مدرسة تعتمد على الذكاء الاصطناعي كبديل للمعلمين..فهل نحن مستعدون للتغيير؟ - موقع الخليج الان

نعرض لكم متابعينا الكرام أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: مدرسة تعتمد على الذكاء الاصطناعي كبديل للمعلمين..فهل نحن مستعدون للتغيير؟ - موقع الخليج الان المنشور في الاثنين 9 سبتمبر 2024 05:26 مساءً

Advertisements

شهد مجال التعليم تحولًا جذريًا مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي هذا السياق، أطلقت مدرسة (ديفيد جيم كوليدج) David Game College، برنامجًا جديدًا مخصصًا لطلاب الشهادة الثانوية يحمل اسم (Sabrewing)، يُدرسه الذكاء الاصطناعي بالكامل، دون الحاجة إلى معلمين.

إذ سيشهد هذا البرنامج مشاركة 20 طالبًا من طلاب الشهادة الثانوية في فصل دراسي يستخدمون فيه مزيجًا من منصات الذكاء الاصطناعي في حواسيبهم ونظارات الواقع الافتراضي لتوجيه مسار دراستهم بدلًا من المعلمين.

ويهدف هذا البرنامج إلى تقديم تجربة تعليمية مخصصة لكل طالب على حدة، إذ سيقوم نظام الذكاء الاصطناعي بتقييم نقاط قوة الطلاب وضعفهم، ويصمم خططًا دراسية تناسب كل طالب. وبفضل ذلك من المتوقع أن يتمكن الطلاب من تطوير مهاراتهم في جميع المجالات بوتيرة تناسب قدراتهم الفردية.

ولكن كيف يمكن ضمان جودة المحتوى التعليمي الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي، وهل نحن مستعدون لمستقبل دون معلمين؟

أولًا؛ ما منهجية التعلم في برنامج (Sabrewing)؟

صُمم برنامج (Sabrewing) لطلاب شهادة الثانوية العامة (GCSE)، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا، وسيبدأ هذا البرنامج يوم 23 من سبتمبر الجاري، وسيستمر لمدة عام واحد.

ويشمل المنهج الأساسي الرياضيات واللغة الإنجليزية والأحياء والكيمياء والفيزياء، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطلاب الاختيار بين علوم الحاسوب والجغرافيا والتاريخ، مما يسمح لهم بتخصيص دراستهم وفقًا لاهتماماتهم.

وسيتفاعل النظام مع كل طالب بشكل فردي، إذ سيُقيم أداءه في جميع المواد وينشئ مسارات تعلم شخصية تناسب مهاراته، كما يقدم شرحًا مفصلًا للمواضيع حسب الحاجة، ويمكن للطلاب طرح أسئلتهم على النظام والحصول على إجابات فورية، مما يجعلهم يشعرون بأنهم في حصة تعليمية خاصة بهم.

ثانيًا، كيف يمكن ضمان جودة المحتوى التعليمي الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي؟

لم تتخلَّ مدرسة (ديفيد جيم كوليدج) عن العنصر البشري في برنامج (Sabrewing)، إذ سيكون هناك فريق من (مدربي التعلم) الذين يتولون دورًا إشرافيًا في الفصل الدراسي.

ولكن لن يقوم هؤلاء المدربون بالتدريس التقليدي، بل تتمثل مهمتهم في مراقبة سلوك الطلاب، وتقديم الدعم اللازم، خاصة في المجالات التي تتطلب مهارات اجتماعية وإبداعية لا يمكن للذكاء الاصطناعي تغطيتها بالكامل، مثل: الفن والتربية الجنسية.

ويُعَدّ هؤلاء المدربون بمنزلة الجسر الذي يربط بين أساليب التدريس التقليدية والابتكارات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لضمان جودة المحتوى المقدم، مما يدل على أهمية العنصر البشري في العملية التعليمية.

ثالثًا، ما الأثر الإيجابي المتوقع لبرنامج (Sabrewing)؟

يرجع قرار تنفيذ برنامج (Sabrewing) في مدرسة (ديفيد جيم كوليدج) إلى الرغبة في استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي في التعليم، وتعتقد إدارة المدرسة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم تجربة تعليمية أكثر مرونة وتكيفًا مع احتياجات الطلاب.

ومن المتوقع أن يساهم هذا البرنامج في تحقيق العديد من الفوائد، منها:

  • تقديم تجربة تعليمية مخصصة تلبي الاحتياجات الفردية لكل طالب.
  • تحسين أداء الطلاب من خلال التحليل السريع لنقاط الضعف وتقديم الدعم اللازم.
  • زيادة اهتمام الطلاب بالتعلم، إذ تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في جعل التعلم أكثر متعة وتفاعلية.

وقد أكد جون دالتون، نائب مدير  المدرسة، أن نظام التعلم التكيفي المدعوم بالذكاء الاصطناعي يقدم حلًا لمشكلة اختلاف وتيرة التعلم بين الطلاب، فبدلًا من إجبار جميع الطلاب على مواكبة وتيرة التعلم نفسها، يتيح هذا النظام لكل طالب أن يتعلم بمعدله الخاص، مما يضمن حصوله على أفضل استفادة ممكنة.

كما يأتي هذا البرنامج في إطار توجه عالمي نحو إدماج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، وقد لاقى البرنامج ترحيبًا كبيرًا من الخبراء في مجال التعليم، مثل: رودولف إليوت لوخارت، الرئيس التنفيذي لجمعية المدارس المستقلة (ISA) في بريطانيا، الذي يرى أن البرنامج سيحقق نقلة نوعية في مجال التعليم. ومع ذلك، شدد لوخارت على أهمية إدماج التقنيات المتقدمة في الخبرات التربوية العريقة لضمان نجاح هذا المشروع الطموح.

رابعًا؛ أهم التجارب المشابهة لهذا البرنامج:

لا تُعدّ مدرسة (ديفيد جيم كوليدج) هي الجهة الوحيدة التي تدرك الإمكانات الكبيرة للذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين جودة التعليم العالي. فقد سبقتها جامعة ولاية أريزونا (ASU) في تبني هذه التقنية من خلال جعل (ChatGPT) جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية.

فقد تعاونت الجامعة في بداية هذا العام مع شركة (OpenAI) لتطوير نسخة مخصصة من روبوت (ChatGPT) تقدم دعمًا شاملًا للطلاب في مجالات متنوعة، بدءًا من كتابة الأوراق البحثية ووصولًا إلى تصميم الدراسات العلمية.

كما بدأت المدارس الابتدائية في مدينة (نيوارك) Newark، في نيوجيرسي العام الماضي بتجربة استخدام روبوت (Khanmigo)، الذي طورته أكاديمية خان، في الفصول الدراسية. وقد أكد المعلمون أن (Khanmigo) يمكن أن يكون مساعدًا مفيدًا في عملية التدريس، في حين شعر آخرون بالإحباط من ميل الروبوت إلى إعطاء إجابات سريعة، وأحيانًا إجابات غير صحيحة.

علاوة على ذلك، أجرى الباحثون العديد من الدراسات لاكتشاف مدى تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي وخاصة روبوت ChatGPT في أداء الطلاب، وقد أظهرت دراسة أن استخدام الطلاب المفرط لروبوت ChatGPT، يؤدي إلى ضعف الذاكرة وتراجع التحصيل الدراسي؛ وذلك لأن الروبوت قادر على تقديم استجابات سريعة عن أي تساؤلات تُطرح عليه، بغض النظر عن كون استجاباته جيدة أو سيئة.

كما أثبتت دراسة أخرى أن الطلاب الذين استخدموا ChatGPT للمساعدة في حل مسائل الرياضيات التدريبية حققوا نتائج أسوأ في اختبار الرياضيات مقارنةً بالطلاب الذين لم يستخدموا الروبوت قبل الاختبار.

خامسًا؛ ما التحديات التي تواجه برنامج (Sabrewing)؟

يمثل برنامج (Sabrewing) خطوة جريئة نحو مستقبل التعليم، ولكنه يواجه أيضًا مجموعة من التحديات وأبرزها التأثير السلبي في تفاعلات الطلاب الاجتماعية وتطورهم النفسي، إذ سيؤدي الاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي في البرنامج إلى نقص التفاعل الاجتماعي بين الطلاب وزملائهم والمعلمين، مما يؤثر في مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية.

علاوة على ذلك، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الدور الإنساني للمعلم في توفير الدعم العاطفي والنفسي للطلاب.

وقد حذر كارل ناب، عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة إنديانابوليس، من مخاطر الاعتماد الكلي على أنظمة الذكاء الاصطناعي في التعليم. وأوضح أن هذه الأنظمة مازالت تعاني مشكلة الهلوسة، التي تجعلها تقدم معلومات غير صحيحة، ومن غير المرجح أن يتحقق الطلاب من صحة كل ما يقدمه النظام. بالإضافة إلى ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى القدرة على فهم السياق الاجتماعي والانفعالي، وهو أمر ضروري لتقييم مدى استيعاب الطلاب للمعلومات.

الخلاصة:

يقدم الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة لتحسين التعليم، ومع ذلك لا يمكن أن يحل محل المعلم تمامًا. لذلك يُعدّ المستقبل المثالي، هو الذي يجمع بين أفضل ما في كلا العالمين، إذ أظهرت الدراسات الحديثة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة في عملية التعليم، ولكن لا يمكن أن يحل محل دور المعلم في بناء الجسور المعرفية لدى الطلاب.

لذلك، فإن الجواب على السؤال المطروح هو: نحن لسنا مستعدين بعدُ لمستقبل دون معلمين. ولكن يمكننا تحقيق نتائج أفضل من خلال تطوير أنظمة تعليمية هجينة تجمع بين أفضل ما في التكنولوجيا والتعليم التقليدي.

تم

أخبار متعلقة :