محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 25 يونيو 2024 03:07 مساءً - تسبب قانون "قيصر" بعد أربع سنوات من تطبيقه بإنهاك الاقتصاد السوري، إذ تضاعف التضخم عشرات المرات، وأصيبت قطاعات البنى التحتية وفي مقدمتها الطاقة بالشلل، فيما تراجعت القدرة الشرائية، وبات معظم الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر.
ورغم أن القانون، صيغ تحت بند "حماية المدنيين"، إلا أن المدنيين كانوا ضحيته الأولى، ومنذ بدء تطبيقه عام 2020، حذر خبراء الاقتصاد، من تأثيراته على الشعب.
وقال إدوارد ديهنيرت، من وحدة "ذي إكونوميست" العالمية إن العقوبات "ستفاقم علل الاقتصاد، وسيكون الشعب أكثر من يعاني، وسيرتفع معدل السوريين ممن هم تحت خط الفقر".
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن أكثر من 90% من الشعب السوري اليوم، يعيشون تحت خط الفقر، ويواجه حوالي 12 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وهذا يمثل زيادة قدرها 51% عن عام 2019، قبل تطبيق قيصر.
ولم تقتصر بنود "قيصر" على مؤسسات الاقتصاد السوري، بل طالت الدول والشركات الخارجية التي يمكن أن تتعاون معه، ما أدى لاختناق عمليات الاستيراد والتصدير، وتدهور الصناعة والزراعة نتيجة ندرة الطاقة، وقطع التبديل.
وكانت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار عام 2020 قرابة 1800 ليرة للدولار الواحد، لكنها مع تطبيق قيصر، انخفضت بشكل مضطرد فوصلت اليوم في منتصف 2024 إلى 13600 ليرة مقابل الدولار، حسب سعر المصرف المركزي.
قيصر وسوء الإدارة
ويعترف الباحث الاقتصادي، عامر شهدا، بأثر عقوبات قيصر على الاقتصاد السوري، لكنه يشير إلى مشكلة في الإدارة الاقتصادية التي فاقمت المعاناة.
وقال شهدا لـ"الخليج الان": إن "القرارات الحكومية أضرت بالاقتصاد أكثر من قيصر، خصوصًا من حيث سوء الإدارة وتقوقع الفكر الحكومي باقتصاد الاستثراء"، لافتا إلى أن "العقوبات وقيصر وكورونا وحرب روسيا، أثرت بنسبة 40% على الاقتصاد، أما سوء الإدارة فأوصلنا لمرحلة الانهيار".
ولفت شهدا، إلى مشكلة موازية أضرت بالاقتصاد السوري، وهي غياب دور المجتمع الأهلي في الاقتصاد، بسبب انشغاله بالهجرة، أو استسلامه لاقتصاد "الاستثراء" من سعر الصرف، على حساب العملة الوطنية.
حصار واحتلال
وأثرّت سيطرة الولايات المتحدة على منابع النفط الرئيسية شرق الفرات على الاقتصاد السوري بشكل مباشر، إذ خسرت البلاد، قرابة 360 ألف برميل كانت تنتج يومياً من تلك الحقول، حسب أرقام وزارة النفط.
كما أدى التواجد الأمريكي شرق الفرات، إلى خسارة سوريا كميات كبيرة من محصولها الإستراتيجي من الحنطة في الحسكة، فبعد أن كانت مصدرة للقمح، باتت تستورد أكثر من مليون طن سنوياً، حسب أرقام وزارة الزراعة.
ورضخت الشركات الأجنبية، لقانون "قيصر"، خوفًا من أن تطالها العقوبات، فتوقف الاستيراد والتصدير، سوى من روسيا وإيران، اللتين عوضتا جزءًا من نقص الغذاء والنفط.
وطال "قيصر"، جميع القطاعات الحيوية، حيث منعت التجارة الخارجية، حتى لا تحصل الحكومة السورية على التجهيزات وقطع التبديل والسلع غير الغذائية، فيما حاصر الاستثمار الأجنبي لاسيما في مجال البناء والهندسة والطاقة.
ولم تنجُ قطاعات التمويل، مثل القروض والمساعدات والحوالات المالية، من قيصر، خاصة تلك المتصلة بالمؤسسات الحكومية السورية، إذ جُففت الموارد، وأصبحت التحويلات صعبة.
تراجع القدرة الشرائية
وتسبب حصار قيصر، بمعاناة كبيرة للشعب السوري، نتيجة الهوة الحاصلة بين الدخل والأسعار، وبسبب التضخم وفقدان الليرة لقيمتها، أصبح راتب الموظف 20 دولارًا في الشهر، بينما تكاليف معيشة الأسرة لا تقل عن 500 دولار شهريًا.
ويضطر معظم أفراد العائلة في سوريا اليوم للعمل، من أجل تأمين تكاليف المعيشة، إذ أثر "قيصر"، على أحوال المجتمع، فارتفعت نسبة عمالة الأطفال، كما ازدادت نسبة الجرائم والاتجار بالبشر وهجرة الشباب.
ومنذ أيام، ابتهج السوريون على مواقع السوشيال ميديا، بعد انتشار شائعات عن انتهاء قانون قيصر في يونيو الجاري، لكنهم أحبطوا، لأن القانون لم ينته، فقد جددته الإدارة الأمريكية أو ربما تشدد بنوده بشكل أكبر.