ما احتمالات فرض إسرائيل حكماً عسكرياً شمالي قطاع غزة؟

محمد الرخا - دبي - الاثنين 24 يونيو 2024 04:14 مساءً - تثير التقارير الإعلامية التي أشارت إلى بحث الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو إمكانية فرض حكم عسكري مؤقت لشمالي قطاع غزة، التساؤلات حول طبيعة هذا الحكم.

Advertisements

ووفق القناة 12 العبرية، فإن الحكومة الإسرائيلية درست مقترحا لفرض حكم عسكري في مناطق شمالي قطاع غزة، لافتة إلى أن نتنياهو لم يكن متحمسًا للفكرة التي يدعو لها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

وأشار نتنياهو في أكثر من تصريح إلى أن إسرائيل تستكشف أساليب جديدة للحكم المدني غير الإسرائيلي في القطاع.

وبحسب القناة الإسرائيلية فإن "إسرائيل قررت من حيث المبدأ إنشاء بديل لحماس لحكم شمالي قطاع غزة، وأن سموتريتش طالب بتولي الجيش توزيع المساعدات في غزة".

وبينت أن "نتنياهو ردّ عليه بأن محاولات التعاون مع العشائر المحلية في غزة لتوزيع المساعدات باءت بالفشل، ما دفع إسرائيل للبحث عن حلول أخرى".

وعلى مدار الأشهر الماضية، أشارت عدة تقارير إلى أن إسرائيل بمؤسساتها السياسية والعسكرية والأمنية لا تمتلك حتى اللحظة أي خطة واضحة لليوم التالي من الحرب في غزة، وهو الأمر الذي أثار خلافا بين المؤسسات الثلاث.

ما الحكم العسكري الإسرائيلي؟

والحكم العسكري الإسرائيلي هو اسم يطلق على هيئة الحكم التي تأسست في أعقاب نكسة 1967، والتي احتلت إسرائيل على إثرها جميع الأراضي الفلسطينية في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وأجزاء من مصر وسوريا ولبنان.

وكانت مهمة هيئة الحكم العسكري الإسرائيلي التحكم بالسكان المدنيين في تلك المناطق بمختلف تفاصيل حياتهم اليومية.

وتم إنهاء سلطة الهيئة عام 1982، وتحويل الحكم العسكري لإدارة مدنية إسرائيلية للضفة وغزة، قبل الإعلان عن إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994 ككيان حكم ذاتي للفلسطينيين.

ومن صلاحيات الحاكم العسكري، تشديد العقوبات وفرض حظر التجول، علاوة على تبعية النظام القضائي له، وإجراء الاعتقالات دون محاكمة، حيث تزعم إسرائيل أن حكمها العسكري يتماشى مع معاهدة جنيف الرابعة التي تحدد أسلوب الحكم في الأراضي المحتلة جراء الحرب.

وخلال الحكم العسكري للضفة وقطاع غزة، تجاوزت إسرائيل بنود معاهدة جنيف، وقامت ببناء العديد من المستوطنات التي تخالف ما تنص عليه المعاهدة، كما أنها طردت عددًا كبيرًا من السكان الفلسطينيين من أراضيهم.

خطة مكلفة

والشهر الماضي، أشارت وثيقة لوزارة الدفاع الإسرائيلية إلى أن فرض حكم عسكري في غزة بعد الحرب سيتطلب وضع خمس فرق من الجيش ونقل جنود من المنطقتين الشمالية والوسطى، وزيادة كبيرة في قوات الاحتياط.

وحسب الوثيقة، التي نشرتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، فإن مثل هذا النوع من الحكم سيكون مكلفًا جدًا على نحو لا تستطيع إسرائيل تحمله، فيما أكد وزير الدفاع يوآف غالانت رفضه فرض الحكم العسكري في غزة.

وبينت الصحيفة أنه طُلب من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة فحص البدائل المختلفة لحكم حماس في غزة، خاصة أن هناك تبعات مالية وقوى بشرية ضخمة مطلوبة لإقامة الحكم العسكري في غزة أو أي من مناطقها.

وتؤكد الصحيفة أن التكلفة التشغيلية للحكم العسكري تقدر بنحو 20 مليار شيكل سنويًّا (5.4 مليار دولار)، فيما لا يشمل المبلغ تكاليف إعادة إعمار القطاع، وترتيب البنية التحتية له والمستشفيات والمدارس والطرق وغيرها من الأمور الحياتية.

عملية معقدة

ويرى الخبير في الشأن العسكري، قاصد محمود، أن "فرض الحكم العسكري في أي جزء من أجزاء قطاع غزة عملية معقدة جدًا"، مؤكدًا أن إسرائيل لا تستطيع أن تحكم عسكريًّا إلا بعد أن تسيطر على القطاع سيطرة تامة.

إسرائيل بمؤسساتها الأمنية والسياسية لا ترغب بالعودة لما قبل عام 2005

قاصد محمود، خبير عسكري

وقال محمود، لـ"الخليج الان"، إن "إسرائيل غير قادرة على تحقيق إنجازات عملية حقيقية في غزة، كما أن الاحتلال الكامل لغزة أو لأجزاء منها يحتاج لمزيد من القوات والأثمان الباهظة للآليات والأفراد".

وأضاف: "من الناحية النظرية يمكن فرض الحكم العسكري على شمالي القطاع وبسط السيطرة الإسرائيلية؛ لكن ذلك يحتاج عمليًا لقوات كبيرة وميزانيات عسكرية ضخمة، علاوة على أن ذلك مخالف للقانون الدولي وله عواقب وخيمة".

وأشار إلى أن "فرض السيطرة العسكرية على شمالي القطاع انتهاك واضح للقانون الدولي، وسيضع إسرائيل في حرج كبير جدًا"، متابعًا: "سكان الشمال لن يقبلوا ذلك، الأمر الذي سيزيد من الثمن الذي سيدفعه الجيش الإسرائيلي".

وتابع: "إسرائيل بمؤسساتها الأمنية والسياسية لا ترغب بالعودة لما قبل عام 2005 في غزة، وتدرك الأثمان التي ستدفع من أجل تنفيذ مخططات الأحزاب اليمينية بائتلاف نتنياهو، والعوامل الراهنة تؤكد أن مثل هذه الخطوة لن تنفذ".

اعتراض دولي

ويؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، أليف صباغ، أن "المجتمع الدولي والولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بفرض حكمها العسكري لأي منطقة من مناطق شمالي القطاع"، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستحرج تل أبيب وواشنطن.

الخطوة تمثل خطرًا إستراتيجيًّا غير مسبوق على الأمن القومي المصري

أليف صباغ، خبير في الشأن الإسرائيلي

وقال صباغ، لـ"الخليج الان"، إن "العالم لن يقبل بأي مخطط للحكم العسكري الإسرائيلي في غزة وشمالها، وهذا يؤكد أن إسرائيل دولة ليست مستقلة بالكامل بقراراتها، كما أن خطوة من هذا النوع ستؤثر على المشاريع الإسرائيلية بأكملها".

وأضاف: "المنطقة ستدخل في دوامة من الصراع، وستتأثر بذلك، الأمر الذي يمثل إشارة إلى أن مثل هذا الخيار غير مطروح بالرغم من مطالبات الوزراء الإسرائيليين، خاصة أن كلفته عالية جدًا وأن هناك رفضًا دوليًّا له".

وأشار المحلل السياسي إلى أن "ذلك يمثل خطرًا إستراتيجيًّا غير مسبوق على الأمن القومي المصري، الأمر الذي سيؤثر على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب وعلى اتفاقية السلام بين البلدين"، لافتًا إلى أن الحرب لن تنتهي إلا باتفاق بين إسرائيل وحماس.