"أهل الكهف".. هل أنصف الفيلم "رائعة" توفيق الحكيم؟‎

محمد الرخا - دبي - السبت 22 يونيو 2024 08:17 مساءً - يُعرض في مصر حالياً فيلم "أهل الكهف"، الذي يستند إلى جوهر مسرحية عميد المسرح العربي توفيق الحكيم بالاسم نفسه، فيما تثار تساؤلات عن مدى التزام صُناع العمل برؤية "الحكيم" فكريًا وفنيًا..

Advertisements

فعند تحويل عمل أدبي شهير إلى فيلم سينمائي، يمتلك من يقوم بالمعالجة الدرامية هامشًا للتعديل والتغيير بشرط أن يظل الأمر في نطاق ضيق للغاية مع الالتزام الكامل بالحفاظ على روح وتفاصيل النص الأصلي وإلا أصبح العمل الفني مسيئًا ويحمل تشويها للأصل المأخوذ عنه.

وفي ضوء هذه القاعدة، اتسم الفيلم بسرعة الإيقاع، لاسيما في النصف الأول، وعدم تسرب الملل للمتفرج ربما بسبب تنوع الشخصيات وتعدد الخطوط الدرامية.

صدرت المسرحية للمرة الأولى العام 1933، وهي تنتمي إلى ما يعرف بـ"المسرح الذهني" أي الذي يصعب تقديمه عمليًا أمام الجمهور لأنه يخاطب الذهن في الأساس كنص مكتوب.

ويركز الحكيم في النص على رؤية فلسفية تتأمل صراع البشر مع فكرة الزمن من خلال 3 أشخاص يستيقظون من الكهف، فيجدون العصر قد تغير إذ مرت 3 قرون كاملة وهم نائمون.

يصطدم هؤلاء بمتغيرات هائلة، ويفشلون في التأقلم مع الواقع، واستعادة حياتهم البسيطة السابقة كمؤمنين هربوا من بطش الإمبراطور الروماني، وفي النهاية يعودون إلى الكهف.

ويتقاطع الفيلم مع المسرحية في الأجزاء الأخيرة منه فقط، لكنه يبدو على مدار أكثر من نصف الشريط السينمائي الأول لا علاقة له بالنص الأصلي نهائيًا.

وتوسعت المعالجة السينمائية التي قدمها السيناريست والشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر على جانب التشويق وطابع الحركة والإثارة، من خلال المعارك التي يقودها القائد الروماني سبيل "خالد النبوي" قائد الجيوش الشمالية والقائد بولا "محمد ممدوح" قائد الجيوش الشرقية.

وأسهب المخرج عمرو عرفة في استعراض قدراته في تنفيذ المعارك بحرفية عالية والتي تنوعت ما بين الجبال وحلبة المصارعة الشهيرة وحتى داخل القصر الإمبراطوري.

بدا كل من السيناريست والمخرج ومدير التصوير وائل درويش والبطلان الرئيسيان واقعين في أسر الفيلم الشهير "غلادييتر/المصارع" الذي لعب بطولته راسل كرو وأخرجه ريدلي سكوت، إنتاج 2000، والذي قدم أقوى نماذج حروب الرومان ومصارعيهم سينمائيًا. جاءت المعارك المشوقة في "أهل الكهف" وكأنها هدف في حد ذاتها لا تحمل رؤية تتجاوز إبقاء المتفرج مستمتعا.

وتميز الفنان صبري فواز في تقديم شخصية الوزير "عرموش" بخبثه وبراعته في الوقيعة بين الإمبراطور وقائديه، وأجاد أحمد عيد بشكل خاص في تجسيد شخصية الراعي "مليخة".

بينما أضفى كل من رشوان توفيق وأحمد بدير مصداقية على العمل باعتبارهما يمثلان صوت الحكمة التي تصدر عن عجائز عركتهم الحياة وأصقلتهم التجارب.