29 يونيو 2024, 9:02 ص
طار كالفراشة ولسع كالنحلة.. كرس حياته لمكافحة التمييز والعنصرية ونصرة الإسلام.. حول اسمه من كاسيوس إلى محمد علي.. سيد فئة الوزن الثقيل في الملاكمة.. الوحيد الذي فاز ببطولة العالم في 3 مناسبات.. استمر على عرش الملاكمة لما يقارب من 20 عاما.. رفض الانخراط في حرب فيتنام فجُرد من لقبه وحكم بالسجن ومنع من ممارسة الملاكمة 4 سنوات.. حول قصره إلى مسجد ومدرسة لتعليم القرآن الكريم، وبنى أكبر مسجد في شيكاغو.. إنه الملاكم "الأعظم" في التاريخ.. محمد علي كلاي.
عاش محمد علي كلاي مسارا رياضيا حافلا، خاض خلاله 61 نزالا حقق فيها 56 انتصارا 37 منها بالضربة القاضية، ودافع عن حقوق الإنسان، وكرس حياته لمكافحة التمييز والعنصرية ونصرة الإسلام.
ولد كاسيوس ماركوس كلاي والذي عرف فيما بعد بمحمد علي كلاي في السابع عشر من يناير العام 1942، ونشأ رفقة أخيه الأصغر في لويزفيل كبرى مدن ولاية كنتاكي الأميركية لعائلة سوداء من الطبقة المتوسطة، وسمي على اسم أحد دعاة إلغاء عقوبة الإعدام البارزين في القرن الـ19.
تزوج كلاي للمرة الأولى العام 1964 من سونجي روي، التي انفصل عنها بعد أقل من عام، ثم تزوج العام 1967 من بيليندا بويد التي غيرت اسمها إلى خليلة بعد اعتناقها الإسلام، وأنجبا 4 أبناء قبل طلاقهما العام 1976، وفي العام 1977 عقد كلاي قرانه للمرة الثالثة على فيرونيكا بورشي وأنجب منها ابنتين، لكنهما انفصلا العام 1986، وفي العام نفسه تزوج زوجته الرابعة يولاندا ويليامز.
دخل كلاي الملاكمة عن طريق الصدفة عندما سُرقت دراجته وهو في عمر الثانية عشرة، فذهب الى شرطي كان يدير صالة للألعاب الرياضية، وطلب منه أن يدعه يضرب السارق، فأجابه الشرطي عليك أن تتعلم كيف تقاتل قبل أن تتحدى العالم، ومن هنا بدأت مسيرة أعظم ملاكم عرفته البشرية.
دارت الأيام وأصبح كلاي ملاكما محترفا؛ إذ استطاع الفوز في 19 نزالا 15 منها بالضربة القاضية، وألحق الهزائم بعدد من الأبطال الذين كان نجمهم ساطعا وقتها، أمثال جورج فاغنر، ودون وارنر، وهنري كوبر، وفي العام 1964 أذهل العالم بعدما تمكن من وضع حد لهيمنة سوني ليستون في فئة الوزن الثقيل، وانتصر عليه في نزال شهير في وقت كان يُعتبر فيه ليستون خصما قويا لم يخسر إلا نزالا وحيدا من أصل 36 قتالا له حتى ذلك الحين وهو الفائز بلقب الوزن الثقيل العالمي عام 1962 بعدما هزم فلويد باترسون.
بعد فوزه المثير على منافسه سوني ليستون عام 1964، أعلن كاسيوس كلاي اعتناق الإسلام وانضمامه إلى جماعة أمة الإسلام مع مالكوم إكس، وتغير اسمه الى محمد علي، فكان هذا الإعلان بمثابة صدمة للرأي العام وللملايين من محبيه ومعجبيه عبر العالم، ليتعرض البطل الشاب إلى موجة من الانتقادات الغاضبة، والحملات العنيفة.
في عام 1964 كان محمد علي كلاي قد رسب للمرة الثانية في الاختبارات المؤهلة للالتحاق بالجيش الأمريكي، بسبب عدم تمكنه من مهارات الكتابة واللغة، وبعد مرور عامين فوجئ كلاي بقبوله في الجيش جراء التخفيف من معايير الانتقاء؛ الأمر الذي جعله مؤهلا للتجنيد، ليثير كلاي اهتماما دوليا بعد رفضه الخدمة العسكرية العام 1967 واعتراضه على المشاركة في حرب فيتنام باعتبارها حربا غير مبررة ولا تتناسب مع دينه الإسلامي.
موقف كلاي هذا كان سببا لتجريده من اللقب العالمي وتقديمه للمحاكمة بتهمة رفض التجنيد، ليصدر بحقه حكم بالسجن 4 سنوات وغرامة قدرها 10 آلاف دولار، وبقي كلاي حرا خلال فترة استئناف القرار، لكنه مُنع من ممارسة الملاكمة في هذه الفترة التي امتدت 3 سنوات، قبل أن تُصدر المحكمة العليا حكما جديدا عام 1971 يقضي بأن رفض علي كلاي لأداء الخدمة العسكرية لم يكن جريمة، بل إن معارضته للحرب كانت بسبب ضمير أخلاقي يتعلق بعقيدته.
بعدها عاد محمد علي كلاي لارتداء القفازات مجددا، وتمكن العام 1970 من هزم جيري كواري بالضربة القاضية الفنية، وفي العام 1971 واجه منافسه جو فريزر في معركة أطلق عليها "نزال القرن" نظرا لعدم تعرض الملاكمين معا لأي هزيمة من قبل، وانتهى النزال بفوز فريزر بالنقاط بإجماع الحكام.
وفي إحدى أقوى المباريات في تاريخ الملاكمة تمكن محمد علي كلاي من كسب نزال الأدغال العام 1974 في الكونغو الديمقراطية أمام خصمه المخيف جورج فورمان، بعد أن تغلب عليه بالضربة القاضية في الجولة الثامنة وفاز باللقب.
في الرابع من يونيو حزيران العام 2016 أعلن عن وفاة محمد علي كلاي في ولاية أريزونا الأمريكية عن عمر ناهز 74 عاما، بعد صراع طويل مع مرض الشلل الرعاش.. ليعلن رحيل أحد أعظم الملاكمين في التاريخ.