الارشيف / منوعات

لوموند الفرنسية تكشف كذب إسرائيل وجهودها في تضليل الإعلام والرأي العام العالمي

كتابة سعد ابراهيم - كشفت صحيفة لوموند الفرنسية أن الشائعة التي انتشرت يوم 10 أكتوبر الماضي بشأن أطفال مقطوعي الرأس لا تزال تنتشر، بعد 6 أشهر من اندلاع الحرب على غزة، ما أثار اتهامات بالخداع ضد إسرائيل.

وتوضح الصحيفة الفرنسية، خلال تحقيق طويل، أن طوفان الشهادات حول جرائم القتل والنهب والتشويه انتشر خلاله أخذت الشائعة على نطاق غير عادي.

وبحسب هذه الشائعة، فقد تم العثور على 40 طفلاً برؤوس مقطوعة في كيبوتز مستعمرة كفار عزة، رغم أن ذلك لم يحدث في كفار عزة أو في أي كيبوتز آخر، كما أكدت خدمة كفار عزة للصحيفة الصحفية الحكومية الإسرائيلية.

ولاقت هذه القصة وتفاصيلها انتشارا غير مسبوق، حتى أن البيت الأبيض تحدث عنها، وتساءلت الصحيفة عن كيفية ظهور وانتشار هذه المعلومة الكاذبة.

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إنها أجرت تحقيقا لتسليط الضوء على شائعة ولدت عضويا، من مزيج من الانفعالات والارتباك والمبالغات الفظيعة، وأن إسرائيل لم تفعل شيئا لمكافحتها، بل حاولت في كثير من الأحيان استغلالها بدلا من إنكارها. مما أدى إلى تأجيج الاتهامات بالتلاعب الإعلامي.

وبدأت الصحيفة تحقيقها مما نقله مراسلها في القدس صموئيل فوري الذي شارك في الزيارة التي نظمها الجيش الإسرائيلي لعشرات الصحفيين والمراسلين الأجانب إلى كيبوتس كفر عزة حيث استشهد 60 شخصا.

وقال فوري إنه عندما وصل إلى هناك، كانت الجثث لا تزال في كل مكان: جثث إسرائيليين ملفوفة في أكياس، أو مقاتلي حماس ممددين حيث سقطوا.

ويقول فوري إن مدير صحيفة لوموند اتصل به مباشرة بعد الزيارة التي استمرت 90 دقيقة، وسأله: هل رأيت أطفالا مقطوعة الرأس؟ أجاب: “لقد رأيت المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي في طريق عودتي إلى المنزل، لكن لا يبدو أن هناك ما يؤكدها. »

وتابع: “لم يتحدث معي أي جندي عن ذلك، وتحدثت مع 6 منهم. لا أعتقد أن هذه القصة ممكنة. كان الجنود متواجدين في الكيبوتس منذ اليوم السابق. مثل هذا الحدث الفظيع كان من الممكن توثيقه”. ولم يخبر أي جندي أيًا من الصحفيين.

ويوضح الصحفي أنه تواصل مع منظمتين للإسعافات الأولية، ولم يذكر أو ينكر أحد قطع الرأس، إلا أن الصورة القوية – على حد تعبيره – لها الأسبقية على الواقع، لأنها تخدم تقديم حماس على أنها تجسيد للشر المطلق.

ويؤكد الصحفي من لوموند أن هذا كان أساس رسالته التي نشرها في الموقع ولم يعد النشر متاحا في فرنسا وفي بعض الدول الأوروبية، وهكذا اتضح له أن قصة الأطفال… الوعي العقلي هو معلومات خاطئة.

ونقلت صحيفة لوموند عن صحفي إسرائيلي قوله إن رقم 40 طفلا قتلوا في كفار عزة جاء على لسان مايكل ليفي، وهو طبيب احتياطي يتحدث الفرنسية، الذي نفى بشكل قاطع الترويج لهذا الرقم.

لكن عندما أجرت صحيفة لوموند مقابلة معه، أكد أنه رأى طفلاً صغيراً مقطوع الرأس في كفار عزة، وهو ادعاء غائب عن شهادته أمام الكاميرا ويتناقض مع التقارير الرسمية التي تفيد بأن أصغر ضحية في الكيبوتس كانت تبلغ من العمر 14 عاماً.

بدأت الشائعة مع أول ذكر للأطفال ذوي الرؤوس المقطوعة على لسان الصحفية الإسرائيلية في قناة i24 News، نيكول تسيديك، عندما قالت في بث مباشر من كيبوتس كفار عزة إن الجنود كانوا يتحدثون عن “الأطفال ذوي الرؤوس المقطوعة”.. هذا ما يقولونه “. وتابعت: «تم نقل نحو أربعين طفلاً على نقالات»، رغم أنها لم تر شيئاً، كما قالت الصحيفة.

وأدان متحدث باسم الجيش الإسرائيلي “مذبحة الأطفال، التي وصلت إلى حد قطع رؤوسهم”. ووصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أوليفييه رافوفيتش، الناطق بالفرنسية، “المقبرة الجماعية الحقيقية” التي تم اكتشافها في كفار عزة، وقال إن “الأطفال ذُبحوا، بل وحتى… “قُطعت رؤوسهم”.

ادعى الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه شاهد “صور الإرهابيين وهم يقطعون رؤوس الأطفال” خلال لقاء مع زعماء الجالية اليهودية الأمريكية.

وهكذا أصبحت هذه الشائعة عنصراً من عناصر حرب المعلومات، فيما تطور إسرائيل خطاباً مزدوجاً للحذر من جهة والانتقام من جهة أخرى، وإن اعترفت على شبكة CNN بأنها لا تستطيع التأكد من قصة الأطفال مع الرؤوس المقطوعة. مما دفع… الصحفية الأمريكية سارة سيدنر إلى الاعتذار.

ويتناقض الجيش الإسرائيلي مع نفسه أحيانا -بحسب صحيفة لوموند- بالتأكيد على أنه ليس لديه معلومات تؤكد هذه الادعاءات، لكن في الوقت نفسه ينقلها المتحدثون باسم الجيش الإسرائيلي الناطقون بالفرنسية والإنجليزية.

واكتفى موقع i24 News بتصحيح المقال المتعلق بقطع الرؤوس والذي نُشر في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، قائلا: “على الرغم من أن الأرقام الرسمية أصبحت أكثر وضوحا، إلا أننا نصحح تقريرنا الأولي”، وأزالت الجملة “40 طفلا. لا”.

وأكدت الصحيفة أنه رغم نفي هذه الإشاعة في الخارج، إلا أنها لا تزال متداولة في إسرائيل والشارع الإسرائيلي مستمر في الحديث عن هذه القصة وكأنها حقيقية.

Advertisements