الدراما المعرّبة.. مغرّبة أم ضرورة للترفيه والإمتاع؟

محمد الرخا - دبي - السبت 22 يونيو 2024 02:09 مساءً - على الرغم من أنها لا تعد ظاهرة حديثة، بيد أن الدراما المعربة، تثير الجدل كل موسم، بسبب مواضيعها الغريبة عن حياة المجتمعات العربية، علاوة على عدد حلقاتها الكبير، وغلبة التصنّع في أداء ممثليها، وابتعادها عن تطلعات وهموم الناس.

Advertisements

ويشبّه البعض، موجات الدراما المعربة، بانتشار مسلسلات الفانتازيا، في بداية التسعينيات، عندما قدمت الدراما السورية أعمالاً مجرّدة من الزمان والمكان، مثل "الجوارح"، و"الكواسر"، و"البركان"، فتعرضت لانتقادات بسبب بعدها عن الواقع، على الرغم من إخراجها المحترف وأداء ممثليها المتقن.

وبالعودة إلى العام 2019، نجد أن الموجة الحديثة من الدراما المعربة، بدأت مع مسلسل "عروس بيروت"، المنسوخ عن المسلسل التركي "عروس استانبول"، الذي لاقى نجاحًا جماهيريًا، دفع المنتجين للمتابعة بهذا اللون حتى اليوم.

ولاحقًا ظهرت مسلسلات، ويجري تصوير بعضها اليوم، مثل "كريستال" المنسوخ عن التركي "حرب الورود"، و"جنايات صغيرة" نسخة "جرائم صغيرة"، و"الخريف في قلبي" عن "الحطام"، و"لعبة حب" عن "الحب للإيجار".. وغيرها كثير.

وتقول المنصات التي تبث حلقات المسلسلات المعربة، إنها حصلت على نسب هائلة من المشاهدات، وهو ما يؤكد نجاحها، لأن الجمهور هو المقياس، فيما يقول النقاد إنها أعمال منفصلة عن الواقع، لأنها لا تناقش قضايا الناس.

الممثلون مبتهجون بالدراما المعربة!

وتلقى الدراما المعربة، تأييدًا كبيرًا من الممثلين، لا سيّما من المشاركين فيها، فهي تخفف من بطالة الفنانين، وتفتح الباب لمشاركة الممثل في أكثر من عمل بوقت واحد، كذلك تشكل فرصة للممثلين الجدد لإثبات مقدرتهم كخطوة أولى.

ولكن الممثلين النجوم، لا يبدون حماسة تجاه هذا اللون من الدراما، نظرًا لكثرة العروض المقدمة لهم كل موسم. بل إن بعضهم هاجم الدراما المعربة، مثل أمل عرفة، التي وصفتها أكثر من مرة في لقاءاتها، بغير الواقعية، وقالت إنها ترفض المشاركة فيها حتى لو أعطوها مليون دولار.

ولكن آخرين مثل شكران مرتجى، لم يترددوا في مدح الدراما المعربة، ووصفها باللون المختلف، الذي لا يلغي حرية المشاهد في أن يغير المحطة بجهاز الكونترول إذا لم يعجبه العمل.

عارضة الأزياء والممثلة اللبنانية ريتا حرب، أبدت حماستها عدة مرات، للدراما المعربة، وقالت في لقاء إعلامي: "هذه الدراما تنمي الخيال، وتأخذ المشاهد إلى أماكن جديدة غير معتاد عليها".

تحت مبضع النقد

وتعيد الدراما المعربة اليوم، طرح إشكالية "الجمهورعايز كده"، ومدى تأثيرها في هوية العمل الفني، فهل يفترض تلبية رغبات الجمهور، أم الارتقاء بذائقته الجمالية وتنويره بشكل ما؟.

يقول الناقد سامر محمد إسماعيل لـ"الخليج الان": "أسواق الدراما سحبت الهويات المحلية من الأعمال التلفزيونية، وجعلت المسلسلات وسيلة للترفيه والتسلية، وكانت الدراما المعربة في صدارة تلك الأعمال التي تدور أحداثها في فلل فخمة بعيدًا عن واقع الإنسان لدينا".

وتصف الإعلامية لبنى شاكر، الدراما المعربة بأنها تعيش في جزيرة معزولة عن الواقع، وتضيف لـ"الخليج الان": "الدراما المعربة لا يمكنها تحقيق نجاح درامي يذكر، فهي تعتمد على الوسامة والثراء وعروض الأزياء والسيارات والديكور ولا نراها كلها في بيوتنا وشوارعنا".

ويستعرض الكاتب سامر محمد اسماعيل، القضايا المتناولة في الدراما المعربة، ويصفها بالمستقيلة من مهامها. ويضيف: "اقتصرت الأعمال المعربة، على ثيمات الخيانة الزوجية والعشق الممنوع والجرائم، وسواها، وكأنّ المواطن العربي مشطوبٌ من حسابها، وهذا ينزع عن هذه الدراما المعربة والمستعربة، دورها التنويري الذي بزغ في تسعينيات القرن الفائت مع فورة الفضائيات العربية".

ويتجدد الجدل!

وتناقلت بعض الصحف، مثل "الأخبار اللبنانية"، أخبارًا حول نية محطة "MBC"، نقل مكاتبها من بيروت وتركيا إلى دمشق، تفاديًا للعراقيل التي تواجهها واقتصادًا في التكاليف، وهو ما أشعل الجدل حول الدراما المعربة من جديد، بوصف الـ MBC شهيرة بهذا النوع من الدراما.

ويقول اسماعيل: "وجود الـ MBC، في دمشق مهم، ولكننا نتمنى ألا يقتصر فرعها العامل في تركيا، على الأعمال المعربة، إذا انتقل إلى سوريا؛ فالأموال التي تصرف على هذا اللون، يمكن أن تفيد كثيرًا في ألوان أخرى أهم".

وفي اتصال مع "الخليج الان"، أكد علي عنيز، رئيس مجلس إدارة لجنة صناعة السينما والتلفزيون في سوريا، أن موضوع نقل مكاتب الـMBC إلى دمشق لم يُطرح، ولا يوجد أي شيء رسمي بهذا الصدد.

وحظي الخبر المتداول لانتقال مكاتب المحطة إلى دمشق، باهتمام المتابعين والنقاد، فرحب الجميع بالفكرة، ولكن جدل الدراما المعربة نشب من جديد، تقول الكاتبة لبنى شاكر: "تشكل سوريا تربة خصبة للعمل الدرامي، ففيها كثير من الخبرات والأماكن المثالية للتصوير، وما ينقصنا هو رأس المال الداعم للأعمال الجادة المرتبطة بحياة الناس، وليس المعربة المستوردة".

وترى شاكر، أن تجارب الدراما المعربة، لا تشجع حتى الآن، وتذكر بالجدل الذي رافق الدراما المشتركة أيضًا، لا سيّما في ظل ضعف النصوص وهشاشة العناوين المطروحة، وتضيف لبنى: "نريد دراما الضرورة، وليس الهروب من صعوبات الإنتاج، أو الاقتصاد في المصاريف، الدراما يمكنها تنمية الذائقة الفنية، ورفع نسبة الوعي، عبر التصاقها بهموم الواقع، وغير ذلك، ستبقى موجة عابرة".

ويتساءل إسماعيل: "من له جلد أن يجلس لمتابعة 90 حلقة من مسلسل، يقدم فكرة سطحية بديكور فاره؟".

ويثير الجدل حول الدراما المعربة، عدة عناوين شائكة، أهمها يتعلق بمهمات الدراما، هل هي الترفيه أم الوعي والارتقاء بالمشاهد؟ أم الاثنتين معاً بنسب متفاوتة؟ إلى جانب أسئلة قديمة عن دور الجمهور في تقييم العمل الفني، هل يمكن الركون لعدّاد المشاهدات كمقياس نقدي؟ وكثير من الأسئلة المتشعبة.