في خطوة تعكس إصرار القاهرة على تعزيز مكانتها في أسواق الطاقة، قررت وزارة البترول والثروة المعدنية إطلاق مزايدة عالمية خلال سبتمبر المقبل للتنقيب عن الغاز في أعماق البحر الأحمر.

وهذه الخطوة تأتي رغم انسحاب ثلاث شركات كبرى – "شل" و"شيفرون" و"مبادلة" – مطلع العام الجاري بعد أن كشفت عمليات المسح السيزمي عن نتائج غير مجدية اقتصاديًا في مناطق امتيازها، والتي بلغت مساحتها أكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع، مع استثمارات كان من الممكن أن تتجاوز عدة مليارات دولار إذا تحققت اكتشافات واعدة.

أربعة قطاعات جديدة وحوافز استثمارية

وفقًا لمصادر ستطرح مصر أربع مناطق رئيسية في المزايدة المقبلة أمام الشركات العالمية، مع توفير حوافز غير تقليدية لتشجيع الاستثمار في المناطق "البكر" و"الحدودية" التي لم تُكتشف بعد. وتشمل هذه الحوافز السماح للشركات بتصدير حصة من إنتاجها لسداد المستحقات المالية، ورفع أسعار حصتها من الغاز المنتج، بما يعزز من جاذبية الاستثمار.

توازن بين الاحتياجات والإنتاج

تستهلك مصر نحو 6.2 مليارات قدم مكعب يوميًا من الغاز، بينما يبلغ إنتاجها الحالي قرابة 4 مليارات قدم مكعب، وتسعى الحكومة إلى رفع الإنتاج إلى 5 مليارات قدم مكعب يوميًا بنهاية العام، في محاولة لتقليص الفجوة وسد الطلب المحلي المتزايد.

بين الانسحاب والطموح

انسحاب الشركات العالمية لا يعني تراجع الاهتمام بالبحر الأحمر، بل يعكس طبيعة التحديات المرتبطة بالتكلفة والمخاطر. وفي المقابل، تراهن مصر على موقعها الاستراتيجي، وبنيتها التحتية المتطورة في تسييل وتصدير الغاز، لجذب شركات جديدة تبحث عن فرص في واحدة من أكثر المناطق الواعدة غير المستغلة بعد.

تسعى مصر من خلال هذه المزايدة الجديدة في البحر الأحمر إلى إعادة رسم خريطة استثمارات الطاقة، بعد سنوات من الاعتماد على الاكتشافات في شرق المتوسط، ورغم الانسحاب السابق لبعض الشركات الكبرى، فإن القاهرة تراهن على أن الحوافز الاستثمارية والتسهيلات غير المسبوقة ستجذب لاعبين جدد إلى قطاع الغاز. 

ومع استهلاك محلي يصل إلى 6.2 مليارات قدم مكعب يوميًا، وإنتاج يبلغ نحو 4 مليارات فقط، يبقى الهدف الأساسي رفع الإنتاج إلى 5 مليارات بنهاية العام، وخطوة تعكس رؤية استراتيجية لضمان أمن الطاقة، وتقليص الواردات، وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لتجارة وتصدير الغاز.