خبراء سودانيون: "جيش البرهان" فقد السيطرة على حلفائه بعد هيمنة "الإسلاميين"

محمد الرخا - دبي - الجمعة 21 يونيو 2024 11:17 مساءً - أكد سياسيون وخبراء سودانيون أن الجيش السوداني فقد السيطرة على حلفائه، بعد هيمنتهم على مكونات رئيسة تحارب في صفوفه، وعلى رأسها "المقاومة الشعبية المسلحة"، التي تحولت إلى "كتائب" يسيطر عليها "الإسلاميون".

Advertisements

وأضاف الخبراء لـ"الخليج الان" أن من يُعرفون بـ"الكيزان" سعوا طوال الفترة الماضية إلى تشكيل هذه الكتائب داخل "الجيش" ليكون نوعًا من "الإحلال" داخل القوات المسلحة لصالحهم من جهة، ومن جهة أخرى ليكونوا أصحاب القوة الضاربة والمؤثرة، حتى يمكنهم التخلص من أي قيادات أو ضباط كبار على خلاف مع سياساتهم داخل الجيش.

و"الكيزان" صفة يطلقها أهل السودان، تهكمًا، على المنتمين إلى الحركة الإسلامية، وتشمل الإخوان المسلمين وغيرهم من أتباع الإسلام السياسي في البلاد.

وأوضح الخبراء أن ذهاب "الإسلاميين" لتشكيل هذه الكتائب عبر ما تم تسميته بـ"المقاومة الشعبية" لم يكن لمواجهة "قوات الدعم السريع" فقط، ولكن لأغراض أخرى، من بينها السيطرة على القرار السياسي والعسكري داخل الجيش، وأن يكون "الكيزان" أصحاب قرار خوض الحرب بعيدًا عن تحكم قيادات وضباط في الجيش كانوا يجنحون لإنهاء حالة الصراع بالسودان، حيث تم التخلص من أعداد كبيرة منهم، وإحلال عناصر من هذه "الكتائب" بدلًا منهم.

ولفتوا إلى أن "الإسلاميين" الذين باتوا يتحكمون بالجيش وقراراته لن يذهبوا إلى أي خيار للسلام بعد هيمنتهم على القرار العسكري من خلال تلك الكتائب "المقاومة"، لأن أي قرار غير استمرار الحرب سينهي وجودهم السياسي والعسكري في السودان إلى الأبد.

ويتزامن هذا المشهد مع تراكم عدة شواهد توضح فقدان قيادة الجيش السوداني السيطرة على حلفائه، من بينها قيام الجيش باعتقال مجموعة من أعيان منطقة "الباوقة" بولاية نهر النيل، خلال حملة أمنية على خلفية أحداث "تمرد" قائد المقاومة الشعبية ضد السلطات الحكومية واشتباكات مع الجيش.

خطورة ما سُميت بـ"المقاومة الشعبية المسلحة"، وعدم سيطرة الجيش عليها رغم دعمها من جانب "البرهان" في ظل إشراف "الإسلاميين" على هذه "المقاومة" والتحكم فيها، مهّد منذ أشهر إلى انقسام داخل الجيش، واتضح ذلك من خلال تصريحات نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الذي حذر في آذار/مارس الماضي من خطر "المقاومة الشعبية المسلحة" التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة، رافضًا استغلال المعسكرات النظامية من قبل أي حزب سياسي برفع شعارات بخلاف التي تعبر عن قومية القوات المسلحة، وذلك في إشارة إلى سيطرة وتحكم "الكيزان" على هذه الكتائب.

حرب أهلية وتقسيم السودان

وقال السياسي السوداني منصور جعفر إن تنامي "التجييش الشعبي" عبر "المقاومة المسلحة" التي أصبحت أمرًا واقعًا، تتضح بوادره في الصدام المتصاعد بين الجيش وحلفائه، والذي لن ينتج عنه تحول الصراع في البلاد ما بين طرفين إلى عدة أطراف، بل سيجعل الواقع حربًا أهلية لن ينفع معها وقتئذ أي صلح أو إنهاء للحرب وسيذهب لا محالة إلى تقسيم السودان إلى الأبد.

ولفت جعفر في حديث لـ"الخليج الان" إلى أن خطة تكوين "ميليشيات" داخل الجيش بسلاح القوات المسلحة بعد أن تم تدريب أشخاص منهم أطفال من هم أقل من 16 سنة على يد ضباط بالجيش وتعليمهم فنون القتال، ولكن في النهاية، فإن سيطرة "الإسلاميين" دينيًا أو عشائريًا على هذه الكتائب بات قائمًا، ليكون تلقي الأوامر وتنفيذها والتحرك والانصياع لـ"الكيزان" وليس لقيادات الجيش، ما أسفر عن انقسامات داخل القوات المسلحة، وفرض حلفاء الجيش من "الإسلاميين" القرار في التحركات والهيمنة العسكرية، دون الرجوع لقيادة الجيش.

وأشار إلى أن إنشاء ما يسمى بـ"المقاومة الشعبية المسلحة"، مخطط عمل عليه الإسلاميون المسيطرون على قيادة القوات المسلحة، لتكون السيطرة على مفاصل الجيش كله وليس قياداته فقط، بعد أن تتحول هذه "المقاومة" إلى "كتائب" داخل الجيش تأتمر بتعليمات "الإسلاميين"، حتى يفرضوا من خلال ذلك هيمنة أقوى على قوات الجيش، بعد أن باتت "المقاومة" كتائب مسلحة بمعدات القوات المسلحة وبعد حصولها على الخبرات القتالية من ضباطه.

ويتفق مع هذا الرأي رئيس تجمع كردفان للتنمية والعدالة، الطيب الزين، قائلاً إن الأوضاع داخل الجيش ذاهبة تجاه الانفلات لصالح "الكيزان"، في ظل ما أنجز من أدوار لكتائب مسلحة تابعة لـ"الإسلاميين" من خلال ما عرف بـ"المقاومة الشعبية المسلحة"، وهو ما يوضح أن هذه الحرب لا يحركها الجيش السوداني ولكن تتحكم فيها الحركة الإسلامية التي تستغل الدين وشعاراته من أجل العودة إلى السلطة بعد أن فقدتها عقب ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام عمر البشير من الحكم.

عودة الإخوان واندثار الدولة

وشدد الطيب على أن دخول طرف جديد إلى الحرب عبر هذه الميليشيات يزيد من مخاطر اندثار الدولة والمجتمع والمؤسسات، بما فيها الجيش ذاته، لافتًا إلى أن هذه الحرب تم إشعالها لعودة "الإخوان" إلى سدة الحكم، وهو ما يعتبر أمرًا كارثيًا يهدد هذه المرة السودان وما حوله.

وأردف: "الإسلامويون لا يشكلون خطرًا على المجتمع السوداني فقط بل على المنطقة برمتها في ظل ما لديهم من مخططات تجمعهم مع قوى تعادي العرب وهي إيران التي تتفق مع الإخوان في رغبة باستمرار هذه الحرب مهما كان الثمن، وهو ما ادخر له الإخوان تكوين ميليشيات جديدة عبر المقاومة الشعبية المسلحة".

ويؤكد الخبير في قضايا التنمية والحكم والإدارة، نجم الدين دريسة، أن قرار "الجيش" مختطف لصالح الإسلاميين، مثلما اختطف على مدار عقود لصالح أيديولوجيات وعقائد تصب لصالح جهات وتيارات بعينها طمعًا في خيرات السودان التي هي نقمة على السودانيين منذ عشرات السنين.

ويقول دريسة لـ"الخليج الان" إن الحقيقة المؤلمة تتمثل في أن السودان لم يمتلك جيشًا في الأساس، وأن هذا "الكيان" على حد وصفه، يدور في فلك احتكار وممارسة العنف على مكونات الشعب، وكان وما زال الاختطاف الأكبر لهذا "الكيان" من جانب الإسلاميين الذين يحاولون العودة إلى السلطة، ومن ضمن تكرار مسلسل اختراق الجيش من جانب "الإخوان"، كانت ما عرف بـ"المقاومة الشعبية المسلحة" التي أحدثت وجهًا جديدًا للانقسام والأيديولوجية داخل الجيش.

واستكمل: "اختطاف الإسلاميين للجيش مستمر بإرساء ثابت وحيد منذ عام 1989، وهي أن الكلية الحربية لا تقبل طلابًا سوى من هم محسوبون على عائلات الإسلاميين، وإذا لم تكن مقربًا ولديك ولاء للإخوان ومواليًا لسياساتهم، لن تصل إلى أي رتب عسكرية متقدمة".

أخبار متعلقة :