شهدت الصادرات الصينية إلى القارة الأفريقية، التي تحتضن أكثر من 1.5 مليار نسمة، قفزة كبيرة خلال عام 2025، حيث ارتفعت بنسبة 25% على أساس سنوي، لتسجل نحو 122 مليار دولار، متجاوزة بذلك صادرات الصين إلى بقية الأسواق الكبرى، في وقت انخفضت فيه الطلبات القادمة من الولايات المتحدة بشكل ملحوظ.

صادرات قياسية تتجاوز أرقام 2020

الصادرات الصينية إلى أفريقيا في 2025 لم تكتف بتجاوز مستويات العام الماضي، بل تخطت أيضًا إجمالي ما تم تحقيقه خلال عام 2020 بأكمله، لتقترب من حاجز 200 مليار دولار، في ظل وتيرة نمو متسارعة تعكس تحولات استراتيجية في سياسة التوسع التجاري الصيني.

وتصدرت مصر، ونيجيريا، وجنوب أفريقيا، قائمة أكبر الدول المستوردة للسلع الصينية داخل القارة، فيما جاءت معدات البناء ضمن أسرع الصادرات نموًا خلال السبعة أشهر الأولى من العام، مسجلة قفزة بنسبة 63% على أساس سنوي.

أفريقيا وجهة بديلة بسبب الرسوم الأمريكية

التصعيد الجمركي الذي فرضته الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب أعاد تشكيل خريطة التجارة الصينية، مما دفع بكين إلى التوسع بشكل أكبر في الأسواق الناشئة، وعلى رأسها القارة الأفريقية.

ورغم الخلل المستمر في الميزان التجاري لصالح الصين، تعمل الحكومة الصينية على فتح أسواقها أمام المنتجات الأفريقية، سعيًا لتقليص هذا الفارق، والاستفادة من الفرص الاستثمارية في مشروعات البنية التحتية داخل القارة.

تقدم استراتيجي مدفوع بمبادرة "الحزام والطريق"

أوضح كريستوفر بيدور، نائب مدير الأبحاث الصينية في شركة Gavekal Dragonomics، أن المصدرين الصينيين حققوا تقدمًا لافتًا في تنويع أسواقهم خلال الأعوام الأخيرة، مشيرًا إلى أن ضعف قيمة اليوان هذا العام دعم القدرة التنافسية للمنتجات الصينية في أفريقيا.

وساهمت الحرب التجارية كذلك في تسريع توجه الصين نحو أفريقيا، خاصة في ظل فوز شركات صينية بعقود ضخمة تشمل تنفيذ مشروعات للبنية التحتية تمتد من السكك الحديدية إلى المجمعات الصناعية، مما رفع الطلب على المعدات والمواد الصناعية.

قفزات نوعية في صادرات المركبات والصلب

من أبرز مظاهر التوسع، تضاعف شحنات سيارات الركاب إلى أفريقيا، وحققت بعض أنواع منتجات الصلب معدلات نمو مرتفعة ومع ذلك، لا تزال حصة أفريقيا من إجمالي صادرات الصين محدودة نسبيًا، حيث تمثل حوالي 6% فقط، وهي نصف الحصة المخصصة للولايات المتحدة.

تحولات تجارية.. وإلغاء رسوم لدعم الشراكة

في مواجهة السياسة الحمائية الأمريكية، بادرت الصين في يونيو الماضي إلى إلغاء الرسوم الجمركية على جميع واردات الدول الأفريقية التي تربطها بها علاقات دبلوماسية كما سمحت بكين باستيراد منتجات زراعية من دول مثل إثيوبيا والكونغو وغامبيا وملاوي، ليرتفع عدد الدول الأفريقية التي حصلت على منفذ إلى السوق الصينية إلى 19 دولة.

أفريقيا..السوق القادم للصناعة الصينية

تطمح الصين إلى نقل جزء من قدراتها الصناعية إلى أفريقيا، التي تعاني من ضعف البنية التحتية وارتفاع تكاليف النقل، حيث يفتقر أكثر من نصف سكان القارة إلى مصادر طاقة مستقرة.

وقد أبرمت الدول الأفريقية، خلال النصف الأول من 2025، عقود إنشاءات مع الصين بلغت قيمتها 30.5 مليار دولار، وهو رقم يزيد بخمسة أضعاف مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما يُعد الأعلى على مستوى المناطق المشاركة في مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين منذ عام 2013.