محمد الرخا - دبي - الخميس 9 مايو 2024 11:21 مساءً - تدخل المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة في أول أفلامها الروائية الطويلة "ثلاثة" إلى عوالم دراما الرعب المُعَشَّقة بالعوالم النفسية، وذلك من خلال استعراض علاقة "مريم" بطفلها "أحمد"، بعدما اكتشفت أن تصرفاته غريبة بشكل كبير؛ الأمر الذي يدفعها لتفكر بأن هناك قوى غامضة تسيطر عليه، ومع تصاعد الأحداث وتوترها، تسعى "مريم" للحصول على مساعدة من دكتور بريطاني وأطباء آخرين في محاولة لإنقاذ ابنها.
الفيلم المشارك في مهرجان أفلام السعودية من تأليف "بن وليامز"، ويتقصى في ثناياه قضايا الصحة العقلية، ومدى ضرورة اللجوء إلى الأطباء النفسيين للعلاج، وكأنه محاولة لتكسير الصورة النمطية الموجودة لدى كثير من العائلات من أن من يزور عيادة الطبيب النفسي هو بالضرورة يعاني الجنون.
"ثلاثة" هو من بطولة الممثل البريطاني "جيفرسون هول" بشخصية الطبيب النفسي، وتم اختياره بحسب تصريح سابق للمخرجة الخاجة بسبب إعجابها الشديد بأدائه لمثل هذه الشخصية في أفلام من مثل "بيت التنين"، و"هالاوين"، وأوضحت أن وجوده شكَّل دافعاً قوياً في تحفيز الممثلين الإماراتيين للعمل على الارتقاء بأدائهم للوصول إلى مستوى رفيع من فن الممثل والأداء السينمائي الهادئ.
وشارك في الفيلم إلى جانب "هول" الممثلة "فاتن أحمد" بشخصية الأم، وسعود الزرعوني، نورة العابد، بالتعاون مع الممثل الكبير مرعي الحليان، واستطاعت من خلالهم تحقيق توليفة خاصة تحرك خيال ومشاعر المتفرجين، لاسيما في ظل تعزيز البعد النفسي لشخصياتها، والارتكاسات النفسية التي أصابتهم على مدار الشريط السينمائي، خاصةً شخصية "مريم" في سعيها الحثيث لإنقاذ ابنها.
فيلم "ثلاثة" يعالج مشكلة الرعب النفسي لدى الأم بعلاقتها مع تصرفات ابنها وصحته، خاصةً في ظل ما تعيشه من تضارب بين المعتقدات الدينية المرتبطة بأنواع الجنّ والمرجعيات الطبّية المتعلقة بالجوانب النفسية، وذلك ضمن رحلة في عالم الطفل الذي يعاني من أمراض نفسية ناجمة عن الخلل العائلي الذي نشأ فيه في غياب الأب، ونقص الحنان وفقدان نموذج يقتدي به في المنزل.
ويركز الفيلم أيضاً على أن النفس تتعب كما الجسد، وأن هناك تراكمات في نفس كل إنسان، تؤدي إلى اعتلاله نفسياً، لذلك يجب التخلص منها، وهذا يتطلب زيارة طبيب مختص أو خبير في مجال علم النفس. كما يستعرض الشريط السينمائي اختلاف الثقافات بين الغرب والشرق تجاه التعاطي مع الأمراض النفسية، من خلال شخصية الطبيب الأجنبي الذي يعيش تفاصيل الحياة ضمن عائلة إماراتية ليستطيع علاج الطفل.
واستطاعت المخرجة الإماراتية باستخدام أعلى التقنيات السينمائية، ومن خلال رصد نفسي دقيق، أن تحقق حيوية خاصة وتشويقاً من النوع الممتاز، عبر الإمعان في موضوع الرعب النفسي وما يحققه من تعاطف كبير مع محبي هذا النوع السينمائي.