في ظل تهديدات "نصر الله".. ما طبيعة التعاون بين قبرص وإسرائيل؟

محمد الرخا - دبي - الخميس 20 يونيو 2024 02:31 مساءً - أعادت تهديدات ميليشيا "حزب الله" الأخيرة لقبرص، توجيه الأنظار إلى طبيعة العلاقة بين نيقوسيا وتل أبيب، خاصة على الصعيد العسكري والأمني.

Advertisements

وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ظهر في خطاب متلفز، أمس الأربعاء، ذكر خلاله أن "حزب الله سيتعامل مع قبرص كجزء من الحرب إن أتاحت بنيتها التحتية للجيش الإسرائيلي في ضرب لبنان".

واضطر الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس للرد على تهديد نصر الله، الخميس، وقال إن بلاده "لا تشارك بأي شكل من الأشكال في الحرب الإسرائيلية على غزة أو جنوب لبنان"، مضيفًا أن "جمهورية قبرص جزء من الحل وليست جزءًا من المشكلة".

وترتبط إسرائيل وقبرص بعلاقات دبلوماسية كاملة، وتجمع بينهما علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية متشعبة، كما تمتلك إسرائيل سفارة في نيقوسيا، وتمتلك قبرص سفارة في تل أبيب، وباشر البلدان ترسيم الحدود البحرية بينهما عام 2010.

الطاقة تقرب البلدين

واكتشفت كل من تل أبيب ونيقوسيا مطلع 2000 كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في مياههما الإقليمية، واتفق البلدان على توسيع آفاق التعاون في ملف الغاز.

ووقعتا أواخر 2010 اتفاقًا للتعاون في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي واستخراجهما في المياه المشتركة، قبل أن توقعا مذكرة تفاهم لبناء مصنع للغاز المسال في قبرص في حزيران/ يونيو 2013.

وترى إسرائيل أن قبرص شريك إقليمي مهم ونواة لتشكيل تحالف إقليمي عوضًا عن تركيا، التي توترت العلاقات معها في السنوات الأخيرة، كما تعتبر قبرص بالنسبة لإسرائيل الجسر الأقصر إلى أوروبا، وبخاصة في مجال الطاقة.

محطة غاز على سواحل قبرصأ ف ب

ما سر تهديد نصر الله؟

صحيفة "يديعوت أحرونوت" كشفت، اليوم الخميس، أحد الأسباب التي دفعت نصر الله لتوجيه تهديده إلى قبرص، ونقلت عن وسائل إعلام لبنانية أن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى مناورة في مايو/ أيار 2023 على الأراضي القبرصية تحمل اسم "الشمس الزرقاء" تحاكي الحرب على لبنان، في ظل وجود بعض التشابه من النواحي الجغرافية بين قبرص وجنوبي لبنان، وفق الصحيفة.

ويمكن النظر أيضًا إلى الموقع الرسمي للجيش الإسرائيلي، الذي نشر في منتصف عام 2022 تفاصيل تنفيذ الجيش الإسرائيلي مناورة عسكرية في قبرص هي الأضخم وحملت اسم "مركبات النار".

تلك المناورة حاكت للمرة الأولى عمليات إنزال جوي لقوات إسرائيلية خاصة على الأراضي القبرصية التي شكلت وفق سير المناورة "أرض العدو".

المناورة أجريت بمشاركة بضع فرق من غالبية أذرع الجيش الإسرائيلي سواء الجوية أو البرية أو البحرية أو السيبرانية، وشاركت فيها غالبية ألوية النخبة ووحدات سلاح الهندسة وكذلك المظليون، والمستعربون أيضًا، وكان الهدف منها التدريب على عمليات على مسافة كيلومترات من الحدود الإسرائيلية.

العلاقات العسكرية والأمنية

ووفق وسائل إعلام عبرية، استغلت إسرائيل العلاقات مع قبرص، في ظل أزمتها مع تركيا، وبدأ البلدان يعززان علاقاتهما العسكرية والأمنية في مجالات مختلفة.

وفي أواخر عام 2011 كشف موقع "واللا" العبري النقاب عن اتفاق مشترك للتعاون السري بين الموساد الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات القبرصية، إضافة إلى اتفاق عسكري، ينظم إجراء المناورات المشتركة بين البلدين.

الموقع ذاته كان كشف بعد ذلك بعام واحد، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من قبرص خلال زيارته في فبراير/ شباط 2012 أن تسمح حكومة قبرص لإسرائيل بإقامة قاعدة أو محطة عسكرية ليستخدمها سلاح الجو الإسرائيلي.

واستهدفت إسرائيل من الخطوة التي شابها الغموض زيادة وجودها في منطقة شرق المتوسط ضمن جهود حماية منصات الغاز الطبيعي، لكن من غير المعروف ما إذا كانت نيقوسيا وافقت على الأمر أم لا.

وكشف الصحفي الإسرائيلي أمير بوحبوط في ذلك الوقت أن الموضوع طُرح للنقاش أيضًا بين وزير الدفاع حينذاك إيهود باراك، ونظيره القبرصي الذي زار إسرائيل قبل زيارة نتنياهو لنيقوسيا بشهرين، إلا أن مصير تلك القاعدة يبقى غامضًا.

ورغم ذلك، تعد أبرز محطات التعاون العسكري والأمني بين البلدين ما يتعلق بمشاركة سلاح الجو القبرصي في إخماد حرائق غابات جبل الكرمل بإسرائيل في ديسمبر/ كانون الأول 2010، ومشاركة البحرية القبرصية في توقيف سفينة إيرانية تحمل أسلحة كانت في طريقها إلى حماس بناءً على طلب إسرائيل، في يناير/ كانون الثاني 2009.

وتجدر الإشارة إلى أن قبرص دشَّنت ممرًا بحريًّا منذ مارس/ آذار الماضي لشحن المساعدات مباشرة إلى غزة، ويفترض أن تصل إلى الرصيف العائم الذي بنته أمريكا، وكانت إسرائيل وافقت على الخطوة على أساس أن المساعدات ستخضع للتفتيش الأمني بسهولة في قبرص قبل وصولها.