اختلافات دماغ الرجل والمرأة.. أسرار علمية تغيّر النظرة التقليدية - الخليج الان

مع تطورات جديدة اختلافات دماغ الرجل والمرأة.. أسرار علمية تغيّر النظرة التقليدية، نقدم لكم كل ما تحتاجون إلى معرفته بشكل شامل ودقيق عن هذه التطورات ليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 05:17 صباحاً

Advertisements

لطالما سيطرت أفكار نمطية على تصوراتنا بشأن الفروقات بين الرجال والنساء: الرجال بارعون في قراءة الخرائط، النساء يبرعن في المهام المتعددة. الرجال منطقيون لا يجيدون التعبير عن مشاعرهم، والنساء عاطفيات لا يتصرفن بعقل في الأزمات. هذه الصورة التي تبدو "شعبية" تكرّست لعقود، وتغذت عليها أفكار ثقافية وإعلامية، بل وأحيانًا دراسات علمية ظاهرها موضوعية، لكن باطنها مشبع بالتحيّزات.

لكن، إلى أي مدى يمكن القول بأن الاختلاف بين عقول الرجال والنساء حتمي وثابت؟
وهل بيولوجيتنا وحدها من تحدد تصرفاتنا وسلوكياتنا وميولنا؟
أم أن العلم يقول شيئًا مختلفًا تمامًا؟

تُرجع الكثير من المعتقدات الشعبية الاختلافات السلوكية بين النساء والرجال إلى اختلافاتهم البيولوجية الأساسية، بدءًا من الجينات والهرمونات إلى الأعضاء التناسلية. وبحسب هذه الفرضية، فإن اختلاف شكل الجسد يعني بالضرورة اختلافًا في شكل الدماغ ووظائفه.

وفي عام 2017، أعاد موظف سابق في شركة غوغل هذا الجدل إلى الواجهة، حين كتب مذكرة داخلية زعم فيها أن النساء "بيولوجيًا" أقل اهتمامًا بالتقنية والبرمجة بسبب ارتفاع مستوى التعاطف عندهن، الأمر الذي يجعلهن أقل ملاءمة للعمل في شركة تكنولوجيا كبرى!

 جذور تاريخية

ليست هذه الأفكار حديثة. فمحاولات تفسير فروق الذكاء أو السلوك بناءً على الجنس تعود إلى القرن التاسع عشر، من خلال ما يُعرف بـ"علم قياس الجمجمة" (الفِرينولوجيا)، حيث اعتُبر أن حجم دماغ المرأة الأصغر يعني قدرات عقلية أقل.

ولاحقًا، مع تطور العلوم، بدأ البحث يركّز على مناطق محددة في الدماغ، مثل "الجسم الثفني" (Corpus Callosum)، وهو الجسر الذي يربط نصفي الدماغ. زعم بعض الباحثين أن حجمه أكبر لدى النساء، مما يفسر – حسب وجهة نظرهم – قدرتهن على التوفيق بين المشاعر والتحليل، وتفوقهن في المهام المتعددة.

صور الدماغ… بين التكنولوجيا والتضليل

مع بزوغ عصر التصوير الدماغي (مثل fMRI وEEG)، بدأت تُنشر صور ملوّنة تبهر القارئ العادي، وتُستخدم في بعض الأحيان لدعم أفكار نمطية عن اختلاف الجنسين.

لكن هذه الصور – كما يحذر العلماء – لا تعكس نشاط الدماغ بشكل مباشر، بل هي نتاج معالجات خوارزمية معقدة تُبرز فروقًا صغيرة جدًا عبر ألوان جذابة، مما قد يعطي انطباعًا مبالغًا فيه عن اختلافات حادة لا وجود لها في الواقع.

دراسة جامعة بنسلفانيا

في عام 2014، نشرت دراسة واسعة حللت مسارات التوصيل العصبي داخل أدمغة الرجال والنساء، وخلصت إلى أن الرجال يتمتعون بتوصيلات أقوى داخل كل نصف دماغ، بينما النساء لديهن توصيلات أقوى بين النصفين.

ومن ثم ربطت هذه النتائج – دون دليل مباشر – بسمات مثل "التفكير المنطقي" لدى الرجال و"التعاطف والتواصل" لدى النساء.

لكن الدراسة تجاهلت أمرين أساسيين:

لم تُقِس فعليًا سلوك المشاركين.

ركزت فقط على الاختلافات الإحصائية البسيطة، وتجاهلت أوجه التشابه الكبرى.

النتيجة؟ إعلام شعبي يحتفي بـ"اكتشاف علمي" يعيد تدوير الصور النمطية نفسها تحت غطاء بحثي.

أحد أكبر الأخطاء التاريخية في تفسير اختلافات الأدمغة هو ربط الحجم بالكفاءة. فعلى سبيل المثال، دماغ المرأة أخف بنحو 10% من دماغ الرجل، أي ما يقارب 140 غرامًا. لكن هذا لا يعني شيئًا في حد ذاته، لأن ما يهم هو كثافة الاتصالات العصبية والتوزيع الداخلي للوظائف، وليس الوزن أو الحجم.

وحين يتم تعديل نتائج الأبحاث لأخذ حجم الدماغ في الحسبان، تختفي معظم الاختلافات المفترضة بين الجنسين.

الدماغ… أكثر مرونة مما نظن

توضح الأبحاث الحديثة أن الدماغ ليس آلة جامدة بل عضو شديد التكيّف. يتغير في بنيته ووظائفه استجابة للخبرات الحياتية، والتعلم، والبيئة، والثقافة. هذه "المرونة العصبية" (Neuroplasticity) تعني أن:

القدرات العقلية لا تُحدَّد بالميلاد فقط، بل بالتجربة.

ما يُنظر إليه على أنه "سمة ذكورية" أو "أنثوية" قد يكون ناتجًا عن التنشئة الاجتماعية لا البيولوجيا.

لا توجد أدمغة ذكورية خالصة أو أنثوية خالصة، بل طيف واسع من التكوينات الفردية.

لماذا يجب أن نتوقف عن تصديق "الدماغ الذكوري" و"الدماغ الأنثوي"؟

الاستمرار في الترويج لفكرة وجود فرق بيولوجي صارم بين أدمغة النساء والرجال يؤدي إلى:

إعادة إنتاج التحيزات المجتمعية في المدرسة والعمل والسياسة.

تبرير التمييز ضد النساء في مجالات مثل التكنولوجيا أو القيادة أو الرياضيات.

تقويض الثقة بالنفس، خاصة لدى الفتيات والنساء.

تجاهل العوامل الثقافية والنفسية التي تؤثر على السلوك والاختيارات.

للحصول على تفاصيل إضافية حول اختلافات دماغ الرجل والمرأة.. أسرار علمية تغيّر النظرة التقليدية - الخليج الان وغيره من الأخبار، تابعونا أولًا بأول.

أخبار متعلقة :