محمد الرخا - دبي - الجمعة 5 أبريل 2024 05:22 مساءً - تتوالى القرارات والإجراءات الضاغطة على كل ما هو مرتبط بمفاصل الاقتصاد الروسي، آخرها القرار الذي اتخذته البنوك في قرغيزستان بتوقيف تعاملها مع بطاقات "مير" الروسية وهي بطاقة دفع وصراف آلي شبيهة بنظام "فيزا كارد وماستر كارد".
وبررت سلطات قرغيزستان قرارها بتجنب العقوبات الغربية.
وسبق ذلك إجراء مشابه من أرمينيا، حيث توقفت البنوك الأعضاء في نظام الدفع "أر كا" في أرمينيا عن خدمة بطاقات "مير"، من أجل تجنب العقوبات الثانوية، فيما تتوقع موسكو أن البنوك في بيلاروسيا وطاجيكستان قد تتوقف أيضًا عن التعامل بهذه البطاقات.
ووصف الكرملين على لسان المتحدث باسمه دميتري بيسكوف، رفض البنوك الأجنبية قبول بطاقات "مير" الروسية، بأنه يأتي "نتيجة للضغوط والتهديدات السافرة من الولايات المتحدة".
ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي الروسي سيرغي كانينيكوف، "إن ما يجري متوقع، ولاشك أن الغرب يحاول تضييق الحلقة الاقتصادية على عنق موسكو".
وأشار في حديثه لـ"الخليج 365" إلى "أن الأمر لا يقتصر على التعامل ببطاقات مير، بل هناك بعض الدول كتركيا بدأت بنوكها برفض فتح حسابات للمواطنين الروس، وهذه أزمة بحد ذاتها، خاصة أن تركيا كانت تعتبر المنفذ للتعاملات المالية الخاصة بالتجار الروس منذ عام 2022".
وأضاف "بحسب المعطيات التي تنشرها المواقع الاقتصادية فإن أكثر من 50% من المعاملات التجارية التي تم تنفيذها بين روسيا وعدد من الدول تمت عبر بنوك تركية، دون الإفصاح عن تفاصيلها تجنبا للعقوبات، لكن الآن هناك توجه لإيجاد طرق بديلة فلم يعد من الممكن الاستمرار بهذه السياسة لأن البنوك التركية ستتعرض للعقوبات في حال استمرت".
ويتابع الباحث في الشأن الاقتصادي الروسي في سياق المصاعب المترتبة على هذا التضييق"أن بعض التجار الروس بدأوا بالانتقال إلى الطرق القديمة بتسليم الأموال نقدا إلى الموردين لكن هذه الطريقة نوعا ما غير قانونية، حيث لا بد من وجود بنوك ضامنة للمعاملات التجارية، وايضا هذه الطريقة، ممكن أن تنجح في إطار المعاملات التجارية الصغيرة".
وخلص كانينيكوف إلى القول" على ما يبدو أن أمام المؤسسات الاقتصادية الروسية مهمة صعبة الآن، لكن أنا متأكد من أن الإدارة الاقتصادية للبلاد ستجد مخارج منطقية، كما نجحت في إدارة الأزمة الاقتصادية مع بدء فرض العقوبات المتتالية منذ عام 2014 وصولا إلى يومنا هذا".
مخارج موسكو
وحول ما قد تفعله روسيا إزاء هذه التضييقات يؤكد الباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية بيتر إيفجينيفيتش، أن الامر معقد إلى حد ما ويتطلب اجراءات سريعة ودقيقة.
وأوضح في حديثه لـ"الخليج 365"، أن " التضييق ليس حديث العهد بل مستمر منذ اندلاع الصراع في أوكرانيا، لكن الأمر له أبعاد سياسة وعسكرية وليس فقط اقتصادية".
ويضيف" إذا نظرنا إلى الإجراءات الروسية لتخفيف هذه الضغوطات فالبنك المركزي الروسي قد بدأ فعلا وبعد توقف الدول عن التعامل مع بطاقة مير على توسيع شبكة الصرافات الآلية التابعة للبنوك الروسية في بعض الدول وفروع البنوك الروسية في العديد من الدول، أي يمكن لأي مواطن روسي يحمل بطاقة بنك تعمل بنظام مير، أن يذهب للصرافات الآلية التابعة للبنوك الروسية ويسحب منها الأموال".
وقال إن مثل هذا الاجراء يمكن الروس من التعامل مع حساباتهم وبنفس الوقت تعفي روسيا بنوك الدول الأجنبية من خطر العقوبات".
وينوه الباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية إلى أن "التخوف الوحيد من هذه الطريقة هي تهديد الدول بضرورة إغلاق الفروع البنكية الروسية لديها، هنا الأمر يتعدى العقوبات الاقتصادية ويدخل في سياق الضغط السياسي فقانونياً، البنوك الروسية المتواجدة في هذه الدول لا تتعامل بشكل مباشر مع البنوك الأجنبية لذلك كيف يمكن الضغط على البنوك المحلية، لكن يمكن للغرب أن يضغط على إغلاق الفروع الروسية من المدخل السياسي كما أوضحت".
ويتابع إيفجينيفيتش، في حديثه حول توسيع شبكة البنوك الروسية في الخارج، أن" هذه الطريقة تعاملت بها إيران من قبل ونجحت نوعا ما في تخفيف الضغوط وإجراء المعاملات البنكية بسهولة، فالمصدر والمستورد في أي دولة يمكنه الذهاب للبنك وإجراء العملية التجارية دون الارتباط باي نظام مالي أجنبي وبعيدا عن أعين الغرب، لذلك أتوقع أن تشهد الشبكات البنكية الروسية توسعا كبيرا في المرحلة القادمة لأن هذا التوسع سيشكل مخرج هام للعوائق الغربية ".
أبعاد سياسية وعسكرية
وفي العودة إلى أبعاد الضغوطات الغربية، يتابع الباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية بيتر إيفجينيفيتش، أن"الشق الآخر من هذه الضغوطات يأتي انعكاسا لما يجري على الساحة السياسية والعسكرية المتعلقة بالصراع في اوكرانيا".
ويضيف: "الغرب يحاول الانتقام من روسيا نتيجة فشل مخططاته العسكرية على الأراضي الأوكرانية، وهزيمة روسيا، ويضاف إلى ذلك التقدم الروسي الذي يحرزه الجيش على الجبهة. هذا ما يبرر رفع الضغوط يعني باختصار حيلة المهزوم".
أما عن البعد السياسي فيشير إيفجينيفيتش إلى أن " محاولة عزل روسيا عن العالم هي الأخرى لم تنجح بل على العكس ما زالت موسكو تسير طبقا لبرنامجها وهو التوجه شرقا".