسه على بوتين.

وخلصت إلى القول إن هذه النظرة المشتركة للعالم تترافق مع مصالح متضاربة في بعض الأحيان؛ الأمر الذي يعزز الشراكة المعقدة بين الزعيمين.

Advertisements