هل تحرر النرويج أوروبا من هيمنة التنين الصيني على "معادن المستقبل"؟

محمد الرخا - دبي - الاثنين 24 يونيو 2024 08:09 مساءً - قد يمثل الاكتشاف العظيم الذي أعلنت عنه النرويج، وقبلها جارتها السويد، لحظة فاصلة في التوزيع الجديد لخريطة انتشار "العناصر الأرضية النادرة"، إذ يعيد للاتحاد الأوروبي والغرب بعضا من استقلاليته عن "الهيمنة الصينية" في "معادن المستقبل".

Advertisements

ومن المتوقع أن تشكل المعادن الأرضية النادرة عنوانا لحرب شرسة لا تقل ضراوة عن الحروب الطويلة على مصادر الطاقة التقليدية ( النفط والغاز) باعتبارها عنصرا أساسيا وإستراتيجيا لا غنى عنه في الصناعات التكنولوجية الدقيقة الراهنة والمستقبلية، والانتقال إلى ما يعرف بالاقتصاد الأخضر.

وسيكون "الاستقلال الأوروبي" ممكنا بعد أن أعلنت شركة التعدين النرويجية "Rare Earths"، أنها اكتشفت أكبر احتياطي مؤكد في أوروبا للعناصر الأرضية النادرة ذات القيمة العالية، ما قد يعكس لحظة فاصلة لكل من الدولة الأسكندنافية والمنطقة الأوسع حولها.

ويعد اكتشاف أكبر مستودعات التربة النادرة في أوروبا القارية، أحد الرواسب القليلة التي لا تملكها أو تسيطر عليها الصين، بمثابة دفعة مرحب بها في محاولة أوروبا لكسر هيمنة الصين على المعادن النادرة.

وقالت Rare Earths النرويجية، في بيان صدر في 6 يونيو الجاري، إن مجمع "Fen Carbonatite" في جنوب شرقي البلاد يضم 8.8 مليون طن متري من إجمالي أكاسيد الأرض النادرة (TREOs) مع وجود احتمال معقول للاستخراج الاقتصادي.

وأضافت الشركة أن هناك ما يقدر بنحو 1.5 مليون طن متري من العناصر الأرضية النادرة ذات الطبيعة المغناطيسية، والتي يمكن استخدامها في السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح.

ويتفوق هذا الاكتشاف على رواسب ضخمة من العناصر الأرضية النادرة التي تم العثور عليها العام الماضي في السويد المجاورة، والذي يقدر بأكثر من مليون طن متري من أكاسيد التربة النادرة.

وتستخدم هذه المعادن في صناعة السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، وكذلك المغناطيس، والشاشات الزجاجية، ومكبرات الصوت، والعديد من الأجهزة الإلكترونية الأخرى.

وذكر تقرير نشرته شبكة "CNBC" الأميركية أن هذا الاكتشاف يمكن أن يمهد الطريق لبدء تعدين العناصر الأرضية النادرة في أوروبا، إذ تعتمد المنطقة حاليا بالكامل على الواردات من سوق تهيمن عليها الصين.

ويستورد الاتحاد الأوروبي 99% من تلك العناصر الأرضية النادرة من الخارج، وفقاً لتقرير عام 2020.

أكثر أهمية من النفط والغاز

في خطاب حالة الاتحاد لعام 2022، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن العناصر الأرضية النادرة، إلى جانب الليثيوم المستخدم أيضاً في صناعة البطاريات، "ستكون قريباً أكثر أهمية من النفط والغاز".

ويتوقع الاتحاد الأوروبي زيادة الطلب خمسة أضعاف على هذه العناصر المعدنية بحلول عام 2030.

ووصف الرئيس التنفيذي لشركة (LKAB) السويدية، يان موستروم، اكتشاف العناصر النادرة بأنه "خبر سار، ليس فقط للشركة والمنطقة والشعب السويدي، لكن أيضاً لأوروبا والمناخ".

من جهته، قال ألف ريستاد، الرئيس التنفيذي لشركة Rare Earths النرويجية، لشبكة CNBC، إن الاكتشاف في فين يمثل "علامة فارقة عظيمة" للشركة. مضيفا أنه "من المهم أن نذكر أنه لا يوجد على الإطلاق استخراج للعناصر الأرضية النادرة في أوروبا اليوم".

وقالت Rare Earths النرويجية، إن رواسب المعادن النادرة في تيليمارك، على بعد حوالي 210 كيلومترات (130 ميلاً) جنوب غربي أوسلو، من المرجح أن تؤكد مكانة النرويج كجزء لا يتجزأ من سلسلة قيمة الأرض النادرة والمواد الخام المهمة في أوروبا.

أهمية التربة النادرة

وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن المعروض اليوم أقل من المطلوب لتحويل قطاع الطاقة؛ وذلك لأن هناك تركيزاً جغرافيا مرتفعاً نسبيا لإنتاج العديد من عناصر تحويل الطاقة.

وتقع معظم العناصر الأرضية النادرة في الصين، إذ تشير التقديرات إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يمثل 70% من استخراج الخامات الأرضية النادرة على مستوى العالم، و90% من معالجة الخامات الأرضية النادرة.

وكانت الصين أكبر شريك للاتحاد الأوروبي في واردات العناصر الأرضية النادرة في عام 2022، إذ استحوذت على 40% من إجمالي الواردات على أساس الوزن.

وبالنظر إلى المستقبل، قالت شركة Rare Earths النرويجية، إن أعمال التنقيب في المجمع ستستمر، ومن المقرر إجراء المزيد من الحفر الشهر المقبل. وقالت الشركة إنها تعمل على تطوير المرحلة الأولى من التعدين بحلول عام 2030.

أخبار متعلقة :