انتشرت في الآونة الأخيرة تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي بنحو كبير، وبدأت تُستخدم في العديد من المجالات، وتعتمد هذه التقنية على المعلومات التي يضيفها المُستخدم لإنشاء محتوى؛ إذ يمكن للمستخدم إدخال نص فتحولّه أداة الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى صورة أو مقطع فيديو أو تُنشئ نصًا طويلًا وغير ذلك. لكن هناك ما يُسمى بالذكاء الاصطناعي التنبئي (Predictive AI) الذي يختلف عن الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ إذ يعتمد على البيانات المخزنة، ويقدم توقعات، مثل: توقعات الطقس واتجاهات سوق الأسهم.

الذكاء الاصطناعي التنبئي موجود في العديد من المجالات ويستخدم في هواتفنا الذكية بنحو كبير، ومن الأمثلة الشائعة على استخداماته: النص التنبئي الذي تقترحه لوحة المفاتيح في أثناء الكتابة، والاقتراحات التي تقدمها التطبيقات حول المنتجات التي قد تناسبك بناءً على اختياراتك السابقة، وغير ذلك الكثير.

إليك المزيد من التفاصيل حول الذكاء الاصطناعي التنبئي وأبرز الأمثلة على استخداماته:

أولًا: ما الذكاء الاصطناعي التنبئي وكيف يختلف عن الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

يستخدم الذكاء الاصطناعي التنبئي (Predictive AI) معلومات من أشياء حدثت بالفعل ويقدم تنبؤات وتوقعات لما قد يحدث في المستقبل. ويعتمد على التعلم الآلي لتحديد الأنماط في الأحداث السابقة والتنبؤ بالأحداث المستقبلية، بعد تحليل المعلومات التي تجمعها الخوارزميات من مصادر متعددة. 

على سبيل المثال: تستخدم الشركات هذا النوع من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف انتهاكات البيانات المحتملة، ويمكن للهواتف الذكية تقديم اقتراحات في أثناء الكتابة لمساعدتك في الكتابة بدقة أكبر.

يستخدم الذكاء الاصطناعي التنبئي والتوليدي التعلم الآلي، لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي يحلل المعلومات المتاحة لإنشاء محتوى جديد بدلًا من استخلاص الاستنتاجات.

ويمكن لكلا النوعين من الذكاء الاصطناعي العمل معًا. على سبيل المثال: يمكن لخبير اقتصادي استخدام الذكاء الاصطناعي التنبئي لتحديد الركود القادم أو انهيار السوق. وفي الوقت نفسه، يمكنه استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للمساعدة في إنتاج أوراق بحثية أو محتوى آخر حول ما يجب فعله إذا حدث ذلك.

ثانيًا: أمثلة على الذكاء الاصطناعي التنبئي:

يُستخدم الذكاء الاصطناعي التنبئي في مجالات متعددة، وفيما يلي بعض الأمثلة على أبرز استخداماته:

1- النص التنبئي:

النص التنبئي (Predictive Text) من أبرز الأمثلة على الذكاء الاصطناعي التنبئي، فهذه الخاصية تحلل الكلمات التي تكتبها وتعتمد على سلوكك السابق لاقتراح كلمات لكتابتها، ويمكن أن تساعدك أيضًا في تصحيح الأخطاء الشائعة.

توجد هذه الخاصية في هواتف آيفون وأندرويد، فعندما تبدأ بالكتابة تقترح لوحة المفاتيح كلمات في الجهة العلوية، وهذه الكلمات هي الكلمات التي تستخدمها أنت عادةً، وإذا كتبت كلمة مع وجود خطأ إملائي تصحح هذه الخاصية الخطأ بنحو تلقائي.

2- تحديد التهديدات الأمنية المحتملة:

يُعدّ الأمن السيبراني من أهم المجالات التي يبرز فيها الذكاء الاصطناعي التنبئي ويمكن أن تساعد التحليلات التنبئية في حل الجرائم الإلكترونية بعدة طرق. 

ومن أبرز الأمثلة على استخدام هذا النوع من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمان عندما تتلقى بريدًا إلكترونيًا أو رسالة نصية تحذرك من تسجيل دخول غير عادي وتحثك على اتخاذ إجراء إذا لزم الأمر عند تسجيل الدخول إلى حساب أو محاولة استخدام بطاقتك المصرفية في مكان غير مألوف، ويمكن أن يؤدي طلب تغيير كلمة المرور الخاصة بك أيضًا إلى تحفيز مثل هذه الإشعارات.

3- الاقتراحات التي تقدمها التطبيقات:

أصبحت الهواتف الذكية والتطبيقات أفضل بكثير من قبل في تقديم التوصيات، ويرجع ذلك في حد كبير إلى الذكاء الاصطناعي التنبئي. على سبيل المثال: إذا كنت تستخدم منصة جوجل درايف، فقد ترى رسالة «غالبًا ما تُفتح في هذا الوقت تقريبًا» على المستندات الرئيسية التي تفتحها عادةً في وقت محدد.

وعند استخدام هاتفك الذكي، فسترى غالبًا أن التوصيات الخاصة بفتح التطبيقات والإجراءات الأخرى تتغير اعتمادًا على عاداتك في كل وقت من اليوم. وتعتمد التطبيقات على سلوكك لتقديم توصيات أفضل؛ فعلى سبيل المثال: إذا كنت تستخدم تطبيقًا معينًا لشراء الملابس فستلاحظ أنه يقدم توصيات لأنواع ملابس قد تعجبك بناءً على اختياراتك السابقة.

4- التوقعات الاقتصادية:

يبرز الذكاء الاصطناعي التنبئي أيضًا في عالم الاقتصاد والتمويل، ويمكن أن يساعد الاقتصاديين في التفكير في كيفية تغير الأسواق المالية بمرور الوقت. على سبيل المثال: استنادًا إلى البيانات التاريخية والشؤون العالمية الحالية، يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي توقع تغيّر أسعار صرف عملات معينة إذا كانت سترتفع أو تنخفض. 

5- اتخاذ قرارات العمل:

تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي التنبئي لاتخاذ قرارات وتوقعات أفضل للعام المقبل. ونظرًا إلى أن هذه التقنية تعمل بنحو جيد لقياس سلوكيات المستهلك، يمكن للشركات تحديد نجاح منتجاتها وعروضها الحالية بدقة خلال السنة أو كل 6 أشهر. ولسد الثغرات في السوق، يمكنهم أيضًا استخدام المعلومات التي يجمعونها لإطلاق واختبار منتجات جديدة.

وباستخدام هذه التقنية، يمكن للشركات أيضًا أن تقرر ما يجب تضمينه في الحملات الإعلانية. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم تحديد المجال الذي يجب أن يخصصوا فيه ميزانياتهم بنحو أكثر فعالية. 

تم