الارشيف / تكنولوجيا

أين وصل العلم في تكوين الأجنة داخل المختبر؟

محمد الرخا - دبي - الاثنين 5 سبتمبر 2022 10:00 مساءً - يحتاج تطور الجنين البشري بطريقة صحيحة إلى ”تناغم“ بين الأنسجة التي ستشكّله لاحقًا، وأنسجة أخرى تربطه بالأم.

وفي الأسبوع الأول بعد الإخصاب، تتطور ثلاثة أنواع من الخلايا الجذعية: أحدها سيكون أنسجة الجنين، والآخران يدعمان نموه.

وتُشتق منهما المشيمة التي تربط الجنين بالأم وتوفر الأكسجين والمواد المغذية، وكذلك الكيس المحي، حيث ينمو الجنين ويحصل على العناصر الغذائية في مراحل نموه المبكرة.

وتفشل العديد من حالات الحمل عندما تبدأ الأنواع الثلاثة من الخلايا الجذعية في إرسال إشارات ميكانيكية وكيميائية لبعضها بعضًا، لتوجيه عملية تطور الجنين.

أجنة اصطناعية

وكان باحثون في جامعة ”كامبريدج“ البريطانية نجحوا في تكوين أجنة نموذجية من الخلايا الجذعية للفئران، وتطورت في تلك الأجنة الاصطناعية جميع الأعضاء الطبيعية بما فيها القلب والدماغ.

وطور الفريق البحثي بقيادة البروفيسورة ”ماجدالينا زرنيكا جويتز“ نموذجًا للجنين بدون بويضات أو حيوانات منوية، واستخدم بدلاً منها الخلايا الجذعية، التي تستطيع أن تتطور إلى أي نوع من الخلايا.

وقام الباحثون بمحاكاة العمليات الطبيعية في المختبر من خلال توجيه الأنواع الثلاثة من الخلايا الجذعية الموجودة إلى النقطة التي تبدأ عندها عملية التخلق الجنيني.

وعلى عكس الأجنة الاصطناعية الأخرى، وصلت النماذج التي طورتها كامبريدج إلى النقطة التي بدأت فيها كل أجزاء الدماغ بعملية التطور والنمو.

وقال الفريق البحثي المشرف على التجربة إنّ ”الدراسات التي تم نشرها في مجلة ”Nature“ تساعد الباحثين على فهم سبب فشل بعض الأجنة في التطور (حدوث إجهاض)، بينما يستمر البعض الآخر في التطور والنمو إلى حمل صحي وطبيعي.

وأشاروا إلى أنه ”يمكن الاستفادة من النتائج البحثية لإصلاح وتطوير الأعضاء البشرية الاصطناعية المعدة للزرع“.

وذكرت ”زيرنيكا جويتز“، الأستاذة في بيولوجيا الخلايا الجذعية في قسم علم وظائف الأعضاء في كامبريدج: ”إنه أمر لا يُصدق أننا وصلنا إلى هذه المرحلة، كان هذا حلمنا لسنوات وباكورة دراسات استمرت عقدًا من الزمن “.

أجنة بدون بويضة وحيوان منوي

يُعد تكوين جنين من خلايا أخرى غير الحيوانات المنوية وخلايا البويضة مجالًا جديدًا للدراسة تطور بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية.

وأعلن الباحثون مؤخرًا أنهم كانوا يزرعون نموذجًا لجنين فأر من الخلايا الجذعية الجنينية، وبدون استخدام الحيوانات المنوية والبويضة والرحم.

وأظهر التحليل الجيني أن نشاط الخلية في هذه النماذج الجنينية كان مشابهًا بنسبة 95% لأجنة الفئران الحقيقية.

وتُوفر الأبحاث التي أُجريت على الفئران والأجنة البشرية معلومات دقيقة حول الآليات التي تسمح لها بالانقسام والتطور والنمو.

كما أنها تُساعد الباحثين على تجاوز التجارب، التي تُعتبر باهظة الثمن وغير أخلاقية على الأجنة البشرية، وتساعدهم أيضًا على التأكد ما إذا كانت الافتراضات حول كيفية عملها صحيحة.

خلايا ”IPS“

وأوجد العلماء نوعا جديدا من الخلايا يسمى ”IPS“، ويتم الحصول عليها من خلال أخذ خلية ناضجة (مثل خلايا الجلد) من شخص حي أو ميت ووضعها ضمن تفاعلات تدفعها للخلف إلى حالة غير ناضجة.

ووصلوا إلى استنتاج جديد يفيد بأنه ”إذا كان من الممكن إعادة الخلية الناضجة إلى مرحلة الخلية الجذعية الجنينية، فقد يكون ممكنًا استخدام خلايا IPS لتكوين أجنة قابلة للحياة في المستقبل“.

وفي حال اختار العلماء المضي قدمًا في هذا المجال، سيكون هذا الجنين استنساخًا للمتبرع بالخلايا، ولكن لدى الباحثين والعلماء مخاوف كبيرة حيال استنساخ البشر.

وكان من الممكن استنساخ إنسان باستخدام عملية مختلفة تسمى ”النقل النووي“، التي استخدمت لاستنساخ النعجة ”دوللي“ في عام 1997 واستنساخ قرد في عام 2018.

وفي أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، نجحت سلسلة من القوانين التي تم تقديمها في جميع أنحاء العالم في حظر استنساخ البشر.

ويؤكد العلماء والباحثون ضرورة استكمال الأبحاث في مجال تكوين الأجنة في المختبر، التي ستجعل قوائم انتظار المتبرعين بالأعضاء شيئًا من الماضي.

وبإمكان ذلك إنقاذ الأطفال الذين يُولدون بعاهات دائمة، وإعطاء النساء العاقرات فرصة جديدة للإنجاب، مع ضرورة سن قوانين صارمة تمنع استخدام تقنيات تكوين الأجنة أو الاستنساخ لغايات غير أخلاقية.

Advertisements