استبدال المساعدات بالسلع التجارية يفاقم معاناة نازحي غزة

محمد الرخا - دبي - السبت 22 يونيو 2024 06:03 مساءً - يكتوي النازحون في قطاع غزة بنار الغلاء التي طالت السلع التجارية والغذائية والخضراوات، إثر استبدال السلطات الإسرائيلية دخول المساعدات الإنسانية بالسلع التجارية، ما فاقم من معاناتهم والأوضاع الصعبة التي يعيشونها.

Advertisements

ومنذ الاجتياح البري لجنوب القطاع، وسيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح البري، تعمل إسرائيل بين الحين والآخر على إدخال شاحنات سلع البضائع للقطاع التجاري، والتي تصل للنازحين بأسعار أعلى بكثير من أسعارها العادية، في حين يتعذر إدخال شاحنات المساعدات التي تتكدس على الجانب المصري من المعبر.

هذا الأمر جعل القطاع يعيش حالة من الغلاء الفاحش بأسعار السلع والبضائع التجارية، أدت لعدم مقدرة النازحين الذين يعانون من عدم توفر الأموال وفرص العمل، على شراء أي من تلك الحاجيات، إضافة لافتقارهم للمساعدات الغذائية التي يعتمد نحو 80% منهم عليها.

أسعار فلكية

وقال النازح الفلسطيني خالد أبو مشايخ، إن "استبدال إسرائيل شاحنات المساعدات بالسلع التجارية فاقم أزمات سكان القطاع وتحديداً فئة النازحين"، مشيراً إلى أنه لا يحصل لعائلته إلا على الحد الأدنى من الطعام يوميًّا.

وأوضح أبو مشايخ، لـ"الخليج الان"، أنه "يجوب الأسواق بحثاً عن أي بضاعة يمكن شرائها بسعر معقول؛ إلا أنه لا يجد إلا بضائع بأسعار فلكية"، لافتاً إلى أنه يضطر لشراء كميات قليلة جدًّا من الطعام في ظل عدم توفر المساعدات الغذائية.

وأضاف: "من اجتياح الجيش الإسرائيلي لرفح لم أحصل إلا على كميات قليلة جدًّا من المساعدات الغذائية التي لا تكفي لأسرتي المكونة من 7 أفراد، ما اضطرني للبحث عن بدائل غذائية"، مبيناً أنه يوفر احتياجات أسرته بشق الأنفس.

وأشار أبو مشايخ، إلى أن "هناك استغلالا من قبل التجار والمستوردين للحرب على غزة من أجل رفع الأسعار والتي تفوق قدرة النازحين، كما أن السياسة الإسرائيلية الجديدة ستؤدي لكارثة كبيرة للنازحين"، حسب قوله.

وتابع: "نطالب الجهات المختصة في غزة بوضع حد لارتفاع الأسعار، والعمل على توفير كل ما يلزم للنازحين"، مشدداً على أن استمرار الحال على ما هو عليه سيكون سبباً في تفشي المجاعة بين النازحين، وفق تعبيره.

بضائع مكتظة

وقال خالد أبو رجيلة، إن "الأسواق اكتظت بالبضائع التجارية التي مُنعت منذ بداية الحرب الإسرائيلية من الدخول لغزة؛ إلا أن السكان ليس لديهم القدرة على شرائها أو حتى الحصول على أجزاء منها بسبب ارتفاع الأسعار".

وأوضح أبو رجيلة، لـ"الخليج الان"، أن "القطاع يعيش حالة من الجوع غير مسبوقة بسبب نقص المساعدات، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه للغاية"، مضيفاً: "ما كنت تحتاج من أموال لشراء احتياجاتك لأسبوع كامل قبل الحرب لا يكفيك ليوم واحد في الوقت الحالي".

وبين أنه "من غير المفهوم أسباب ارتفاع الأسعار بالرغم من عدم وجود أي جهة فلسطينية تشرف على دخول البضائع التجارية، أو تحصل الضرائب على دخولها لغزة، إذ إن إسرائيل هي الجهة الإشرافية الوحيدة على ذلك".

وأضاف: "أطفالي يطلبون مني شراء جزء يسير من البضائع المتوفرة بالأسواق؛ إلا أن ثمنها الباهظ وعدم توفر الأموال اللازمة؛ لذلك تدفعني لتجاهل تلك الطلبات"، مؤكداً أن المطلوب العمل على إعادة الأسعار لطبيعتها.

حملة مقاطعة

وعلى إثر ارتفاع الأسعار، نظّم عدد من النازحين حملات مقاطعة لمختلف البضائع التجارية، وذلك من أجل إجبار التجار على تخفيض الأسعار، وسط اتهامات للتجار بالسعي لتحقيق أكبر قدر من الربح على حساب معاناة النازحين.

وشهدت الحملة، التي أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاركة من مختلف الفئات الفلسطينية، ما دفع التجار لتخفيض أسعار بعض السلع؛ لكن بدون أن تصل تلك الأسعار لما كانت عليه قبل الحرب.

وأكد الناشط الشبابي، مصطفى صرصور، أن "مثل هذه الحملات هي التي ستدفع التجار والجهات المسؤولة عن الارتفاع الكبير في الأسعار، لتخفيض أسعار السلع"، مؤكداً أن حملات المقاطعة يجب أن تستمر لحين عودة الأسعار لطبيعتها.

وقال صرصور، لـ"الخليج الان"، إن "هذه الحملات عفوية وبمبادرات فردية، وأدت إلى إجبار التجار على خفض طفيف في الأسعار، ويمكن لها أن تجبرهم على تخفيضها بشكل أكبر في حال استمرت الحملات لفترة أطول".

وشدد على ضرورة أن تعمل الجهات المسؤولة عن قطاع غزة على إدخال المساعدات وتوفير فرص عمل للسكان والنازحين، مؤكداً أن الحرب دمرت جميع القطاعات وتؤثر بشكل سلبي وغير مسبوق على الحياة في غزة.

أخبار ذات صلة

"الحرب حوّلت أحلامنا لرماد".. مهندس ديكور في غزة يبيع الفلافل (صور)

هدفان رئيسيان

ويرى الخبير في الشأن الاقتصادي، حامد جاد أن "السياسة الإسرائيلية الجديدة تأتي لتحقيق هدفين رئيسيين، الأول إغراق قطاع غزة بالبضائع باهظة الثمن والتي تفوق قدرة النازح على الشراء وبالتالي تدمير البنية الاقتصادية للقطاع".

وأوضح جاد، لـ"الخليج الان"، أن "إسرائيل تعمل على استبدال شاحنات المساعدات التي تنقل لغزة وتصل للنازحين على نفقة المؤسسات الدولية بشاحنات البضائع، وهي تدرك جيداً انعدام القدرة الشرائية لدى السكان والنازحين".

وأشار إلى أن "ذلك سيحقق لها الهدف الثاني المتمثل في إيهام العالم بأنها تعمل على تخفيف الحصار الاقتصادي المفروض على القطاع منذ سنوات، والذي زادت وتيرته مع الحرب، ما يخفف عليها الضغوط الأوروبية والدولية المتعلقة بهذا الأمر".

وأضاف: "هذه السياسة ستتسبب بحالة من الجوع سببها الرئيسي عدم قدرة السكان على شراء البضائع، كما أنها ستكبد التجار خسائر فادحة بسبب فساد بعض البضائع"، مؤكداً أن ذلك سيؤدي إلى انهيار اقتصاد غزة بشكل كامل".

ولفت جاد أنه "إلى جانب الأهداف الإسرائيلية فإن التجار والجهات المتنفذة في غزة لديها دور في رفع الأسعار"، قائلاً: "من المرجح أن تكون السلطات القائمة بغزة التابعة لحركة حماس تقوم بجباية ضرائب من التجار بطرق التفافية".

وبين أنه "منذ بداية الحرب لم تتوقف تلك السلطات عن جبي الضرائب على البضائع التجارية الواردة للقطاع، وإن كانت بشكل شحيح للغاية"، مؤكداً أن جبي تلك الضرائب يمكن أن يكون وفق نظام جديد غير معلن.

أخبار متعلقة :