شكرا لقرائتكم خبر عن مدن دمَّرتها أمريكا وأخرى ساهمت في قتل سكانها عبر حلفائها من بينها غزة والان مع التفاصيل
عدن - ياسمين التهامي - منذ عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحتى 25 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 230 طائرة عسكرية تحمل الذخائر إلى الاحتلال لتدمير غزة، بالإضافة إلى 20 سفينة، فيما بلغ وزن الذخائر والأسلحة التي تمر إرسالها أكثر من 10 ملايين كيلوغرام، وبلغت تكلفة الجسر الجوي أكثر من 17.5 مليار دولار.
في فترة قصيرة جداً قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير البنية التحتية لقطاع غزة، إذ تجاوز حجم الدمار فيها 68% من المباني، كما تم تدمير كل المؤسسات الحكومية والبنية التحتية للتعليم كالجامعات والمدارس، وكذلك الصحة كالمستشفيات وشبكات الصرف الصحي، وكذلك الاتصالات والكهرباء وتحلية المياه، ومستودعات تخزين الأغذية، وهو سلوك ابتدعته الولايات المتحدة لتدمير المدن واستنسخته إسرائيل فيما عرف بـ"عقيدة الضاحية"، لتدمير الحاضنة الشعبية للمقاومة بتدمير مقدراتها.
اقرأ ايضـــــــاً :
بذلك تنضم غزة إلى قائمة كبيرة من المدن التي شاركت الولايات المتحدة في تدميرها، إذ بنت أمريكا إمبراطوريتها على تدمير المدن الأخرى، حيث رُصد أن الولايات المتحدة قامت بتدمير 43 مدينة في العام الأخير للحرب العالمية الثانية، النصيب الأكبر كان لليابان وألمانيا، كذلك استهدفت الفلبين وفرنسا لطرد القوات الألمانية، وقد بلغ تدمير بعض المدن 100% مثل هيروشيما وناغازاكي.
حتى لو توقفت الحرب فأثرها العميق لا ينتهي، بل إن نهايتها لا تبعث على الفرحة؛ فآثار الدمار المادي والاجتماعي يظل عميقاً ومحفوراً، حيث تعتمد سياسة التدمير الأمريكية على عمق التدمير وأثره، إذ يتشكل انتصارها وتفوقها بتدمير الآخرين، فقد استمرت سياسة التدمير الأمريكية بشكل مباشر بعد الحرب العالمية الثانية كما حدث في لاوس وكمبوديا، أو في معركة الفلوجة والموصل في العراق، أو في الرقة بسوريا، وهي اليوم تدعم إسرائيل لكي تمارس السلوك العدواني نفسه ضد الحضر وتدمير المدن، فهو جزء من استراتيجية عسكرية وسياسية تتعمد ذلك الفعل وليس من قبيل الآثار الجانبية.
من المعروف قصة هيروشيما وناغازاكي، لكن من غير المعروف أن أغلب مدن اليابان تعرضت إلى تدمير ممنهج يستهدف إعادة اليابان إلى العصر الحجري، وقد كان؛ فبعد التدمير الذي تعرضت له مدن اليابان أصبحت تحت رحمة الولايات المتحدة كما هي اليوم.
تعرضت العاصمة اليابانية للتدمير بنسبة 51%، وقتل فيها جراء القصف الأمريكي أكثر من 124 ألف شخص، إذ قصفت بالقنابل الحارقة، وذلك في مارس/آذار 1945. كما تعرضت يوكوهاما لتدمير بنسبة 58%، وهوجمت المدينة في وقت سابق من قبل الولايات المتحدة في 18 أبريل/نيسان 1942، فيما يسمى بغارة دوليتل، رداً على الهجوم الياباني على بيرل هاربور.
تعرضت مدينة كوتشي اليابانية لتدمير بلغت نسبته 55.2%، كما دُمرت كوبي في يوليو/تموز 1945 بنسبة 55.7%، وقتل فيها ما يقرب من 9 آلاف شخص، ودُمرت مدينة إيشينوميا بنسبة تتجاوز 56.3%، وبعد تعرض ناغازاكي للضربة النووية بأيام هوجمت مدينة إيسيساكي ودُمرت بنسبة 56.7%، ودُمرت مدينة هاماماتسو بنسبة 60.3%، ومدينة تويوهاشي بنسبة 61.9%، وقد كان نصيب مدينة كاغوشيما من التدمير أكثر من 63.4%، وهي نفس نسبة التدمير الذي تعرضت له مدينة جيفو.
أدى القصف الأمريكي عشرة مرات فقط إلى تدمير 66.1% من مدينة شيزوكا اليابانية في الحرب العالمية الثانية وينضم للقائمة مدن أخرى مثل إمباري 63.9%، ماتسوياما 64%، مايباش 64.2%، ناغاوكا 64.9%، وقد ألقي على المدينة في يوم واحد 163 ألف قنبلة حارقة بلغ وزنها 925 طناً. بل إن القصف استمر لساعتين إلا ثلث.
ودمرت مدينة هاتشيوجي بنسبة 65%، وتسوروجا بنسبة 65.1%، وشيزوكا بنسبة 66.1%، وتاكاماتسو بنسبة 67.5%، وميتو بنسبة 68.9%، وأوكاياما بنسبة 68.9%، ونارا بنسبة 69.3%، وتسو بنسبة 69.3%، وهيتاشي التي كانت تحتوي على مصانع الكهرباء بنسبة 72%، وقد فشلت الغارات الأمريكية في تدمير المصانع بقدر ما قتلت المدنيين.
كما دمرت مدينة كوانا بنسبة 75%، ومدينة فوكوياما التابعة لمقاطعة هيروشيما بنسبة تجاوزت 80.9%، وذلك بعد يومين من استهداف هيروشيما بالنووي، كما دمرت فوكوي بنسبة 84.8%، وتوكوشيما بنسبة 85.2%. وخارج اليابان في شرق آسيا كانت الفلبين حاضرة؛ إذ استهدفها الجيش الياباني الذي احتل مدينة مانيلا الفلبينية، حيث قتل من المدنيين 140 ألفاً، ودُمرت المدينة بنسبة 90%.
أما مدينة توياما فدُمرت بنسبة 99%، وكانت مدينة ناغازاكي في شرق اليابان -موقع الهجوم الثاني بالقنابل الذرية في التاسع من أغسطس/آب- قد دُمرت بنسبة 100%، وتعادل مساحتها مدينة أكرون بولاية أوهايو الأمريكية. وقد دمر الهجوم المدينة بالكامل وقتل 39 ألف شخص. وكان الهجوم النووي الثاني عاملاً في حث اليابان على الاستسلام بعد خمسة أيام.
وقع أول هجوم بالقنابل الذرية في العالم على هيروشيما في السادس من أغسطس/آب عام 1945، عندما مُحيت المدينة فعلياً من الخريطة، ولقي 66 ألف شخص حتفهم.
ألمانيا دمار في كل شبر استمر قصف نورمبرغ على شكل سلسلة من الغارات الجوية التي نفذتها القوات المتحالفة من سلاح الجو الملكي والقوات الجوية للجيش الأمريكي، إذ دمرت المدينة بنسبة 90%. وكما مانيلا في الفلبين فقد دمرت مدينة سان لو الفرنسية والتي كان يحتلها الجيش النازي، وقتل فيها ألف فرنسي على الأقل، ودمرت المدينة بنسبة 95%، كما دمرت مدينة يوليش بنسبة تجاوزت 97%، وتعتبر من أبرز المدن التي أعيد بناؤها من الصفر.
نزوح السكان من مدينة أوكاياما اليابانية بعد تدميرها دمرت مدينة هامبورغ بنسبة 75%، وقتل فيها أكثر من 37 ألف شخص في 7 أيام فقط. كانت مدينة كولنز تحوي قيادة الجيش النازي "ب"، وحصلت على نصيب كبير من التدمير للمدينة بنسبة تتجاوز 80%. وقد كانت "كاسل" موقعاً لمصانع الطائرات والدبابات وغيرها من الأهداف الصناعية الألمانية المهمة، تم قصف هذه المدينة حتى دمرت بنسبة 69%، وقتل أكثر من 10 آلاف قتيل من أصل 150 ألفاً من سكان المدينة. أدت غارتا يومي 22 و23 أكتوبر/تشرين الأول 1943 إلى حدوث عاصفة نارية. اشتعلت النيران في أشد الغارات الجوية لمدة سبعة أيام.
تعرضت هايلبرون الواقعة في جنوب غرب ألمانيا على طول نهر نيكار، للهجوم عدة مرات من قبل الحلفاء. وقع الهجوم الأكثر فتكاً في 4 ديسمبر/كانون الأول 1944. وفي الفترة ما بين 27 ديسمبر/كانون الثاني 1944 و31 مارس/آذار 1945، ضربت 13 غارة جوية مدينة هايلبرون، ودُمرت بنسبة 62%، وقتل فيها أكثر من 7 آلاف شخص.
دمرت دريسدن في الحرب العالمية الثانية على يد قوات الحلفاء بنسبة 59% كانت مدينة بريمن الساحلية الألمانية هدفاً متكرراً لقصف الحلفاء، حيث تعرضت للهجوم 173 مرة خلال الحرب. وفي 34 دقيقة، أسقطت 274 طائرة 1120 طناً من القنابل على الجزء الغربي من المدينة، ما أسفر عن مقتل 1059 شخصاً وتدمير 8248 مبنى سكنياً. وترك 50 ألفاً بلا مأوى، ودُمرت المدينة بنسبة 60%.
قتل أكثر من 25 ألفاً، وبنسبة 59% دمرت مدينة دريسدن الواقعة في ولاية ساكسونيا في ألمانيا، والتي تشتهر بتاريخها وهندستها المعمارية في العصور الوسطى، وتعرضت لأضرار جسيمة من قبل الطائرات الأمريكية في عام 1945. وفي أربع غارات في منتصف فبراير/شباط، ألقيت على المدينة 772 قاذفة ثقيلة تابعة للقوات الجوية الملكية، و527 من قاذفات القنابل الثقيلة من القوات الجوية الملكية، إذ أسقطت القوات الجوية للجيش الأمريكي أكثر من 3900 طن من المتفجرات شديدة الانفجار والأجهزة الحارقة على المدينة، ودمر القصف والعاصفة النارية الناتجة عنه أكثر من 6.5 كم مربع في وسط المدينة.
أدى قصف مدينة فرانكفورت إلى مقتل حوالي 5500 من السكان، ومحو أكبر مركز لمدينة باقية من العصور الوسطى في ألمانيا، ودمرت المدينة بنسبة 52%.
القصف الأمريكي على لاوس لم تفكر الولايات المتحدة في دخول لاوس برياً، إذ قال الرئيس الأمريكي جون كينيدي إنها منطقة "غير مضيافة لشن حملة فيها"، وكانت تُعتبر لاوس نقطة على خطوط إمداد الشيوعية في فيتنام، ووُضعت لها استراتيجية خاصة بتدميرها وقصفها بصورة دائمة، إذ تحولت لأكثر مدينة سقطت عليها قنابل على مدار 9 أعوام من 1964-1973.
سقط على لاوس مليونا طن من القنابل العنقودية عبر طائرات إيه سي -130 وبي 52، قتلت آلافاً وقتها من المدنيين والمقاومين الفيتناميين، إلا أن بعض تلك القنابل لم تنفجر وتحولت إلى ألغام تحصد عشرات الأرواح سنوياً حتى يومنا هذا.
العراق وسوريا.. النقمة والإبادة في أحداث الفلوجة الثانية عام 2004 تقدم أكثر من 15 ألف و500 جندي إلى وسط مدينة الفلوجة الصغيرة، وقد سبقتها الطائرات إلى هناك، كانت المدينة الصغيرة بعدد سكانها الـ400 ألف تحوي مقاومة قدر عددها بـ3 آلاف شخص.
خلّفت الولايات المتحدة المدينة وراءها في دمار لا يقل عن 50%، كما كشفت التقارير استخدام قوة نيرانية كثيفة بغير داعٍ، إذ ذكر أحد قادة سرية الدبابات البحرية أنه خلال 8 أيام من القتال العنيف، أطلقت دباباته ما يقرب من 1600 طلقة مدفع رئيسي، وأكثر من 121 ألف طلقة مدفع رشاش عيار 7.62 ملم، وأكثر من 49 ألف طلقة مدفع رشاش عيار 50، مع أن معظم أهدافهم تقع ضمن نطاق 200 متر. كما أسقطت الطائرات 318 قنبلة، وأطلقت 391 صاروخاً و93 ألف طلقة مدفع رشاش لدعم القوات البرية.
إلا أن التدمير الأكبر الذي سجل في العراق كان عام 2017 عندما استمرت حرب التحالف الدولي ضد داعش لأكثر من 9 أشهر، حيث تقدم ما يقرب من 100 ألف جندي أغلبهم عراقيون من الأكراد وميليشيا الحشد الشعبي لاستئصال داعش، حيث دمرت المدينة بنسبة 80%، وقتل ما لا يقل عن 11 ألف مدني. كما شرد أكثر من نصف السكان البالغ عددهم مليونيْ نسمة، وما زالت المدينة عبارة عن جبال من الخرسانات المدمرة.
أما مدينة الرقة السورية، والتي كانت تحوي قيادة تنظيم داعش، فقد دمرت العمليات ما يقرب من 85% منها، وهُجِّر 200 ألف من سكانها، إذ كشف تقرير مؤسسة راند أن الخطة الأمريكية اقتضت تهجير المدنيين، وعلى الرغم من ذلك فقد وقع عشرات المدنيين. وصفت NPR مدينة الرقة بأنها "أرض قاحلة من المباني المشوهة بسبب الحرب والخرسانة المحطمة". ووصفتها صحيفة نيويورك تايمز بمدينة الأشباح.
وتعتمد الاستراتيجية الأمريكية على نقاط أساسية تسمى باحتفاء ساحة المعركة، حيث يصعب عزل مدينة حديثة، وأصعب منها عزل المقاتلين فيها عن الحضر، وإن الأمر يزداد صعوبة كلما توغلت القوات البرية داخل الحضر، حيث تفتقر للمبادرة العسكرية عندما تدخل القوات البرية، لذا يجب تدمير المدينة قبل الدخول. هذه الاستراتيجيات لا تتوقف عند الحدود العسكرية، بل تتجاوز ذلك إلى جعل التدمير سلاحاً ضد المقاوم أو المقاتل داخل تلك المدينة لينهي على وجوده لسنوات، إذ من المحتم أن ينشغل المدنيون والمقاومون فترة في تأمين الحياة اليومية، وبذلك تجعل التدمير أداة ردع لكل مجتمع يفكر في المقاومة