الارشيف / عرب وعالم

"أساطير شخصية".. كيف صنع "الزي الرجالي" أسطورة أم كلثوم؟

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

محمد الرخا - دبي - الخميس 9 مايو 2024 10:06 صباحاً - يذهب الكاتب محسن عبد العزيز في كتابه "أساطير شخصية" إلى أن الشخصيات العظيمة التي صنعت الفارق في الأدب والتاريخ والفن والسياسة، كانت محكومة بـ "أسطورة خاصة " صنعت مستقبلها ورسمت ملامح عبقريتها حتى دون أن تعي هى ذلك.

ويستشهد في الكتاب الصادر أخيرا عن دار "بيت الحكمة " بالقاهرة بمقولة للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه يؤكد فيها أن هناك حادثة متكررة تعود من آن إلى آخر في حياة كل عبقري، تبتعد وتقترب، ترتخي وتشتد كحبل تمشي عليه الشخصية في كل الأحوال حتى تتحقق الأسطورة التي ظهرت بوادرها في الطفولة.

ويطبق المؤلف منهجا جديدا في فهم وتحليل الشخصيات على عدد من رموز التاريخ المصري والعربي، ومنهم كوكب الشرق أم كلثوم، التي يرى أن كل شيء كان جاهزا لصناعة أسطورتها، فمصر محتلة، والغناء هابط للغاية من ناحية الذوق العام، والشباب يتم إرساله إلى ساحات الموت في الحرب العالمية الأولى، حيث لا ناقة لهم ولا جمل، والحزن يخيم على البيوت.

وأراد والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي أن يصطحبها معه للغناء في الموالد والأفراح، فجعلها ترتدي زي الصبية وكأنها "ذكر" وجمعت شعرها خلف كوفية؛ لأن الإنشاد في السرادقات كان حكرا على الرجال في بدايات القرن العشرين.

صورة نادرة لأم كلثوم مع والدها أرشيفية

ويوضح المؤلف كيف استمر ظهور أم كلثوم بالزي الرجالي سنوات عديدة منذ الطفولة المبكرة، مرورا بالمراهقة حتى بواكير الشباب، ليصبح هذا الزي الأسطورة التي حكمت مجرى حياة سيدة الغناء العربي منذ ميلادها 1898 وحتى وفاتها في 1975. لم يكن مجرد زي وإنما أكسبها دون أن تدري صفات الرجال مثل الكلمة النافذة، وعزة النفس، وقوة الاحتمال، وسطوة الشخصية، وجلد الباحثين عن الرزق، ومثابرة الحالمين بالمجد، فضلا عن الكبرياء والكرامة.

دعكتني هذه السنوات وصقلت موهبتي، وجعلتني أكثر جلدا واحتمالا، وعلمتني أن الطريق أمام من يريد الوصول طويل

أم كلثوم في طفولتها

أم كلثوم في طفولتها متداولة

كان والدها يضعها في قلب الأسطورة دون أن يدري، علمها جلد الرجال وهي صبية صغيرة تمشي معه على الطريق الزراعية عشرة كيلومترات تحت شمس الصيف الحارقة، أو تقبع بصحبته 12 ساعة على رصيف المحطة انتظارا للقطار القادم.

وتقول أم كلثوم حول تلك التجربة " لقد دعكتني هذه السنوات وصقلت موهبتي، وجعلتني أكثر جلدا واحتمالا وعلمتني أن الطريق أمام من يريد الوصول طويل ..طويل".

استمر تعامل الشيخ إبراهيم البلتاجي مع ابنته كأنها ولد يجب أن يتسم بالجلد وقوة الشخصية والاحتمال، لينعكس في أشياء أخرى كثيرة، فقد كان أول من اكتشف موهبتها وتعهد صوتها بالرعاية، فكان يفرض عليها كل صباح تمرينات صوتية عنيفة في الابتهالات والتواشيح، لتقوية صدرها ورئتيها وأحبالها الصوتية. وبعد التدريب العنيف كان يكافئها بكوب من اللبن الممزوج فيه بيض نيء وحلوى "السكر النبات".

Advertisements