الأحد 13 يونيو 2021
أغلقت صناديق الاقتراع، رسمياً، في انتخابات تجديد مقاعد البرلمان الـ407 في الجزائر وسط تفاوت بنسب إقبال الناخبين.
وجاء ذلك بعد قرار اللجنة المشرفة على الانتخابات بتمديد الاقتراع بجميع محافظات البلاد الـ58 ساعة إضافية، على أن تغلق في تمام الساعة 20.00 بالتوقيت المحلي (23.00 بتوقيت أبوظبي) بعد أن حددها القانون عند الـ19.00.
وانطلقت فور إغلاق مكاتب الاقتراع عمليات الفرز بحضور ممثلين عن الأحزاب والمستقلين، وسط إجراء غير مسبوقة بتسليم محاضر الفرز لممثلي المرشحين للمرة الأولى.
ومن المنتظر أن تعلن هيئة الانتخابات، مساء غد الأحد، عن النتائج الأولية لما أفرزته صناديق الاقتراع التي تنافس فيها أزيد من 15 ألف مرشح متوزعين في 1483 قائمة بينها 837 للمستقلين 646 قائمة لـ28 حزياً..
وبحسب آخر تحديث لنسب التصويت الإجمالية في حدود الساعة الـ16.00 بالتوقيت المحلي (19.00 بتوقيت أبوظبي) أعلنتها السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر (الهيئة المشرفة على تنظيم ومراقبة الانتخابات) فقد وصلت إلى 14.47%، ما يمثل 3 ملايين و402 ألف و720 ناخبا من أصل 23 مليونا و587 ألفا و815 مصوتا.
جزائريون يدلون بأصواتهم الانتخابية في انتخابات تجديد مقاعد البرلمان
وبعد 12 ساعة من التصويت داخل البلاد ومن قبل الجالية بالمهجر، أسدل الستار على سابع انتخابات نيابية تعددية في تاريخ البلاد والأولى المبكرة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي والتي حملت شعار "فجر التغيير".
وسجلت الجالية الجزائرية بالخارج أدنى نسبة إقبال في حدود الساعة ذاتها، وتوقفت عند 4.9%، بينما يبلغ إجمالي الجزائريين المقيمين بالخارج والذين يحق لهم التصويت 902 ألف و365 ناخباً، وهي أدنى نسبة إقبال للمهاجرين الجزائريين في تاريخ الانتخابات.
وأرجع مراقبون أسباب "مقاطعة" الجالية بالخارج إلى الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة لعودة المهاجرين إلى بلادهم، حيث فرضت قرارات صارمة لدخول البلاد من خلال رفع قيمة التذكرة وإجبار العائدين على حجر صحي "غير مجاني"، ما رفع تكلفة عودة جزائريي المهجر إلى نحو 800 يورو.
وبحسب الأرقام الرسمية المقدمة، فقد سجلت ولايات جنوب الجزائر أعلى نسب مشاركة على المدن الشمالية، واحتلت ولاية "عين غزام" الصدارة بـ34.77% تلتها محافظة تمنراست بـ28.56 %.
وكما كان متوقعاً، شهدت محافظات منطقة القبائل الأمازيغية أدنى نسب مشاركة على المستوى الوطني، وجاءت ولاية تيزيوزو في آخر ترتيب نسب المشاركة بـ0.42 % وبجاية بـ0.76 والبويرة بـ5.25 %.
وتظهر الأرقام المعلن عنها والأخبار المؤكدة من بعض محافظات البلاد، عن وجود تباين في إقبال الجزائريين على الانتخابات النيابية، إذ حافظت ولايات الجنوب على "عرف انتخابي" جعلها في مختلف الاستحقاقات الانتخابية في صدارة نسب المشاركة.
بينما اختلفت النسب في محافظات شمال البلاد، حيث شهدت محافظات منطقة القبائل الأمازيغية مقاطعة شبه كاملة للعملية الانتخابية أكدتها أرقام هيئة الانتخابات، وكذا الأحداث التي سجلتها بعض المناطق من مظاهرات شعبية وأعمال عنف وتخريب لصناديق الاقتراع وغلق مراكز تصويت.
وفي محافظة بجاية، شرق البلاد، قام أشخاص رافضون للانتخابات البرلمانية المبكرة بمنع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم بـ"القوة"، كما قاموا بتكسير صناديق الاقتراع ورمي الأوراق الانتخابية للمرشحين في الشوارع.
وعلى إثر ذلك، قررت الهيئة المشرفة على العملية الانتخابية، إغلاق معظم مراكز التصويت، وأبقت على بعضها فقط، مبررة ذلك بـ"تفادي أي مواجهات بين الناخبين والرافضين".
كما اندلعت أعمال شعب في بعض شوارع المدينة وسط انتشار كثيف لقوات مكافحة الشغب في الشوارع الرئيسية للمدينة وبمحاذاة مراكز الاقتراع.
كما أغلق مواطنون في محافظة تيزيوزو مكاتب ومراكز اقتراع، فيما سجلت ولاية سطيف غلق مراكز انتخابية بـ11 بلدية تابعة من قبل الرافضين للانتخابات.
وخلال الحملات الانتخابية، وجدت معظم الأحزاب السياسية صعوبات في تنظيم تجمعاتها الانتخابية بمحافظتي تيزيوزو وبجاية، وتعرض بعض رؤساء الأحزاب لـ"الطرد" من قبل مواطنين غاضبين من السلطة ومناهضين للأجندة السياسية التي أطلقتها منذ نهاية 2019.
في مقابل ذلك، سجل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون "أول مشاركة له في الانتخابات" بصفته رئيساً للبلاد، بعد غيابه عن استفتاء تعديل الدستور نهاية العام الماضي نتيجة إصابته بفيروس كورونا.
واعتبر تبون بأن الانتخابات النيابية التي دعا لها "لبنة ثانية في بناء المسار الديمقراطي وأقرب للمواطنين أكثر مما مضى ما دام هناك أطراف تهاجمنا من جهات أخرى، وهذا دليل بأننا في الطريق الصحيح".
وتوجه مخاطباً و"مهنئا" الناخبين بالقول: "مبروك علينا هذه اللبنة الجديدة"، وأعلن قرب تنظيم الانتخابات المحلية دون أن يكشف عن موعدها.
كما انتقد أيضا أطرافاً لم يسمها واتهمها بأنها "غير راضية أن تدخل دولة مثل الجزائر الديمقراطية من أوسع أبوابها وتعطي القرار لشعبها".
مضيفاً: "كرئيس أؤمن أن السلطة للشعب ويمارسها من خلال من ينتخبه ونحن في المادة الـ8 من الدستور".
كما رد على المقاطعين للانتخابات بالقول إن "الديمقراطية تقتضي أن الأغلبية تحترم الأقلية، والأغلبية هي من تقرر، ومن أراد المقاطعة فهو حر".
وتابع قائلا: "هناك أناس يفرضون إملاءات دون أن يعرف من يمثلون، ولا يمكن لهم أن ينفذوا إملاءات على 45 مليون جزائري، هم أحرار في تصريحاتهم، أما الشعب أراد الانتخابات وهناك إقبال على التصويت".
وعن هواجس السلطة من نسبة المشاركة، قلل الرئيس الجزائري من احتمال تكرار سيناريو استفتاء تعديل الدستور عندما لم تتعد 23 %.
وقال في هذا الشأن "بالنسبة لي نسبة المشاركة لا تهمني"، مؤكدا أن "ما يهم أن من يخرج من الصندوق يملكون الشرعية ورغم ذلك أنني متفائل من الإقبال على التصويت خصوصا على الشباب والنساء، ومهما كانت النسبة فأنا متفائل".
أما عن الحكومة المقبلة فحدد تبون ذلك فيما تضمنه الدستور في الأغلبية الرئاسية والبرلمانية والتي قال إنها تحدد طبيعة الحكومة.
وتوافد كبار المسؤولين الجزائريين على مراكز التصويت منذ الساعات الأولى لعملية الاقتراع، كان من أبرزهم قائد أركان الجيش الجزائري، ورئيس مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان)، وكذا رئيس الوزراء وعدد من الوزراء.
وامتدت الخزعبلات والطرائف الغريبة الصادرة عن جماعة الإخوان من الحملات الانتخابية إلى يوم الاستحقاق التشريعي، عقب إدلاء الإخواني عبد القادر بن قرينة رئيس ما يعرف بـ"حركة البناء الوطني" بتصريح صدم الجزائريين وألهب مواقع التواصل سخرية واستياء.
ودعا الإخواني شركة جزائرية خاصة في صناعة الأدوية لصناعة "فياجرا سياسية" لإخراج البلاد من أزمتها، معللا ذلك بـ"تنشيط الساحة السياسية".
وعقب إدلائه بصوته الانتخابي، فاجأ الإخواني بن قرينة الصحفيين بتصريح قال فيه: "النشاط الحراكي الموجود يدعونا إلى حوار سياسي غير إقصائي من أجل إخراج البلاد من أزمتها"، واللافت أنه كان "حازماً وجدياً في تصريحه".
وواصل الحديث يالقول: "في إطار كوموندوس سياسي، وعندما يفشل هذا الكوموندوس يلزمنا أن نطلب من صيدال (شركة لإنتاج الأدوية) تنجز لنا وتزودنا بدواء جديد يسمونه الفياجرا السياسية للتنشيط السياسي".
وتابع الإخواني قائلا: "حتى عندما يفشل الكوموندوس السياسي، يأكل حبة من هذه الفياجرا السياسية لينشط سياسياً ولا يخمل".
والكارثة التي أتبعها بتبريره لهذه الخرجة الغريبة، بحسب ردود أفعال جزائريين، هي "أن ذلك الاقتراح يضمن بناء جزائر جديدة في إطار حل سياسي واقتصادي واجتماعي ومحافظة على أمننا القومي بغير أي إقصاء".
وانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسمت آراء المتابعين ما بين سخرية وصدمة من تصريحات الإخواني، لكن النشطاء أجمعوا على "أنها ابتذال سياسي رهيب وصلت إليه الجزائر مع جماعة الإخوان"، بينما كانت معظم التعليقات بـ"عجز اللسان عن التعليق"، و"إن لم تستح فافعل ما شئت".