محمد الرخا - دبي - الأربعاء 26 يونيو 2024 01:19 مساءً - يقع الملف الأوكراني في قلب المعركة الانتخابية الفرنسية، على الرغم من "تهميشه" النسبي في حملات المرشحين، ولكن توقعات صعود اليمين المتطرف تطرح فرضية الحد من "الاندفاع" الذي أبداه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه هذا الملف.
ويسيطر تساؤل كبير على الساحة السياسية الفرنسية عشية الانتخابات التشريعية التي تجري جولتها الأولى الأحد القادم، وهو "كيف ستكون سياسة فرنسا في الملف الأوكراني إذا فاز اليمين المتطرف بأغلبية الأصوات؟".
رسالة ماكرون
وحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استباق الأمور والإجابة بشكل ما عن التساؤل من خلال الرسالة التي كان توجه بها إلى الفرنسيين قبل يومين وأكد فيها أنه لن يستقيل من منصبه إذا فازت كتلة من غير معسكره بالانتخابات التشريعية المبكرة.
ولا ينصّ الدستور الفرنسي على استقالة رئيس الجمهورية في حالة خسارته للانتخابات، ما يجعله المسؤول الأول عن سياسة فرنسا الخارجية والدفاعية، كما أنه القائد الأعلى للقوات الفرنسية المسلحة والحامل لرموز القوة النووية.
ويضع هذا المعطى ماكرون في وضع مريح نسبيًا، في علاقة بالتعاطي مع الملف الأوكراني، لا سيّما أن الرجل طرح نفسه خلال الأشهر الأخيرة كقائد غربي "وحيد" يدفع بقوة باتجاه تزويد أوكرانيا بالأسلحة وتمكين جيشها من التدريب، فضلًا عن الدفع باتجاه تسريع انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وإلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وتوثّقت علاقات ماكرون بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي زار باريس هذا العام 4 مرات، آخرها في 7 يونيو، وفي كل مرة كانت باريس حريصة على إبراز الدعم الكامل له، وبدا ماكرون في نظر خصومه "مندفعًا" أكثر من اللزوم في هذا الملف.
وتجمع استطلاعات الرأي المنشورة في فرنسا منذ إعلان حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، على أن اليمين المتطرف يأتي في صدارة القوى السياسية التي يعتزم الفرنسيون التصويت لها في الانتخابات، متقدم على المعسكر الرئاسي وعلى ائتلاف اليسار.
توازن داخلي وخارجي
وإذا صحت توقعات استطلاعات الرأي يخشى الأوكرانيون من تأثيرات ذلك على الدعم الفرنسي اللامحدود الذي وجدته كييف خصوصًا خلال الأشهر الأخيرة.
ويؤكد مراقبون أنّ صعود اليمين المتطرف واحتلاله مكانة وازنة داخل البرلمان الجديد قد يحدّ من اندفاع ماكرون وتوجهه نحو تقديم الدعم السخي لكييف، عسكريًا وسياسيًا.
ويشير المراقبون إلى أن من بين النقاط التي أعلنها حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف رفضه دعم مطلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ورفض الدعوات جميعها التي تقدمت بها 9 دول في هذا الباب، ما يعني تعطيل هذا الملف الذي يخضع لتوازنات داخلية (البرلمان الفرنسي) وخارجية (البرلمان الأوروبي) وكلاهما يشهد حضورًا لافتًا لليمين.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقرير لها إنّ "زلزال حل البرلمان الفرنسي أفقد الملف الأوكراني صوته الذي كان مسموعًا من قبل"، بعد أن كان أحد القضايا الرئيسية لمعسكر الرئيس في انتخابات البرلمان الأوروبي.
وأضافت أنه "في الكتلتين المهيمنتين على المناقشات، الجبهة الشعبية الجديدة واليمين المتطرف تظهر الملاحظة الواضحة نفسها، وهي أنّ مسألة أوكرانيا، وبالتالي العلاقات مع روسيا، تكاد تكون منسية، ومختبئة تحت ستار من الفوضى" وفق تعبيرها.