محمد الرخا - دبي - الأحد 5 مايو 2024 07:10 مساءً - بعد عرض فيلم "بين الرمال" لمؤلفه ومخرجه محمد العطاوي في إطار فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ومنحه جائزة لجنة التحكيم الخاصة، يشهد الشريط السينمائي عرضه الجماهيري الثاني في مهرجان الأفلام السعودية لينافس أمام 7 أفلام روائية أخرى على جائزة النخلة الذهبية.
قصة الفيلم مقتبسة من أحداث حقيقية حصلت، العام 1927، في السعودية، وتحمل في جوهرها روح البيئة، وعلاقات البشر وطباعهم المتأثِّرة بجبروت الصحراء وتنوُّعها، وكثافة معانيها، وقدرتها على ملامسة النبض الإنساني العالمي.
بطل الشريط السينمائي هو تاجر تبغ يدعى سنام (يجسده الفنان السعودي رائد الشمري) يفترق عن قافلته ليسلك طريقًا أسرع، لكن سرعان ما تتحول رحلته إلى محاولة للنجاة، مرة من قُطّاع طرق أرادوا قتله ونهب ما يملك، ليجد نفسه وحيدًا وتائهًا وسط الرمال، لذا يتعيّن عليه الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة.
وفي مرة أخرى كان عليه أن ينجو من ذئب شرس يطارده، لكنه بشجاعة وحنكة استطاع مصاحبته بعدما رأى أنه أرأف به من أولئك البشر، أي أنه لا يواجه المصاعب فقط وإنما يواجه أفكاره الخاصة.
رغبة سنام بالعودة إلى قريته تعزز دراميًا بسبب أن زوجته ستلد قريبًا مولودها الأول، لذلك فإن "بين الرمال" في حكايته الأصيلة يقدم أيضًا مفهوم الأبوة من منظور مختلف، ليس بصفتها علاقة بيولوجية محضة، ولا هي مجرد علاقة مع شخص آخر، ولكن باعتبارها رحلة لاكتشاف الذات والنضج، ليصبح انتظار الأبوة عند بطل الفيلم بمثابة محاكاة نفسية واجتماعية ودينية لما يمكن أن يصبح نموذجًا يحتذي به الجميع.
وبرؤية سينمائية جاذبة، تواكب كاميرا المخرج العطاوي التوازن المتين في الكينونة الخاصة لكل من البشر والصحراء، وإضافة لذلك يعزز المتناقضات بين الطمأنينة والقلق، الأمان والخوف، وذلك حسبما جاء على لسان إحدى شخصيات الفيلم "الأمان مثل الماء الكل يبيه لكن ما تلقاه في الصحراء"، وبين الحياة والموت، الانتظار والوصول، ومن ذلك ما حكته إحدى الشخصيات "الطريق إللي تحكي عنه.. حتى الأفاعي فيه تموت".
ويُظهر الشريط السينمائي قدرة الممثلين السعوديين على التماهي مع شخصياتهم، ابتداءً من "الشمري" الذي تم اختياره من بيئة شمال المملكة حيث تدور الأحداث، إلى جانب أضوى فهد، ومهند الصالح، وفاطمة الشريف، وعبيد الودعاني، الذين جسدوا قيم شخصياتهم بأبعادها النفسية والجسمانية باقتدار.
وفي حوار سابق، اعتبر المخرج محمد العطاوي أن اختيار المواقع خطوة مهمة خلال مراحل تصوير الفيلم، مبينًا أن "نيوم" كانت مثالية لتصوير فيلمه، نظرًا لما توفره من المناظر الطبيعية الفريدة التي تتميز بها وتتناغم مع حكاية وأحداث الفيلم.
وأشار المخرج السعودي إلى أن تاريخ المملكة العربية السعودية وثقافتها يتميزان بثروة لا تقدّر بثمن، مغمورة تحت الرمال، وأنه من خلال هذا الفيلم يسعى إلى إبراز هذا الكنز، وفق رؤية خاصة تصور الصحراء على أنها نابضة بالحياة، وذلك وفق منظور إبداعي يكشف عن أصالتها وسحرها الحقيقي، وجمالها الغامض.
يذكر أن فيلم "بين الرمال" هو الإنتاج السينمائي الأول لشركة "السارد فيلمز"، كما أنه أول شريط سينمائي سعودي يحظى بدعم لوجيستي كامل من قطاع الإنتاج الإعلامي في نيوم، وتم اختيار وتمويل الفيلم من هيئة الأفلام السعودية بعد فوزه في مسابقة "ضوء لدعم الأفلام" التي تنظمها الهيئة.