"رجاسا".. إعصار يضرب آسيا بوحشية ويغرق مدنًا ويهجر ملايين - الخليج الان

في لحظة أشبه بكابوس حيّ، اجتاح إعصار "رجاسا" مدينة هونج كونج كوحش هائج، محطماً الأبواب الزجاجية لفندق "فوليرتون أوشن بارك" ودافعاً بموجاته العاتية إلى قلب الردهة، حيث تحولت الأرضيات إلى بحيرة تجمرها المياه وتطيح بالمتواجدين داخلها.
المشاهد المصوّرة التي تداولها السكان جسدت صرخات الفزع ومحاولات الاستجاثة، بينما كان التيار العنيف يسحب الأجساد ويسقطها واحداً تلو الآخر. لم يكن الأمر مجرد هبوب رياح أو تساقط أمطار، بل كان صراعاً مباشراً مع قوة طبيعية تفوق قدرة البشر على المقاومة، تاركة خلفها دماراً هائلاً داخل الفندق وخارجه.

تايوان بين السد المنهار والضحايا المفقودين

لم تقتصر آثار "رجاسا" على هونج كونج وحدها، ففي تايوان ارتفعت حصيلة الضحايا إلى خمسة عشر قتيلاً، بينما لا يزال أكثر من مئة وأربعة وعشرين شخصاً في عداد المفقودين. السبب يعود إلى انهيار سد ترابي في مقاطعة هواليين، حيث اندفعت السيول الموحلة بجموح بركاني لتجتاح المنازل والبنى التحتية وتطيح بجسر كامل في بلدة جوانجفو. السكان الذين عاشوا المشهد وصفوه بأنه يشبه "انفجار بركان"، بينما لجأ نصف سكان البلدة، البالغ عددهم أكثر من ثمانية آلاف نسمة، إلى الطوابق العليا والمرتفعات في محاولة يائسة للنجاة من الطوفان.

الصين تستعد لموجة نزوح مليونية

وفي الصين، بدا المشهد أكثر اتساعاً مع إعلان السلطات إجلاء ما يقرب من مليوني شخص من إقليم جوانجدونج تحسباً لوصول الإعصار إلى اليابسة بين مدينتي يانججيانج وتشانجيانج. أكثر من اثنتي عشرة مدينة أوقفت الدراسة والأعمال والمواصلات، فيما رصدت محطة أرصاد جوية سرعة رياح بلغت مئة وخمسين ميلاً في الساعة في بلدة جوانداو. المشاهد في مدينة جوهاي جسدت انهيار الأشجار وتطاير الأسقف، بينما ضربت الأمواج العاتية الممشى البحري وحولت الشوارع إلى أنهار هادرة.

هونج كونج تدفع الثمن المباشر للعاصفة

أما هونج كونج، فقد تلقت الضربة بشكل مباشر، إذ وصلت سرعة الرياح إلى مئة وعشرين ميلاً في الساعة وأسفرت عن إصابة أكثر من ستين شخصاً نُقلوا إلى المستشفيات. الدمار طال واجهات المباني الزجاجية التي تحطمت بالكامل، فيما جمرت المياه مناطق بأكملها بالقرب من الأنهار، وسقطت مئات الأشجار على الطرق والسيارات. انقطاع الكهرباء ألقى بظلاله على المدينة، وسفينة تحطمت على الساحل تاركة محتوياتها مبعثرة، بينما تحولت بعض المطاعم إلى مشاهد خراب كامل. المدارس أُغلقت، الرحلات الجوية أُلغيت، والمواطنون لجأوا إلى مراكز إيواء مؤقتة في هونج كونج وماكاو، حيث تحولت الأخيرة إلى مدينة عائمة تتنقل فيها القوارب المطاطية لإنقاذ العالقين.

الفلبين تسجل حصيلة دامية جديدة

وفي الفلبين، التي تقع على خط مواجهة الأعاصير سنوياً، سجلت حصيلة أولية لمقتل عشرة أشخاص على الأقل، بينهم سبعة صيادين جرقوا في مقاطعة كاجايان. خمسة آخرون لا يزالون في عداد المفقودين، بينما تكشف الأيام المقبلة عن حجم المأساة الذي خلّفه مرور "رجاسا".

آسيا محاصرة بين الجرق والموت والدمار

بهذا المشهد، لا يظهر الإعصار كظاهرة طبيعية عابرة، بل ككارثة متعددة الوجوه، تضرب مناطق متباعدة بقوة متساوية، وتفرض على ملايين البشر النزوح والاحتماء في مواجهة جضب الطبيعة. آسيا الآن تعيش ساعاتها الأصعب، محاصرة بين الجرق والموت والدمار، بينما لا يزال "رجاسا" يواصل مساره المجهول.