معهد بحثي: الانتخابات الإيرانية "متوترة" وتأثيرها الإستراتيجي "محدود"

محمد الرخا - دبي - الجمعة 28 يونيو 2024 10:14 صباحاً - قال المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والإستراتيجية "آيريس"، في تقرير، إن انتخابات الرئاسة الإيرانية تجري وسط مشهد سياسي مملوء بالتحديات الداخلية الكبيرة المتوترة، إلا أن تأثيرها الاستراتيجي "محدود".

Advertisements

وتلك التحديات، بحسب المعهد، سببها الركود الاقتصادي واسع النطاق، والاضطرابات الاجتماعية المتكررة، وهي أجواء كانت تشير إلى أن البلاد تستعد لانتخابات حاسمة، ورغم ذلك، فإن الإطار المؤسسي في إيران يظل متماسكًا إلى حد ما، إن لم يكن غامضًا.

وقال المعهد إنه يحاول، من خلال تقريره، توضيح الطبيعة الهجينة للعملية الانتخابية والتوجه الرئيس لبرامج المرشحين، لكنه أشار إلى أن تأثير الانتخابات على التوجه الإستراتيجي للبلاد لا يزال محدودًا، إذ تقع سلطة اتخاذ القرار في النهاية على عاتق المرشد الأعلى علي خامنئي، الشخصية الرمزية في إيران.

تواصل شرطة الأخلاق الإيرانية ممارسة وحشية متزايدة تجاه النساء الإيرانيات، وتفرض ارتداء الحجاب بشكل صارم.

المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية "آيريس"

مناخ متوتر

انطلقت الانتخابات الرئاسية الإيرانية، الجمعة، وتم تحديد هذا الموعد وفقا للمادة 131 من الدستور الإيراني، التي تنص على مهلة خمسين يوما بعد وفاة الرئيس.

وتوفي إبراهيم رئيسي في 19 مايو/أيار، مع وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر بالقرب من أذربيجان.

وأحدثت وفاة رئيسي اضطرابًا عميقًا في المجتمع الإيراني على خلفية عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي السائد، إذ أدى معدل الامتناع غير المسبوق عن التصويت في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس/آذار 2024، إلى سيطرة المحافظين المتشددين مرة أخرى على البرلمان.

لكن هذه السيطرة ترتكز على شرعية شعبية هشة، كما يظهر من انخفاض نسبة المشاركة وارتفاع نسبة الأصوات الفارغة.

وضع اقتصادي حرج

ولا يزال معدل التضخم عند 40%، والبطالة مرتفعة (8.6%)، وتستمر قيمة الريال في الانخفاض، فيما تواصل شرطة الأخلاق الإيرانية ممارسة "وحشية" متزايدة تجاه النساء الإيرانيات، وتفرض ارتداء الحجاب بشكل صارم. حسب المعهد.

علاوة على ذلك، ظلت العلاقات بين إيران وإسرائيل متوترة منذ الهجمات على أراضيهما في نيسان/أبريل الماضي.

وفي حين يبدو النظام الإيراني حريصًا على تجنب الصراع المباشر مع تل أبيب، مدركًا موقفه الهش في مواجهة التوترات الداخلية المتنامية، فإن طهران عازمة على متابعة طموحاتها الإقليمية والتحدي الإستراتيجي لإسرائيل.

وأصدرت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة مؤخرًا بيانًا مشتركًا يدين التدابير التي اتخذتها إيران لزيادة قدرتها النووية في محطتي نطنز وفوردو لتوليد الطاقة.

ولذلك، فإن الانتخابات الرئاسية تجري في ظل تزايد حالة عدم اليقين وفي ظل وجود مسائل حيوية على المستويين الوطني والدولي.

هناك أهمية للالتزام بالمعايير المالية العالمية التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF) لجذب الاستثمار الأجنبي.

مسعود بيزشكيان المرشح الإصلاحي الوحيد

هيئة هجينة

ويشير التقرير إلى أن الإطار المؤسسي الإيراني معقد وفريد من نوعه حيث تتعايش سلطتان، هما سلطة ديمقراطية من جهة، وسلطة ثيوقراطية من جهة أخرى، وتستمد الشرعية الديمقراطية للبلاد من الاقتراع الشعبي، الذي يُمارس في الانتخابات العامة لانتخاب رئيس الجمهورية، من بين آخرين.

ومن ناحية أخرى، تتمثل الشرعية الثيوقراطية في المرشد الأعلى الذي يشرف على مؤسسات البلاد كافة، بما في ذلك مجلس صيانة الدستور.

ويعتبر المجلس أساسيًا في العملية الانتخابية، وهو يتولى مسؤولية المصادقة على الترشيحات المسبقة، ومراقبة الانتخابات، والمصادقة على النتائج النهائية للاقتراع أو رفضها، إذ يمنح هذا الامتياز السلطات الدينية سلطة عدم السماح إلا للمرشحين الذين يمتثلون لأحكام النظام الإسلامية بالترشح.

وبالتالي فإن تأثير السلطة الدينية على اختيار المرشحين الرئاسيين والموافقة عليهم يوضح ديناميكيات النظام في إيران المكون من رأسين، ويسلط هذا التفاعل بين الهيئات الدينية والعملية الانتخابية الضوء على ازدواجية السلطة في إيران، ما يؤثر على الديمقراطية والتمثيل السياسي. 

تحديات الانتخابات المبكرة

ويقول الموقع إن إدارة العقوبات الدولية تشكل موضوعًا رئيسًا في برامج المرشحين الذين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور، إذ يدعو المحافظ محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الذي لديه خلفية في العمل في الحرس الثوري الايراني إلى بذل جهود دبلوماسية لرفع العقوبات تدريجيًا، ويقول إن العلاقة الصينية الإيرانية تقدم لإيران طرقًا بديلة لتطوير اقتصادها وتخفيف تأثير العقوبات.

ويبرز الاقتصاد كموضوع رئيسي في برامج المرشحين، ويحتل مكانة مرموقة في خطاباتهم ومقترحاتهم.

ويسلط مسعود بيزشكيان، أحد كبار البرلمانيين والمرشح الإصلاحي الوحيد، الضوء على الفساد الداخلي، ويشدد على أهمية الالتزام بالمعايير المالية العالمية التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF) لجذب الاستثمار الأجنبي.

ويؤكد المحافظ مصطفى بور محمدي، وزير العدل السابق ورجل الدين الوحيد في السباق، أن أسعار الفائدة البالغة 29% التي تفرضها البنوك هي المسؤولة عن التضخم في إيران، وللسيطرة بشكل أفضل على التضخم، يدعو محمد باقر قاليباف إلى مزيد من الاستقلال عن البنك المركزي.

كما يشدد قاليباف أيضًا على أن العقود الموقعة مع النظراء الأجانب يجب أن تترجم إلى تقدم ملموس، وأن هناك حاجة إلى تعاون أكبر مع مجلس شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، التي أصبحت إيران عضوًا فيها منذ يناير/ كانون الثاني 2024.

أخبار ذات صلة

يصفونها بالمسرحية.. تزايد دعوات الناشطين لمقاطعة الانتخابات في إيران

المساواة بين الجنسين

ويدعو محمد باقر قاليباف إلى "العدالة بين الجنسين" بدلًا من المساواة بين الجنسين، مسلطًا الضوء على الدور المركزي للمرأة في مجال الأسرة، فيما يعارض مسعود بيزشكيان أي شكل من أشكال الإكراه لفرض الحجاب.

من ناحية أخرى، ينتقد سعيد جليلي، الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين بين عامي 2007 و2013، النماذج الغربية ويسلط الضوء على نجاح المرأة الإيرانية المحجبة كنموذج بديل قوي.

وكان المرشح الذي أعلن انسحابه قبل يومين، أمير حسين غازي زاده هاشمي، مدير مؤسسة الشهداء منذ 2021، يركز خطابه على التمييز وعدم تكافؤ الفرص بدلًا من الحجاب، ويدعو إلى إصلاحات لتحسين إدماج المرأة في سوق العمل ومكافحة التمييز الهيكلي.

وأكد المعهد في تقريره على أن تأثير الانتخابات الرئاسية على التوجه الإستراتيجي لإيران سيظل هامشيًا، ومن الناحية السياسية والمؤسساتية، من غير المرجح أن يشهد المسار الإستراتيجي لطهران تحولات كبيرة.