محمد الرخا - دبي - السبت 9 ديسمبر 2023 01:04 صباحاً - وسط التحديات والمستجدات على الساحتين الإقليمية والعالمية، تسعى مصر إلى تطوير الصناعات العسكرية والدفاعية، بما يسهم في دعم الأمن القومي وتنويع الأسلحة التي يمتلكها الجيش المصري، والانفتاح على ثقافات عسكرية جديدة، وتحقيق استفادة اقتصادية كبيرة، كما يقول محللون عسكريون لـ"الخليج 365".
ونظمت مصر الدورة الثالثة من "المعرض الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية" (إيديكس 2023)، في الفترة الممتدة من 4 حتى 7 ديسمبر/كانون الأول الحالي، بمشاركة أكثر من 400 جهة عالمية، تم خلاله عرض عدد من الأسلحة والذخيرة المصرية المصنعة والمجمعة محليًا للمرة الأولى.
أولوية قصوى
يُعدُّ الاهتمام الكبير بالصناعات العسكرية وتطويرها في مصر من أهم القضايا على أجندة الدولة المصرية، في ظل الحاجة إلى تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي، وفي الوقت نفسه هناك محاولة لتعزيز التعاون بين الدول، في مختلف المجالات.
معرض إيديكس 2023الخليج 365
ووفقًا للباحث المتخصص في الشؤون العسكرية، أحمد حسن نصير، فإن الدولة المصرية وضعت الصناعات العسكرية أولوية قصوى على أجندتها في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها، إضافة إلى المستجدات الإقليمية والدولية.
وقال، في حديث خاص لـ"الخليج 365"، إن الظروف الإقليمية تحتم على الدولة المصرية تعزيز الأدوات العسكرية لديها، لافتًا إلى أن ذلك يترجم في ظهور منظومة متكاملة لا تتوقف عند حدود امتلاك الأسلحة بل تتجاوزها إلى حد التصنيع المحلي.
وكانت الهيئة العربية للتصنيع قد كشفت، خلال معرض "إيديكس 2023"، عن "عائلة حافظ" من الذخائر الجوية، التي تمتلك قدرة على اختراق الخرسانة المسلحة حتى 180 سم، وتصل أوزانها إلى ألفي رطل، وجرى إنتاجها بالشراكة مع القوات الجوية، بالإضافة إلى عربة فض الشغب المصفحة "قادر -1" التي توفر مستوى حماية "B4"، وجرت إضافة تجهيزات لها طبقًا لما تتطلبه احتياجات وزارة الداخلية المصرية، مع امتلاك القدرة على تنفيذ أي تجهيزات وفقًا لرغبة العملاء، بحسب الهيئة.
وأنتج "مصنع 200 الحربي" راجمة الصواريخ "رعد 200" المزودة بمحرك بقوة 385 حصانًا وتحمل قاذف صواريخ 122 مم، ويتم التحكم داخليًا فيها بشكل إلكتروني من الكابينة، وهي صناعة مصرية بالشراكة مع ثلاث شركات تابعة لوزارة الإنتاج الحربي.
تنويع مصادر الأسلحة
من جانبه، يرى خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، اللواء محمد عبد الواحد، أن تدشين مثل هذه المعارض يهدف في الأساس إلى خلق حالة توافقية بين مختلف الحضارات والثقافات، عبر تعزيز التعاون بين عدد كبير من الدول في ظل مشاركة أكثر من 400 شركة، موضحًا أن الدولة المصرية لن تقف عند حدود الاكتفاء الذاتي، بل تسعى دائمًا نحو توسيع علاقاتها مع دول العالم، في ظل رؤية أوسع وأشمل للعديد من القضايا الدولية والإقليمية.
وأشار عبد الواحد، في حديث لـ"الخليج 365"، إلى أن مصر اعتمدت منهجًا يقوم على التعددية في إدارة علاقاتها الدولية في مختلف المجالات، وعلى رأسها الصناعات العسكرية، وهو ما بدا في التحول من الاعتماد على مصدر واحد في التسليح.
وكانت مصر تعتمد في تسليح جيشها على الاتحاد السوفيتي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ثم تحوّلت إلى الغرب في السبعينيات، واتجهت في السنوات الأخيرة نحو تنويع مصادرها.
استعراض القدرات
وعن أهمية تنظيم مصر للمعرض، يقول عبد الواحد إن "إيديكس" يفتح المجال أمام مصر لتبيان قدرتها الكبيرة في الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى التعرف على التقنيات الحديثة التي تمتلكها الدول الأخرى في هذا المجال، لافتًا إلى أن مثل هذه المعارض تفتح الباب أمام صفقات من شأنها توطين التكنولوجيا الحديثة، وتطوير الصناعات العسكرية المصرية بصورة كبيرة، ما يجعل مصر أحد أهم مراكزها في المنطقة العربية والأفريقية.
ما الذي ستجنيه مصر من استضافة معرض "إيديكس" العسكري؟
وأضاف أن الصفقات التي يمكن تحقيقها من خلال معرض مماثل تتمثل في القدرة على تصدير خبراتها في مجالات عدة؛ أبرزها مكافحة الإرهاب، عبر تدريب الكوادر والفرق المخصصة في هذا المجال، خاصة بعد النجاحات المتتالية التي تم إحرازها في السنوات الماضية.
تحدي الظروف الدولية والإقليمية
وفي ما يتعلق بالرسائل التي قدمتها مصر عبر تدشين هذا المعرض، يرى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء عادل العمدة، أن أهمها إظهار قدرة الدولة على تحدي الظروف الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى عرض ما تمتلكه من منظومة ردع عسكرية قادرة على التصدي للمخاطر المحيطة والتهديدات مهما بلغت قوتها وخطورتها.
وأضاف أن المعرض شهد زخمًا كبيرًا بفضل الحضور الدولي رفيع المستوى، ووجود عدد كبير من كبار المسؤولين العسكريين، في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لإجراء الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يعكس قوة الدولة المصرية.
فرص استثمارية
وبشأن الأهمية الاقتصادية للمعرض، عدّد الباحث الاقتصادي، سامح عبد العزيز، المكاسب الاستثمارية التي حققها، إذ أشار إلى أن المعرض من شأنه تحويل مصر إلى بوابة للأسواق الإقليمية والعالمية في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية.
وأضاف، في تصريح خاص لـ"الخليج 365"، أن المعرض سيوفر فرصًا متعددة لنمو العلاقات الاستثمارية في مجال التسليح والصناعات العسكرية مع الدول ذات الثقل الكبير في التصنيع العسكري.