هل تبرر الحاجة المادية مشاركة الفنانين في الأعمال الرديئة؟

محمد الرخا - دبي - الاثنين 1 أبريل 2024 01:06 مساءً - "تبرر الحاجة المادية للفنان، أن يشارك فيما يراه مناسبًا من أعمال. فهو إنسان لديه متطلبات واحتياجات".

Advertisements

لا يتردد بعض الممثلين في تسمية الأدوار التي اضطروا لقبولها، في مرحلة ما، تحت ضغط الحاجة المادية وقلة الفرص المتاحة.

وبرزت هذه القضية بشكل واضح، خلال سنوات الحرب السورية، نتيجة تراجع عدد المسلسلات المنجزة، ومعاناة الإنتاج من صعوبات اقتصادية وتسويقية، أثرت في قناعات النجوم فأصبحوا أكثر مرونة في تقبل الأدوار.

ومن الوجهة النقدية، نشأت نقاشات تناولت تأثير حاجة الممثل المادية على مفهومه لرسالة الفن وطبيعته المهنية وغاياته الأخلاقية.

رسالة ومهنة

الفصل بين مفهوم الرسالة والمهنة في التمثيل، لا يبدو منطقيًّا بالنسبة للفنان أيمن زيدان، الذي اضطر، لأسباب مادية، أن يشارك في مسلسل "باب الحارة" البعيد عن أجوائه وقناعاته.

وكان زيدان، صاحب "مفيد الوحش" في "نهاية رجل شجاع"، المقتبس عن رواية حنا مينة الشهيرة، حاسمًا في عدة لقاءات، أكد فيها حق الفنان في تأمين متطلباته المادية، شرط أن يؤدي دوره التمثيلي بشكل إبداعي، مهما كان نوع المسلسل المشارك فيه.

أيمن زيدان في مسلسل باب الحارةمتداولة

ويقول الناقد المصري محمد عبد الرحمن لـ"الخليج 365" "نعم، تبرر الحاجة المادية للفنان، أن يشارك فيما يراه مناسبًا من أعمال. فهو إنسان لديه متطلبات واحتياجات مثل بقية الناس".

ويفصّل عبد الرحمن الأمر أكثر، فيطلب من النقاد تناول دور الفنان في المسلسل الذي اضطر للمشاركة فيه بدافع مادي، وعدم تحميله وزر العمل وتوجهاته والمفاهيم التي يطرحها. ويضيف: "لا تحمّلوا الفنان أكثر من طاقته".

وتوافق الروائية السورية نور قزاز، على مبدأ حق الفنان في تأدية بعض الأدوار بدافع مادي، شرط ألا يهبط مستواه الإبداعي.

وتقول قزاز لـ"الخليج 365": "يجب على الفنان التعامل بحذر مع هذا النوع من الأدوار، لأن ضريبتها قد تكون كبيرة على مستقبله. الفنان المبدع، قادر على إضفاء العمق على أي دور يؤديه، وتلك مسألة تشفع له مهما فعل".

ويرى الكاتب سامر محمد إسماعيل، أن النظر لممثلي التلفزيون، كقادة رأي أو تنويريين مشغولين بفحوى رسالة الفن، غير صحيح على الإطلاق.

ويضيف إسماعيل لـ"الخليج 365": "لا نجوم حقيقيين في الفن، إلا في السينما والمسرح".

إشكالية متشعبة

الإشكالية تبدو متشعبة تتطلب النظر إلى ظروف كل فنان في تجربته الفنية، بحسب ما يقوله الناقد محمد عبد الرحمن.

ويضيف "في أدوار الدافع المالي، سننظر إلى أعمال الفنان السابقة. فصاحب الموهبة والرصيد الغني، يختلف عن الفنان العادي غير المتميز، مع التذكير بأن هذه الأدوار قد تكون خياراً إجبارياً عند من يفتقدون الجاذبية".

ويرى عبد الرحمن أن على الفنان الصمت، في حال اضطراره لتأدية أدوار الكسب المالي، ويضيف: "التبجح بحمل هموم الرسالة الفنية سيؤدي إلى استفزاز الجمهور، لأنه على اطلاع بكل شيء".

وتضيف الروائية قزاز نقطة قد تؤثر إيجابيًّا على تجربة الفنان، في هذا النوع من الأدوار، فتقول: "ربما تشكل تلك الأدوار، فرصة يكتشف الفنان من خلالها فضاءات تنقذه من التكرار".

وأوضحت أن "التجربة الفنية كلّ متكامل لا يمكن فصل أخطائها عن نجاحاتها. كما يمكن لتلك الأدوار تحفيز النقاش النقدي حول معنى الفن الجيد والفن الرديء".

وفي مرحلة سابقة، قال الفنان السوري نجاح سفكوني، إنه اضطر للقبول بدور "أبو جمال" في مسلسل "زقاق الجن"، من أجل الحصول على الأجر.

الفنان السوري نجاح سفكونيمتداولة

وكانت علامات العتب تظهر على سفكوني عندما قال إن العروض المقدمة له، أقل من إمكاناته بكثير.

ويقول الناقد عبد الرحمن: "كل فنان يطمح لأداء أدوار مهمة وعميقة، لكن هذا ولأسباب كثيرة، لا يتاح للجميع. المهم أن يستخدم الفنان جميع مواهبه في أداء الدور مهما كان بسيطاً".

وترى الروائية قزاز أن إثارة موضوع أدوار الكسب المالي قد تحفز النقاد لمناقشة القضية بعمق.

 وتضيف: "إذا تناول النقد سيكولوجية الفن، وأضاء على معنى الإبداع والعلاقة مع الجمهور، في ضوء الظروف الخاصة بكل فنان، يمكن أن يحفز صناع الفن، على إنتاج أعمال إبداعية تلمّ بتلك الجوانب وتحل إشكالاتها".

وتظهر أدوار الكسب المالي مرتبطة بالأحوال الاقتصادية ومستوى النشاط الدرامي وتعدد شركات الإنتاج وموهبة الفنان نفسه. ومن الصعب أن تَجري رياح الدراما، دائمًا، بما يشتهيه الفنانون.