الارشيف / أخبار عامة

نتنياهو وزراعة الكراهية وتصاعد معاداة السامية - الخليج الان

نتنياهو وزراعة الكراهية وتصاعد معاداة السامية - الخليج الان

مع تطورات جديدة نتنياهو وزراعة الكراهية وتصاعد معاداة السامية، نقدم لكم كل ما تحتاجون إلى معرفته بشكل شامل ودقيق عن هذه التطورات ليوم الخميس 31 يوليو 2025 03:03 مساءً

منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم على رأس حكومة يمينية متطرفة، تصاعدت السياسات القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وتحولت الممارسات الإسرائيلية إلى انتهاكات شبه منهجية لحقوق الإنسان، شملت القصف المكثّف، التجويع، واغلاق المعابر الإنسانية، وفرض عقوبات جماعية بلا مبرر قانوني واضح. هذه السياسات لا تهدد الفلسطينيين وحدهم، بل تُضعف جوهر الشرعية السياسية والأخلاقية لإسرائيل على الساحة العالمية. هذه السياسات لم تقتصر على إلحاق الأذى بالفلسطينيين، بل أضرت بصورة إسرائيل بشكل بالغ على الساحة العالمية، وتسببت في تصاعد مشاعر الكراهية والرفض تجاهها في مختلف أنحاء العالم.

الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تضم شخصيات دينية وقومية متشددة، لم تتردد في تبني خطاب عنصري وسلوك عدواني ضد الفلسطينيين، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة. تجاوزت الإجراءات الإسرائيلية حدود ما يمكن تبريره بـ”الدفاع عن النفس”، لتتحول إلى انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، تشمل استهداف المدنيين، وهدم المنازل، وفرض العقوبات الجماعية، وتوسيع الاستيطان بشكل غير قانوني. هذه السياسات دفعت كثيراً من الشعوب، وحتى قطاعات واسعة من الرأي العام داخل الدول الغربية، إلى إعادة النظر في دعمهم التقليدي لإسرائيل، في وقت أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي تزخر بصور مروعة لأطفال يعانون من المجاعة، وجرحى تحت الأنقاض، وأحياء كاملة دمرت عن بكرة أبيها في غزة.

فالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة لا يزال مستمراً  منذ أكثر من عشرين شهرًا. لم يقتصر العدوان على القصف المباشر، بل اتخذ طابعًا شاملاً يستهدف الحياة بأكملها في القطاع، من خلال القتل الجماعي المباشر، وخلق ظروف معيشية كارثية أدت إلى ارتفاع مذهل في أعداد الضحايا، فضلاً عن التسبب بأذى بدني ونفسي جسيم لكامل سكان القطاع. كما شملت العدوان تدميرًا واسع النطاق للبنية التحتية، وتفكيكًا منهجيًا للنسيج الاجتماعي الفلسطيني، بما في ذلك استهداف المؤسسات التعليمية والمواقع الثقافية. وجرى اعتقال آلاف الفلسطينيين دون محاكمة، وسط تقارير تؤكد تحوّل السجون الإسرائيلية إلى مراكز تعذيب ممنهج. وقد ترافقت هذه الإجراءات مع عمليات تهجير قسري جماعي، وصلت إلى حد محاولات للتطهير العرقي، بل وتحويل هذا الهدف إلى جزء مُعلن من الاستراتيجية الحربية الإسرائيلية. وتعد محاولة تقويض وكالة الأونروا (UNRWA) جزءًا من هذا الهجوم المنظم على الهوية الوطنية الفلسطينية، حيث تم تدمير مخيمات اللاجئين عمداً في سياق استهداف إرث اللجوء الفلسطيني. والنتيجة هي ضرر بالغ، وربما غير قابل للإصلاح، لأكثر من مليوني إنسان في غزة، بصفتهم جزءًا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني

ولم تمر تلك التطورات مرور الكرام، بل أثارت غضباً دولياً متزايداً وصل حتي إلى الجاليات اليهودية نفسها، حيث أطلق عدد من المفكرين اليهود البارزين تحذيرات واضحة بشأن تبعات سياسات حكومة نتنياهو. الصحفي والمفكر اليهودي الأمريكي بيتر بينارت (Peter Beinart) أكد أن ربط الهوية اليهودية بدعم الاحتلال والفصل العنصري سيؤدي إلى نتائج كارثية، ليس فقط على الفلسطينيين، بل أيضاً على الجاليات اليهودية حول العالم، قائلاً إن “هذا الربط يولّد كراهية لا تفرق بين إسرائيل واليهود الآخرين”. أما المفكر الأمريكي ناعوم تشومسكي (Noam Chomsky)، فحذر من أن ما تفعله إسرائيل اليوم “يسهم في خلق بيئة خصبة لمعاداة السامية”، وأضاف أن “حين يرى الناس صور الأطفال الذين يموتون جوعاً في غزة، فإن الغضب لا يُوجّه فقط لإسرائيل، بل قد يمتد إلى اليهود بشكل عام، وهذا تطور خطير يجب التنبّه له”. من بين أبرز الأصوات الإسرائيلية التي نُشرت آراءً نقدية، دعا إهود باراك (Ehud Barak)، رئيس الوزراء الأسبق، إلى إقالة فورية لنتنياهو، معتبراً أن حكومته تُسبب “ضرراً استراتيجياً جسيمًا لإسرائيل” بسبب غياب خطة واضحة لما بعد الحرب، وغياب تنسيق مع حلفاء إقليميين وتابع باراك تحذيراته بأن الحكومة الحالية، بتكوينها من أحزاب يمينية متطرفة، تعمل على تقويض الديمقراطية الإسرائيلية، وتُظهر “علامات فاشية”، داعياً إلى مقاومة سلمية واسعة ومنع انزلاق الدولة إلى نظام سلطوي


و من داخل إسرائيل نفسها، حذّرت الناشطة الحقوقية جيسكا مونتيل (Jessica Montell)، المديرة السابقة لمنظمة “هموكيد”، من أن سياسات العنف الجماعي لا تجلب الأمان، بل “تزرع الكراهية وتؤدي إلى عواقب وخيمة، ليس فقط على الفلسطينيين بل أيضاً على علاقات الجاليات اليهودية حول العالم”. وفي السياق ذاته، أشار الكاتب اليهودي الأمريكي بريت ستيفنز (Bret Stephens) إلى أن حكومة نتنياهو تدفع إسرائيل إلى “عزلة أخلاقية مدمرة”، مشدداً على أن انتشار صور المجاعة والموت بين الأطفال في غزة “يضع اليهود حول العالم في موقف دفاعي أخلاقي لا يُحتمل”. ولم تكن هذه التحذيرات محصورة في النخب الفكرية، بل وصلت إلى مؤسسات طلابية مثل اتحاد الطلاب اليهود في المملكة المتحدة (Union of Jewish Students - UJS)، الذي عبّر عن قلقه من تصاعد الهجمات والتهديدات ضد الطلاب اليهود نتيجة الربط المتزايد بين اليهودية وسياسات القمع والقتل في غزة وحتى في ذكرى الهولوكوست ذهب المحتشدون إلى ما هو أبعد، فقد خرج ناجون من المحرقة وعائلاتهم في مظاهرات نادرة أمام بيت ياد فاشيم في القدس، مؤكدين أن شعار “لن نسمح بعد الآن” يجب أن ينطبق على الفلسطينيين أيضاً، وأن معاناتهم تستوجب نفس التذكّر والاعتبار والرأفة الإنسانية، رغم الخوف من توجيه اتهامات بالخيانة ، وتعكس هذه الحركات الاحتجاجية الداخلية تحولاً بطيئاً ولكنه بارز في المزاج العام داخل إسرائيل— من التماهي مع رواية الحرب والأمن، إلى تساؤلات حول الشرعية الأخلاقية والسياسية للقرارات التي تدفع بالمجتمع إلى مزيد من العنف والعزلة

وذلك مع تزايد الاقتناع بان السياسات العنيفة التي تنتهجها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لا تضر فقط بالشعب الفلسطيني، بل تلقي بظلال خطيرة على المجتمعات اليهودية في العالم بأسره. فحين تقترن الهوية اليهودية، في الخطاب السياسي والإعلامي الغربي، بشكل مباشر أو غير مباشر، بدولة تمارس القمع والتجويع والقصف الجماعي بحق المدنيين، يصبح الخطر قائماً بأن يتحول الغضب الشعبي، لا سيما بين الأوساط غير الواعية، إلى شكل من أشكال معاداة السامية (Antisemitism). هذه المفارقة الخطيرة حذر منها عدد من المفكرين اليهود البارزين، الذين شددوا على أن ربط اليهودية بدولة إسرائيل – خاصة عندما تكون الأخيرة في ذروة ممارساتها القمعية – يُعد عبئاً أخلاقياً وسياسياً لا يمكن تحمّله. كما قال بينارت: “إن تحويل إسرائيل إلى مرآة لليهودية، بينما هي تُمارس سياسات عنصرية وقتلاً جماعياً، لا يهدد فقط الفلسطينيين، بل يهدد يهود العالم الذين سيدفعون ثمن هذا الربط في الخطاب العام”. ونبّه تشومسكي إلى أن “الدعم الغربي الأعمى لإسرائيل، في ظل مشاهد الإبادة والبؤس الإنساني في غزة، لا يمكن إلا أن يولد ردود أفعال متطرفة”، محذراً من أن معاداة السامية قد تجد في هذه البيئة المتوترة أرضاً خصبة للانتشار. وقد عبّر اتحاد الطلاب اليهود في بريطانيا عن قلقه من هذه التطورات، مشيراً إلى أن إسرائيل، بدل أن تكون ملاذاً آمناً، أصبحت سبباً في تهديد الأمن المجتمعي لليهود في الشتات. ما تفعله حكومة نتنياهو، بدلاً من أن “تحمي اليهود”، كما تزعم، يسهم فعلياً في تأجيج خطاب الكراهية ضدهم. وإن استمرار هذه الممارسات دون محاسبة، واستغلال بعض الحكومات الغربية لصمتها الأخلاقي بذريعة دعم إسرائيل، لن يؤدي فقط إلى تفكك المنظومة القانونية الدولية، بل إلى تأجيج صراع هوياتي ستكون المجتمعات اليهودية الأبرياء أول ضحاياه.

وفي أوروبا، بدأ صوت الرفض الرسمي يتصاعد كذلك. في بلجيكا، عبّر الملك فيليب (King Philippe of Belgium) في خطاب رسمي عن أسفه العميق إزاء الوضع الإنساني في غزة، واصفاً ما يجري بأنه “عار على الإنسانية”. من جانبه، حذّر رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو (Alexander De Croo) إسرائيل من استخدام الجوع كسلاح حرب، وأكد أن بلجيكا ستواصل دعم جهود المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق شامل في الانتهاكات بحق الفلسطينيين. كما دعت وزيرة التنمية كارولين جينيز (Caroline Gennez) إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم الجماعية، بينما طالب برلمانيون بلجيكيون بفرض عقوبات على وزراء الحكومة الإسرائيلية المتطرفة مثل إيتمار بن غفير (Itamar Ben Gvir) وبتسلئيل سموتريتش (Bezalel Smotrich).

في فرنسا، عبّر الرئيس إيمانويل ماكرون (Emmanuel Macron) عن قلقه الشديد من استمرار الحرب، وانتقد علناً ممارسات إسرائيل العسكرية، داعياً إلى وقف دائم لإطلاق النار وإلى “احترام حياة المدنيين”، ومشدداً على أن “جميع الأرواح متساوية”. أما وزير الخارجية جان‑نويل بارو (Jean‑Noël Barrot)، فقد أكد أن فرنسا ليست متواطئة في الجرائم في غزة، رغم الانتقادات الواسعة التي طالت الموقف الرسمي الفرنسي من قبل الأكاديميين والنقابات والصحافة المستقلة. كما وقّع مئات المثقفين الفرنسيين على بيانات تندد بصمت الحكومة، مشيرين إلى أن “السكوت على الجرائم بحق الأطفال والنساء في غزة يعني التواطؤ”.

أما في المملكة المتحدة، اعلن رئيس الوزراء كير ستارمر عن اعتزام بريطانيا الاعتراف بالدوله الفلسطينية خلال الدوره للجمعيه العامه للامم المتحده في سبتمبر القادم ما لم تتخذ الحكومه الاسرائيليه خطوات جوهريه لانهاء الوضع المروع في غزه والموافقه علي وقف لاطلاق النار والالتزام بسلام طويل الامد واحياء احتمالات حل الدولتين كما وقّع 36 عضواً في مجلس نواب الجالية اليهودية البريطانية (Board of Deputies of British Jews) على رسالة مفتوحة نُشرت في فاينانشيال تايمز، أدانوا فيها العمليات العسكرية الإسرائيلية وحذروا من أن “روح إسرائيل تُقتلع”، مطالبين بوقف الحرب فوراً. كما وقّع عدد من كبار الأكاديميين القانونيين البريطانيين، منهم Lord David Neuberger وPhilippe Sands KC، على عريضة تتهم إسرائيل بانتهاك القانون الدولي الإنساني، مشيرين إلى أن استخدام التجويع والحصار قد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية. وطالب أكثر من 220 نائباً في البرلمان البريطاني، معظمهم من حزب العمال، باعتراف رسمي بدولة فلسطين ووقف تصدير السلاح لإسرائيل، معتبرين أن “الرد العسكري غير المتكافئ يقوّض مصداقية بريطانيا الأخلاقية”.

وفي كل من إسبانيا وأيرلندا، بادرت حكومتا البلدين بدعم الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية كخطوة ضرورية لإعادة التوازن إلى العلاقات الدولية ووقف مسلسل العنف. أما في هولندا، فقد شهدت تحولاً غير مسبوق، حيث أعلنت رسمياً تصنيف إسرائيل كتهديد للأمن القومي، في خطوة تاريخية تعكس مدى التدهور الذي لحق بصورة إسرائيل في المؤسسات الغربية. وقد جاء هذا التصنيف من قبل المنسق الوطني الهولندي للأمن ومكافحة الإرهاب (NCTV)، الذي أشار إلى حملات التضليل الإعلامي، والتدخل في العمليات الديمقراطية، ومحاولات التأثير على مؤسسات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (ICC)، كأسباب رئيسية لهذا القرار. وأكد التقرير الرسمي أن إسرائيل تسعى لتقويض القانون الدولي من خلال ضغوط خارجية منظمة وعمليات تأثير تستهدف خصومها، بما في ذلك الأكاديميون والقضاة والناشطون الحقوقيون. ويأتي هذا التحول بعد احتجاجات طلابية حاشدة، وقرارات قضائية بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، فضلاً عن الغضب الشعبي المتصاعد إزاء الكارثة الإنسانية في غزة، مما يعكس تراجع التسامح الغربي مع ممارسات إسرائيل.

وليس الموقف الهولندي حالة منفردة. فعلى مستوى العالم، تواجه إسرائيل انتقادات غير مسبوقة من المجتمع المدني، والمؤسسات القضائية الدولية، وحتى من حلفائها التقليديين. فقد قطعت دول في أمريكا اللاتينية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، ورفعت جنوب إفريقيا دعوى إبادة جماعية ضدها أمام المحكمة الجنائية الدولية، بينما تشهد عواصم أوروبية مظاهرات حاشدة تطالب بمحاسبة إسرائيل على ما يُوصف بإبادة ممنهجة للشعب الفلسطيني.

وفي إيطاليا، بدأت الأصوات المعارضة تتصاعد بشكل متسارع داخل الأوساط السياسية والأكاديمية والإعلامية، احتجاجاً على موقف الحكومة الإيطالية الداعم لإسرائيل، لا سيما في ظل حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني (Giorgia Meloni)، ذات التوجه اليميني. ففي البرلمان، عبّر عدد من النواب عن استيائهم مما وصفوه بـ”الصمت الأخلاقي” تجاه المجازر في غزة، مؤكدين أن استمرار دعم إسرائيل بالسلاح أو التغطية السياسية يُعد تواطؤاً ضمنياً في جرائم محتملة ضد الإنسانية. نواب من أحزاب يسارية، مثل الحزب الديمقراطي (Partito Democratico) وحركة خمس نجوم (Movimento 5 Stelle)، دعوا إلى مراجعة العلاقات العسكرية والدبلوماسية مع إسرائيل، مؤكدين أن إيطاليا لا يمكنها التوفيق بين دعمها للقانون الدولي من جهة، وغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية من جهة أخرى. كما تقدمت كتلة من البرلمانيين بمذكرة تطالب الحكومة بتعليق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل وفتح تحقيق في احتمال استخدام تلك الأسلحة في استهداف المدنيين في غزة. من جانبها، عبّرت أصوات أكاديمية بارزة من جامعات روما وبولونيا ونابولي عن قلقها المتزايد من أن الموقف الرسمي الإيطالي لا يعكس المزاج الشعبي العام، الذي أصبح أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين في ظل انتشار صور الأطفال والنساء تحت الأنقاض. كما شهدت الجامعات والمدن الإيطالية الكبرى احتجاجات طلابية حاشدة تطالب الحكومة الإيطالية بقطع العلاقات مع إسرائيل، وتدعو إلى فرض عقوبات دولية على حكومة نتنياهو. الإعلام الإيطالي أيضاً لم يبقَ صامتاً، إذ نشرت صحف مثل لا ريبوبليكا (La Repubblica) وإل فاتو كوتيديانو (Il Fatto Quotidiano) تقارير وتحقيقات تتناول حجم الدمار الإنساني في غزة، وانتقدت تغطية بعض القنوات الرسمية المنحازة للرواية الإسرائيلية. وفي الوقت ذاته، أصدر عدد من المثقفين والفنانين الإيطاليين بياناً جماعياً يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، ويحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن المجاعة والدمار الذي لحق بالمدنيين الفلسطينيين.

وفي تطور غير مسبوق، أعلن مجلس اللاجئين النرويجي (Jan Egeland) أن “الاستخدام المفرط للقوة” والحصار المفروض على غزة يمكن أن يصل إلى مستوى جريمة حرب، معبّراً عن أن الصمت الدولي حيال معاناة المدنيين، لا سيما الأطفال والجرحى، سيجعل التاريخ يدين العالم بأسره  .

على المستوى الأممي، وصف الأمين العام أنطونيو غوتيريش (António Guterres) الوضع في غزة بأنه “كارثة إنسانية ملحمية”، محذراً من أن “تحويل تلك التهدئة إلى وقف دائم لإطلاق النار بات أمراً حيوياً”، لأنه خلاف ذلك سيستمر نزيف الأرواح في موجة جوع ومعاناة لا تُطاق      وفي حديثٍ عاجل أمام مجلس الأمن بتاريخ 23 يوليو 2025، أعلن خالد خياري (Khaled Khiari) — المساعد الأمين العام لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ – أن الوضع في غزة بات “أكثر مأساوية من أي وقت مضى خلال هذه الأزمة”، محذّرًا من أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة في دير البلح وتكرار التهجير القسري، بالإضافة إلى عمليات الاستهداف المباشر لمقار الأمم المتحدة، قد أدّت إلى قتل ما لا يقل عن 1,891 فلسطينيًا منذ نهاية يونيو، منهم نحو 294 قتلوا أثناء محاولتهم جمع المعونات. وشدّد خياري على أن أي تهجير إضافي سيُعد خرقًا خطيرًا للقانون الدولي، داعيًا إلى وقف فوري للحرب، وإطلاق جميع الرهائن، إلى جانب فتح معابر إنسانية وإعادة بناء قطاع غزة ضمن إطار حل الدولتين  ، كما حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (Volker Türk) أمام مجلس الأمن من خطر مرتفع ومتزايد لارتكاب “جرائم فظيعة” من خلال استخدام التجويع كأسلوب حرب وعقاب جماعي بحق المدنيين، داعياً لفتح تحقيق مستقل ومحاسبة المسؤولين ، ومن بين المنظمات الإنسانية، وصفت يونيسف (UNICEF) الوضع بأنه “حرب على الأطفال”، مع تسجيل مئات الوفيات اليومية وسط نزوح ملايين من الخدمات الأساسية، مشددة على أنهم “بلا ملاذٍ ولا مكان آمن”  ومن بين أبرز التحذيرات الإنسانية، أعادت Cindy McCain، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي (WFP)، حث العالم على التحرك بسرعة، مؤكدة أن حوالي 470,000 شخص في غزة يواجهون مجاعة كارثية، وأن آلاف الأطفال بحاجة لعلاج عاجل لتجنب الموت من سوء التغذية الحاد. وأضافت: “عائلات جائعة بينما الغذاء جاهز على الحدود. إنه تذكير بمدى إخفاق المجتمع الدولي في إنقاذ الحياة حين ننتظر إعلان المجاعة رسمياً”  
وأطلقت أكثر من مائة منظمة دولية غير حكومية – من بينها أطباء بلا حدود (MSF) وSave the Children وOxfam – تحذيرات عن “مجاعة جماعية” تستهدف المدنيين في غزة، مشيرة إلى أن نظام توزيع المساعدات تحوّل إلى “فخٍّ للموت”، وأن إغلاق الممرات من قبل اسرائيل هو قرار متعمد يعرّض آلاف المدنيين للموت، وداعين لوقف فوري للقتال ورفع الحصار كليًا    

ورغم تصاعد هذه المواقف الأخلاقية والحقوقية، اختارت غالبية الحكومات الغربية الرسمية الاستمرار في دعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً، بل وسعت إلى تقييد المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، ومارست ضغوطاً على الإعلام والنقابات والجامعات لمنع أي انتقاد لسياسات تل أبيب. هذا التواطؤ العلني أضر بمصداقية هذه الدول، التي ترفع شعارات حقوق الإنسان وحرية التعبير، لكنها تسكت أو تتواطأ حين يتعلق الأمر بانتهاكات إسرائيل، مما كشف ازدواجية المعايير وأدى إلى فقدان الثقة بمواقفها.

إن ما تفعله الحكومة الإسرائيلية اليوم لا يمكن اعتباره دفاعاً عن النفس أو تطبيقاً للقانون، بل هو استثمار منظم في زراعة الكراهية، ومراكمة الغضب، وتكريس ثقافة الإقصاء والعنصرية. هذا النهج، إلى جانب تواطؤ حكومات تدّعي الدفاع عن القيم الديمقراطية، يضع العالم أمام معادلة أخلاقية خطيرة، ويهدد النظام الدولي الذي يُفترض أنه قائم على العدالة والحقوق. ما لم يتحرك المجتمع الدولي لوقف هذا الانحدار، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها، فإن الكراهية ستستمر في التنامي، ومعها ستستمر إسرائيل في خسارة شرعيتها الأخلاقية، وستنفضح كل الادعاءات الغربية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان أمام أعين شعوب العالم.

في تأجيج خطاب الكراهية ضدهم. وإن استمرار هذه الممارسات دون محاسبة، واستغلال بعض الحكومات الغربية لصمتها الأخلاقي بذريعة دعم إسرائيل، لن يؤدي فقط إلى تفكك المنظومة القانونية الدولية، بل إلى تأجيج صراع هوياتي ستكون المجتمعات اليهودية الأبرياء أول ضحاياه.

وفي تصريح مؤثر، قالت الممثلة البريطانية‑الأسترالية مريم مارغوليز (Miriam Margolyes)، وهي يهودية من جيل الناجين من الحرب العالمية الثانية: “أنا في الثامنة والثمانين من عمري، ولم أشعر بالخجل من إسرائيل كما أشعر الآن. لقد تحوّلت من دولة نجت من الهولوكوست إلى دولة تمارس إبادة ممنهجة”. وأضافت: “لقد انتصر هتلر في النهاية، لأنه نجح في تحويلنا من شعب مضطهد إلى دولة قاتلة”. ووجّهت نداءً إلى اليهود حول العالم قائلة: “اصرخوا، توسّلوا، اصرخوا من جديد من أجل وقف إطلاق النار” (Shout, beg, scream for a ceasefire). وقد لاقت كلماتها صدى واسعًا داخل الجاليات اليهودية، واعتُبرت تعبيرًا صادقًا عن الصراع الأخلاقي الذي يعيشه كثير من اليهود تجاه السياسات الإسرائيلية المتطرفة التي لا تُمثل روح اليهودية ولا إنسانيتها

ومن ناحيه اخري خلص تقرير مؤسسة بتسيلم (B’Tselem) هي منظمة غير حكومية إسرائيلية، تصف نفسها بأنها «المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة بعنوان “ Our Genocide” إلى أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية ممنهجة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، تتجلى في القتل الجماعي، التهجير القسري، التجويع، وتدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية، إلى جانب استهداف الهوية الثقافية والاجتماعية الفلسطينية، وذلك ضمن سياسة مدروسة ومدعومة بتصريحات علنية من مسؤولين سياسيين وعسكريين تعكس نية واضحة لتدمير المجتمع الفلسطيني، وهو ما يشكّل، وفق التقرير، تطبيقًا فعليًا لتعريف الإبادة Genocide في القانون الدولي.

وتؤكد تلك التطورات ان الدوائر اليهوديه سواء في داخل اسرائيل او من قبل الجاليات اليهوديه في الخارج انها اصبحت تتهم نتنياهو وحكومته المتطرفه بأنها باتت مسئوله عن الاضرار بسمعه اسرائيل في العالم وبتصاعد الكراهيه ضد اليهود في العديد من دول العالم.

السفير عمرو حلمي 

للحصول على تفاصيل إضافية حول نتنياهو وزراعة الكراهية وتصاعد معاداة السامية - الخليج الان وغيره من الأخبار، تابعونا أولًا بأول.

Advertisements

قد تقرأ أيضا