أوكرانيون يسلكون طريق فرار "مُكلِف" هربًا من التجنيد

محمد الرخا - دبي - السبت 29 يونيو 2024 10:06 مساءً - يسلك أوكرانيون طريق فرار باهظ التكلفة إلى خارج البلاد، هربًا من التجنيد الإجباري، رغم حظر وطني يمنع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا من مغادرة البلاد.

Advertisements

ومن المتوقع أن تتزايد محاولات الفرار من أوكرانيا بعد اعتمادها أخيرًا، تدابير لتعبئة شاملة جديدة، تسمح للجيش باستدعاء المزيد من الجنود وفرض عقوبات أكثر صرامة على التهرب من التجنيد.

وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إنه منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، في الـ24 من شهر شباط/فبراير لعام 2022، يُعتقد أن أكثر من 20 ألف رجل فروا من البلاد لتجنب التجنيد الإجباري، بعضهم سبح وغرق أثناء محاولتهم عبور حدود أوكرانيا إلى رومانيا.

وذكرت الصحيفة أن القوات المسلحة الأوكرانية تُعاني من نقص شديد في الجنود، وهو ما دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في شهر أبريل/نيسان الماضي، على قانون مثير للجدل خفض سن الخدمة العسكرية من 27 إلى 25 عامًا.

وأشارت إلى أنه بموجب المبادئ التوجيهية الجديدة، يمكن أن يفقد المتهربون من التجنيد رخص القيادة الخاصة بهم، وتجميد حساباتهم المصرفية ومصادرة ممتلكاتهم.

لست مخلوقًا للحرب

وبقي ديميترو، المصور البالغ من العمر 31 عامًا من خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، مختبئًا في شقته، ونادرًا ما يخرج منها، لتجنب تجنيده في الجيش.

ونقلت الصحيفة عن دميترو قوله: "أريد مغادرة البلاد، لا يمكن لعقلي أن يتحمل بقائي عالقًا هنا بعد الآن"، مضيفًا "لم أفكر قط في المغادرة حتى صدور قوانين التعبئة، لكنني لا أستطيع البقاء في شقتي إلى الأبد".

أنا لست مخلوقًا للحرب، لا أستطيع أن أقتل الناس، حتى لو كانوا روسًا، لن أصمد طويلًا في الجبهة

ديميترو

وأوضحت أن دميترو تواصل مع أصدقائه، الذين فروا عبر الإنترنت ووعدوه بتسهيل هروبه مقابل رسوم باهظة تبدأ من 8000 يورو ما يُعادل 6800 جنيه إسترليني.

ومضى دميترو قائلًا: "أنا لست مخلوقًا للحرب، لا أستطيع أن أقتل الناس، حتى لو كانوا روسًا، لن أصمد طويلًا في الجبهة، أريد أن أبني أسرة وأرى العالم. أنا لست مستعدًا للموت".

أكثر صعوبة

بدوره شارك أندريه، وهو عامل في مجال تكنولوجيا المعلومات يبلغ من العمر 23 عامًا من أوديسا، "الغارديان" برسالة تلقاها تحتوي على معلومات تفصيلية حول كيفية مغادرة البلاد.

وحددت الرسالة طريقين للهروب: الأول يتضمن عبور الحدود المولدوفية باستخدام جواز سفر مزور، بينما الخيار الآخر يتيح إدراج أندريه ضمن فئات الفنانين، وهي فئة يُسمح لها أحيانًا بالخروج من البلاد.

وفي الرسالة كتب الشخص، الذي يتولى عملية التهريب أن كلا المخططين يكلفان حوالي 8000 يورو، وفقًا لما ذكرت الصحيفة.

وبينت الصحيفة أن أندريه حاول في الصيف الماضي عبور الحدود إلى مولدوفا باستخدام شهادة طبية مزورة تفيد بأنه غير لائق للخدمة، لكن محاولته فشلت عندما شكك حرس الحدود في صحة الشهادة، وتم نقله على الفور إلى مكتب التجنيد، لكن أطلق سراحه بعد دفع رشوة.

أخبار ذات صلة

"التجنيد الإجباري" يثير "رعب" المغاربة الأوكرانيين

وقال أندريه: "الرحلة أصبحت أكثر صعوبة وأصبح مسؤولو الحدود أقل رغبة في تلقي الرشاوى، لا أعتقد أنني سأكون محظوظًا للمرة الثانية إذا ساءت الأمور"، مضيفًا "أنا حاليًا في الإقامة الجبرية التي فرضتها على نفسي، لا أترك شقتي على الإطلاق".

وذكرت الصحيفة البريطانية أنه لا توجد أرقام دقيقة لعدد الرجال المختبئين أو الذين يخططون للمغادرة، ولكن في المدن الكبرى ظهرت قنوات "تليغرام" تضم الآلاف من الأعضاء، حيث يبلغ المستخدمون عن رؤية فرق المتابعة من ممثلي الدولة لمساعدة الآخرين على تجنبها.

وأعرب الكثيرون عن خوفهم من الهلاك في معركة تتميز بقتال خنادق مروع ومعدل وفيات كبير، فيما ذكر آخرون مقاومتهم للتجنيد الإجباري بسبب ما اعتبروه تدريبًا غير كافٍ قبل إرسالهم إلى الخطوط الأمامية، واختار البعض تجنب التعبئة لأسباب عائلية معقدة.

العائلة في المقام الأول

وقال ميخايلو، وهو مدرب رياضي من ماريوبول يعمل في كييف، إن والديه ما زالا يعيشان في المدينة الساحلية، التي سيطرت عليها روسيا في ربيع عام 2022.

وقال: "عائلتي في ماريوبول ستكون في خطر مباشر إذا اكتشف الروس أنني أقاتل"، مضيفًا "أنا أحب بلدي وأريد القتال، لكن العائلة تأتي في المقام الأول، إنه وضع صعب للغاية".

وتظهر استطلاعات الرأي أنه لا يزال هناك عدد كبير من الرجال المستعدين للتعبئة، فإن حملة التجنيد الإلزامي في أوكرانيا تخاطر بتقسيم المجتمع الأوكراني، الذي يعاني بالفعل من إرهاق الحرب.

أخبار ذات صلة

ارتدى "فستان" أخته للفرار من التجنيد.. هروب جماعي من الجيش الأوكراني

وينتقد العديد من الجنود الأوكرانيين على الجبهة، أو أولئك الذين عادوا بعد إصابتهم، التهرب من الخدمة العسكرية، بحجة أن هذه الممارسة تضعف المجهود الحربي لبلادهم مع تحقيق القوات الروسية تقدمًا عبر جبهات متعددة.

وعبر رومان، الذي خرج من الخدمة بعد أن أصابت قذيفة ساقه اليمنى، أمام مقهى في كييف متكئًا على عكازة، عن خيبة أمله عندما سمع قصصًا عن رجال يختبئون أو يحاولون الفرار من البلاد.

ومضى قائًلا: "أتفهم أن الناس خائفون، لكننا ببساطة بحاجة إلى مجندين جدد لمواصلة القتال، إذا لم نكن نحن فمن سيحمي هذا البلد؟".