تُعد مسألة استرداد الشقق المؤجرة وفقاً لنظام الإيجار القديم - عقب دخول التعديلات الجديدة التي أقرها مجلس النواب المصري بخصوص قانون الإيجار القديم حيز التنفيذ - بعد وفاة المستأجر الأصلي من القضايا الشائعة التي تثير الجدل بين المستأجرين والملاك. 

وفي هذا الصدد، وضع القانون الجديد قواعد أكثر تحديدًا لحالات الامتداد القانوني لعقد الإيجار، في محاولة لتحقيق التوازن بين مصالح الملاك من جهة، وحقوق الورثة المستفيدين من العقود القديمة من جهةٍ أخرى.

تنظيم توريث العقود عقب تعديلات قانون الإيجار القديم

يُمثل القانون المعدل تحولًا محورياً في العلاقة التعاقدية التي تربط كلً من الملاك والمستأجرين ببعض، حيث يحدد هذا القانون الحالات التي يُتاح للمالك أن يسترد الشقة المؤجرة بعد وفاة المستأجر، ما يضع حدًا لصراعات امتدت لعقود، ويفتح الباب لتسوية قانونية تنهي حالة الجمود التي فرضها الامتداد غير المحدود للعقود القديمة.

وذلك علي غرار الوضع السابق الذي كانت تنظمه تلك العقود قبل إقرار التعديلات الجديدة، حيث كانت تقوم بنقل ملكية العقود إلى زوجة أو أحد أبناء المستأجر الأصلي عقب وفاته تلقائياً، أو حتى إلي أحد والديه، بغض النظر عن ظروف الإقامة، إلا أن القانون الجديد للعام الجاري أعاد ضبط هذه الآلية، ليقتصر الامتداد فقط على الورثة الذين كانوا يقيمون فعليًا وبشكل دائم داخل الوحدة السكنية لحظة وفاة المستأجر، ما يُنهي حالة الامتداد الوراثي المفتوح.

حالات محددة لاسترداد العين المؤجرة

حدد قانون الإيجار القديم أيضًا عدة سيناريوهات تتيح للمالك المطالبة باسترداد الشقة بعد وفاة المستأجر الأصلي، أبرزها:

• عدم وجود ورثة تنطبق عليهم شروط الامتداد، مثل الزوج أو الأبناء أو أحد الوالدين، ممن كانوا يقيمون مع المستأجر وقت الوفاة.
• ثبوت انقطاع الإقامة، بمعنى أن الورثة لم يكونوا يسكنون فعليًا في الشقة قبل وفاة المستأجر، مما يلغي حقهم في التمديد القانوني للعقد.
• بلوغ الأبناء سن الرشد أو زواجهم أو انتقالهم للإقامة المستقلة، وهو ما يُنهي تلقائيًا امتداد العقد لهم ما لم يُبرم عقد إيجار جديد مع المالك.
• ترك الشقة مغلقة لفترة طويلة، أو عدم استخدامها استخدامًا سكنيًا حقيقيًا، وهي حالات تُعتبر مؤشرًا قانونيًا لقطع صلة الورثة بالعين المؤجرة.

رؤية متوازنة لضمان العدالة للطرفين

وقد تمكن المشرع من إثبات أن الغاية الرئيسية من وراء هذه التعديلات هو إعادة التوازن إلى علاقة غير متكافئة دامت لعقود، كان فيها الملاك محرومين من التصرف في ممتلكاتهم، بينما استفاد ورثة المستأجرين من الامتداد القانوني لعقود لا نهاية لها، ولذلك فإن القانون يحصر الامتداد في حالات واقعية ومحددة، دون المساس بحق الأسر التي تعتمد على هذه الوحدات كمأوى رئيسي، ما يحقق العدالة دون تهجير أو إضرار اجتماعي.

وعلى الرغم من وضوح النصوص القانونية، إلا أن استرداد الشقة لا يتم تلقائيًا، بل يستوجب من المالك التوجه إلى المحكمة المختصة وتقديم دعوى قانونية لاسترداد العين المؤجرة، يجب أن تتضمن إثباتات بوفاة المستأجر الأصلي، وغياب شروط الامتداد القانوني فيمن يقطن الوحدة بعده، وعادةً ما تصدر المحاكم أحكامًا لصالح المالك إذا توفرت الأدلة القانونية الكافية.