الارشيف / عرب وعالم

"نيويورك تايمز": علاقة الهند والصين تؤثر على حملة مودي الانتخابية

محمد الرخا - دبي - الأحد 14 أبريل 2024 02:13 مساءً - قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، "بينما يسعى ناريندرا مودي لولاية ثالثة كرئيس للوزراء في الهند، فإن ثمة قطيعة تلوح في الأفق مع الصين تتعلق بإحدى ركائز حملة مودي الانتخابية وهي جعل الهند قوة كبرى".

وأضافت الصحيفة، أن مودي كان ذات يوم ينظر إلى الصين باعتبارها تحظى "بمكانة خاصة" في قلبه وباعتباره زعيمًا هنديًّا صديقًا للأعمال، فقد سافر مودي إلى هناك مرارًا وتكرارًا لجذب الاستثمار ورؤية كيف يمكن لبلاده أن تتعلم من التحول الاقتصادي الذي يجرى في الصين المجاورة.

واستدركت: "لكن بعد فترة وجيزة من تولي مودي منصب رئيس الوزراء في عام 2014، أوضحت الصين أن العلاقة لن تكون بهذه السهولة، فبينما كان يحتفل بعيد ميلاده الثالث والستين من خلال استضافة الزعيم الصيني شي جين بينج، كان المئات من عناصر القوات الصينية يقتحمون الأراضي الهندية في جبال الهيمالايا؛ ما أشعل فتيل مواجهة دامت أسابيع بين البلدين".

وأشارت الصحيفة، إلى أنه وبعد مرور عقد من الزمن، انقطعت العلاقات بين الدولتين الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم بشكل شبه كامل، وتحولت التوغلات الحدودية المستمرة بينهما إلى اشتباك عنيف، وفي عام 2020 هدد ذلك بأن يؤدي إلى حرب شاملة.

ورأت، أن مودي الرجل القوي الذي يسيطر على كل مقاليد السلطة في الهند والذي وسّع علاقاته مع العديد من البلدان الأخرى في العالم يبدو عاجزًا على نحو غير معهود في مواجهة هذه القطيعة مع الصين.

وأضافت أنه وبينما يسعى مودي لولاية ثالثة في الانتخابات التي تبدأ يوم الجمعة، فإن التوترات بين البلدين تؤثر بشكل كبير على السردية الشاملة لحملته الانتخابية والمتعلقة بجعل الهند قوة عالمية كبرى، إذ تلوح الصين في الأفق كمنافس شرس.

وتابعت الصحيفة "وفي الفناء الخلفي للهند في جنوب آسيا، فقد استخدمت الصين مواردها الهائلة التي جنَتها من  ثمار الإصلاحات الاقتصادية التي أدخلتها الهند قبل عقود من الزمن إليها لتحدي التفوق الهندي، والتودد إلى الشركاء من خلال صفقات مشاريع البنية الأساسية والوصول إلى الموانئ الإستراتيجية".

وأكدت أن كلًّا من الصين والهند تتنافسان على قيادة الدول النامية في ما يسمى بالجنوب العالمي، وأنه عندما استضافت الهند قمة مجموعة العشرين في العام الماضي، لإظهار دعمها للدول الفقيرة، تخطى الرئيس الصيني شي جين بينغ الحدث، وكانت الصين أيضًا بمثابة عقبة رئيسة في حملة الهند للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وفي هذا الصدد، نقلت عن نيروباما مينون راو، سفيرة الهند السابقة لدى الصين والولايات المتحدة قولها "نحن اليوم، أمام الهند التي ربما لم ترها من قبل في كثير من النواحي، وأعتقد أن الصينيين يدركون ذلك بشكل متزايد، وما زالوا يرغبون في سحبنا إلى الأسفل، وإقامة الحواجز".

وبحسب الصحيفة، فإن انفصال الهند عن الصين أتاح للدول الغربية فرصة توسيع العلاقات الدفاعية والاقتصادية مع نيودلهي، وهو تطور محزن بالنسبة لبكين.

وقد وقعت الهند سلسلة من الاتفاقيات مع الولايات المتحدة العام الماضي لتعزيز التعاون العسكري، كما اقتربت الهند من العضوين الآخرين في ما يسمى "الرباعية" وهما أستراليا واليابان، حيث تعمل هذه المجموعة على مواجهة استعراض القوة الصينية.

وأشارت إلى أن الهند ترى في بحث الولايات المتحدة وأوروبا عن بدائل للصين كمكان لتصنيع منتجاتها فرصة بالنسبة لها وقد كان أحد النجاحات المبكرة هو الزيادة الحادة في إنتاج أجهزة iPhone في الهند.

في المقابل، لا تزال الصين تشكل مخاوف كبيرة بالنسبة للهند؛ حيث يبلغ حجم الاقتصاد الصيني نحو خمسة أضعاف حجم الاقتصاد الهندي، وتظل الصين ثاني أكبر شريك تجاري للهند (بعد الولايات المتحدة)، حيث تصدر إلى الهند نحو ستة أضعاف ما تستورده.

كما وتنفق الصين أكثر من ثلاثة أضعاف ما تنفقه الهند على جيشها؛ ما يمنح قواتها ميزة كبيرة في البر والبحر والجو.

وتقول الصحيفة إن الجيش الهندي، الذي ناضل لفترة طويلة من أجل تبني التحديث، مضطر الآن إلى أن يكون جاهزًا للصراع على جبهتين، مع الصين في شرق الهند ومنافستها اللدودة باكستان في غربها.

وفي هذا الصدد، أفادت الصحيفة بأن عشرات الآلاف من القوات من كل من الهند والصين لا تزال في حالة حرب على أعلى مستوى في جبال الهيمالايا بعد أربع سنوات من اندلاع المناوشات القاتلة بين البلدين في منطقة لاداخ الشرقية المتنازع عليها، حيث يعمل كلا البلدين على تعزيز وجودهما العسكري هناك .

وأردفت الصحيفة: "فشلت ما يقرب من عشرين جولة من المفاوضات بين البلدين في التوصل إلى فك الارتباط، ورغم أن المعارضة السياسية الهندية حاولت تصوير مودي على أنه ضعيف في مواجهة هذا التعدي الصيني، فمن غير المرجح أن تلحق التوغلات الحدودية به ضررًا سياسيًّا كبيرًا، نظرًا لنقص التغطية الإخبارية من وسائل الإعلام الهندية المتعاطفة مع مودي إلى حد كبير".

ومنح مودي، الأولوية للبنية التحتية الحدودية والتحديثات العسكرية، وخصص لها مليارات الدولارات في الوقت الذي لا تزال فيه الهند تكافح لتغطية الاحتياجات الأساسية لسكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.

وتقوم حكومة مودي بوضع خطط لإعادة إسكان مئات القرى الحدودية كخط دفاع ثانٍ ضد التهديد المستمر للتعدي الصيني.

وأوردت الصحيفة ما ذكره إس جايشانكار، وزير الشؤون الخارجية في حكومة مودي، مؤخرًا، حيث اعترف بأنه لا توجد "إجابات سهلة" للمعضلة التي تفرضها الجارة العدوانية للهند، مضيفًا “أنهم يتغيرون، ونحن نتغير فكيف نجد التوازن؟".

توترات تاريخية

في كتاب نُشر عام 2020، كتب جايشانكار أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين تحدد "الخلفية العالمية" لخيارات الهند في "عالم للجميع ضد الكل".

وكتب أن طموحات الهند كقوة كبرى تتطلب القيام بالعمل على معادلة سحرية، هي: "إشراك أمريكا، وإدارة الصين، وتنمية أوروبا، وطمأنة روسيا".

وتؤكد الصحيفة أن صعود الهند كاقتصاد ضخم ونامٍ سمح لها بالحفاظ على مكانتها من خلال العمل مع أي شريك يمكنها الاستفادة منه في عالم قائم على الاستقطاب وعدم الوضوح.

وتابعت: "حتى مع قيام الهند بتوسيع علاقاتها الدفاعية مع الولايات المتحدة ومضاعفة التجارة الثنائية بينهما على مدى العقد الماضي، إلى نحو 130 مليار دولار من السلع وحدها، فإنها قاومت أيضًا الضغوط الأمريكية لإعادة النظر في علاقاتها القوية مع روسيا، كما عملت الهند على تعميق علاقاتها مع أوروبا والشرق الأوسط أيضاً؛ وبلغ حجم التجارة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وحدها 85 مليار دولار".

وختمت الصحيفة بالقول، إن الهند تظل حذرة من أن تصبح بيدقًا في صراع الغرب مع بكين، إذ لم تنس تاريخها الفاتر مع الولايات المتحدة، فقد أصبحت الصين محط تركيز لا مفرَّ منه بعد أن كانت تشكل تهديدًا ثانويًّا لقسم كبير من تاريخ الهند الحديث.

Advertisements