في ظل موجات الغلاء المتتالية وارتفاع تكلفة المعيشة، بات الذهب والسبائك خيارًا مفضلًا لقطاع متزايد من المصريين الذين يسعون لحماية مدخراتهم من تآكل القيمة. ومع تذبذب سعر الدولار وتراجع الثقة في بعض أدوات الادخار التقليدية، عاد "الادخار المعدني" ليتصدر المشهد، مدفوعًا برغبة الأفراد في تأمين مستقبلهم المالي وسط ظروف اقتصادية غير مستقرة.

ويأتي هذا الإقبال المتزايد على شراء السبائك، وليس فقط المشغولات الذهبية، في إطار تحوّل سلوك المواطنين من الشراء بغرض الزينة إلى الادخار المباشر، وذلك بسبب عدة عوامل:

التحوط من التضخم
الارتفاع المتسارع في أسعار السلع والخدمات دفع كثيرين إلى البحث عن أداة تحفظ القوة الشرائية لأموالهم، ولا تتأثر سلبًا بالتقلبات الاقتصادية، وهو ما يوفره الذهب تاريخيًا.

تراجع الثقة في الجنيه
بعد موجات متكررة من انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار، أصبح الذهب ملاذًا آمنًا، خاصة في ظل توقعات بحدوث تذبذبات مستقبلية في سعر الصرف.

سهولة الشراء والتداول
انتشرت خلال الفترة الأخيرة تطبيقات ومحلات متخصصة تتيح شراء السبائك بأوزان صغيرة تبدأ من 1 جرام، ما جعل الادخار بالذهب متاحًا لشرائح مختلفة من المواطنين، وليس مقتصرًا على الأثرياء فقط.

غياب بدائل ادخارية ذات عائد مجزٍ
على الرغم من إصدار بعض البنوك لشهادات استثمار مرتفعة العائد، فإن عددًا من المصريين يفضّل الذهب كخيار لا يخضع لضرائب أو فترات تجميد طويلة.

اتجاهات السوق:
تشير بيانات السوق إلى أن الطلب على السبائك ارتفع بنسبة تتجاوز 30% خلال النصف الأول من 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. كما زادت مبيعات الذهب عبر المنصات الرقمية وتطبيقات المحمول، التي باتت تمثل قرابة 20% من حركة الشراء الكلية.

في المقابل، حذرت بعض الجهات من أن ارتفاع الإقبال الفردي على الذهب قد يؤدي إلى مزيد من الضغط على السيولة، كما قد يفتح المجال أمام المضاربة في الأسعار، خاصة في ظل ضعف آليات الرقابة على سوق السبائك غير المشغولة.

الادخار المعدني لم يعد رفاهية أو وسيلة للزينة فقط، بل تحول إلى خيار اقتصادي واقعي في مواجهة تآكل المدخرات النقدية. ومع استمرار الضغوط الاقتصادية، من المرجح أن يظل الذهب حاضنًا لثقة الأفراد، ما لم تظهر بدائل أكثر استقرارًا وربحية في المستقبل القريب.