مع تطورات جديدة دراسة صينية تكشف الوجه المظلم لـ«تيك توك» في حياة الأطفال، نقدم لكم كل ما تحتاجون إلى معرفته بشكل شامل ودقيق عن هذه التطورات ليوم الأحد 14 سبتمبر 2025 07:12 مساءً
في أحد أحياء بكين الهادئة، جلست «ليو وين» تراقب طفلها البالغ من العمر أربع سنوات وهو يتنقل بين مقاطع «تيك توك» بلا توقف، ولم يستغرق الأمر دقائق حتى لاحظت الأم أن ملامحه تتغير بسرعة مع كل مقطع جديد: ضحك فجأة، ثم عبس، ثم صرخ وهو يقلّد حركات أحد المؤثرين. تقول وين: «كنت أظن أن الأمر مجرد تسلية، لكنني لاحظت أنه صار سريع الغضب، ويفقد صبره عند أبسط موقف».
كشفت دراسة صينية حديثة أجرتها جامعة جنوب غرب الصين، توصل فيها.الباحثون إلى أن الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة الذين يفرطون في استخدام «تيك توك» أكثر عرضة لإظهار سلوكيات عدوانية وعزلة اجتماعية.
وربطت الدراسة، المنشورة في دورية «ذا بريتيش جورنال أوف ديفولوبمنتال سيكولوجي»، بين طبيعة المحتوى السريع المتغير وقدرة الدماغ النامي على التركيز وضبط الانفعالات، مؤكدة أن هذا النمط من الاستهلاك لا يتناسب مع أطفال ما بين الثالثة والسادسة.
من الترفيه إلى القلق
تقول «سارة» وهي أم لطفلة في الخامسة، إنها فوجئت بأن ابنتها بدأت تقلّد تحدياً خطراً رآته على «تيك توك» مستخدمة أدوات المطبخ. تضيف: «أدركت وقتها أن المسألة ليست مجرد فيديوهات مضحكة، بل سلوكيات قد تعرضها للخطر». شهادتها تعكس ما يراه خبراء علم النفس بأن الأطفال في هذا العمر يملكون قدرة هائلة على التقليد من دون إدراك لعواقب الأفعال.
تجارب عالمية
في فرنسا، أوصت لجنة حكومية بضرورة حظر استخدام «تيك توك» لمن هم دون الخامسة عشرة، بعد تقارير متعددة عن تعرض أطفال للتنمر الرقمي ومحتوى غير لائق. أما في ألمانيا، فاختارت بعض المدارس مواجهة الظاهرة بقرار عملي: حظر الهواتف المحمولة نهائياً داخل الفصول. النتيجة كانت تحسناً ملحوظاً في تفاعل الطلاب مع بعضهم وزيادة قدرتهم على التركيز، وهو ما أكده أولياء الأمور الذين لاحظوا تغيّراً إيجابياً في سلوك أبنائهم داخل المنزل أيضاً.
أثر نفسي ممتد
توضح أبحاث أخرى في الولايات المتحدة وأوروبا أن الإفراط في استخدام «تيك توك» لا يقتصر أثره على السلوك اللحظي، بل يمتد إلى الصحة النفسية، حيث يرتبط بزيادة معدلات القلق والاكتئاب لدى المراهقين.
ويشير خبراء إلى أن خوارزميات التطبيق تدفع بالمستخدم إلى دوامة من المحتوى المثير أو الصادم لإبقاء الشاشة مشتعلة، حتى لو كان ذلك على حساب التوازن النفسي. منظمة العفو الدولية حذّرت بدورها من أن هذه البيئة قد تصبح «جنة للمفترسين» في ظل ضعف الرقابة وغياب أدوات حماية فعالة للأطفال.
مأزق الأسر
أمام هذه المعطيات، تجد الأسر نفسها في مواجهة سؤال صعب: هل الحل في المنع الكامل أم في الرقابة الجزئية؟ بعض الآباء يرون أن المنع غير واقعي في عالم يحيط بالأطفال بالشاشات من كل جانب، فيما يعتقد آخرون أن السماح بالاستخدام من دون ضوابط أشبه بترك الطفل في شارع مزدحم بلا إشراف. التوصيات التربوية تدعو إلى تحديد أوقات صارمة لاستخدام هذه التطبيقات، وتوجيه الأطفال نحو محتوى تعليمي وترفيهي مناسب، مع إشراكهم في أنشطة بديلة مثل الرياضة أو الفنون.
توازن مطلوب
في النهاية، تبدو القضية أبعد من مجرد تطبيق أو منصة واحدة. المسألة تتعلق بكيفية إعداد الجيل الجديد للعيش في عصر رقمي سريع التغير، من دون أن يصبح رهينة لشاشات لا تنطفئ. بين براءة الطفولة وقوة الخوارزميات، تظل مسؤولية الأسرة والمربين والمشرعين هي رسم الحدود، وتوفير بيئة رقمية آمنة تتيح للأطفال الاستفادة من الجانب المشرق للتكنولوجيا، وتحميهم من عواقبها المظلمة.
للحصول على تفاصيل إضافية حول دراسة صينية تكشف الوجه المظلم لـ«تيك توك» في حياة الأطفال - الخليج الان وغيره من الأخبار، تابعونا أولًا بأول.