لماذا يراقب العالم زيارة بوتين لكوريا الشمالية؟

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 18 يونيو 2024 04:10 مساءً - ما إن أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيقوم بزيارة دولة ودية إلى جمهورية كوريا الشمالية وفيتنام في الفترة من 18 إلى 20 يونيو الجاري، بدأت تتوالى المخاوف والترقب الدولي الواسع لا سيما الأمريكي والأوروبي لهذه الزيارة النادرة والأولى منذ 24 عاماً؛ ما أثار موجة تساؤلات حول هذا الأهتمام الكبير ودوافعه وتداعياته من جهة، وكيف ستنعكس الزيارة ومخرجاتها على الوضع الميداني في أوكرانيا على وجه الخصوص.

Advertisements

 ويرى مراقبون بأن هذه الزيارة الاستثنائية حظيت بمتابعة وترقب دولي دولي لعدة اعتبارات في مقدمتها مخاوف الأمريكيين والأوروبيين الممتدة منذ أشهر مصحوبة بقلق عميق من التقارب المتسارع بين موسكو وبيونغ يانغ المتهمة بتسليم روسيا أسحلة وذخيرة لدعمها في عمليتها العسكرية في أوكرانيا مقابل مساعدة تكنولوجية ودبلوماسية وغذائية.

 ويتوقع محللون بأن الزيارة سيكون تأثيرها الأكبر والمباشر منصباً على الوضع الميداني في أوكرانيا في حال حصول روسيا على المزيد من الأسلحة والذخائر من كوريا الشمالية، وفق بنود ومعطيات اتفاقية الشراكة الإستراتيجية المزمع إبرامها بين الطرفين خلال هذه الزيارة، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام.

 واعتبر خبراء هذه الزيارة بمثابة انتصار لكيم، مؤكدين أنها تحمل دلالات خاصة وأهمية لكلا البلدين، في حين يعتبرها آخرون رسالة مباشرة وواضحة للغرب، الذي يرى في هذا التقارب خطرًا كبيرًا.

 محطة مهمة

 ووفق دبلوماسيين فإن هذه الزيارة محطة مهمة للبلدين الخاضعين لعقوبات غربية لا سيما مع توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة بين البلدين، مشيرين إلى أن الاتفاقية ستكون مشرطة بالتطور العميق للوضع الجيوسياسي في العالم وفي المنطقة وبالتغيرات النوعية التي حدثت مؤخرًا في العلاقات الثنائية.

 وتأتي الزيارة بعد 9 أشهر على استقبال بوتين الزعيم الكوري الشمالي في أقصى الشرق الروسي، وهي زيارة طغت عليها أجواء الثناء دون إبرام أي اتفاقات، في الوقت الذي يتهم فيه الغربيون بيونغ يانغ باستخدام مخزونها الضخم من الذخائر لتزويد روسيا بكميات كبيرة منها، واتهم البنتاغون موسكو الأسبوع الماضي باستخدام صواريخ بالستية كورية شمالية في أوكرانيا.

 وتقول واشنطن وسيول إن روسيا زودت كوريا الشمالية بالخبرة اللازمة لبرنامجها للأقمار الاصطناعية وأرسلت مساعدات لمواجهة نقص الغذاء في البلاد، وأشاد كيم جونغ أون قبل زيارة الرئيس الروسي بـ"روابط الأخوة الراسخة لرفاق السلاح" بين بيونغ يانغ وموسكو والتي تعود إلى الحقبة السوفيتية، حيث يقدم بوتين الحرب على أوكرانيا وجهوده الدبلوماسية على أنها معركة لمحاربة الهيمنة الأميركية على الساحة الدولية، ويفتخر بدعم العملاق الصيني له التي تمثل الداعم الاقتصادي الرئيس، والحليف الدبلوماسي لكوريا الشمالية.

 ترقب دولي عميق

 ومن جهته صرح منسق الاتصالات الإستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي بأن السلطات الأمريكية ستراقب عن كثب الزيارة الرسمية التي سيقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بيونغ يانغ.

 وفي سياق متصل، تثير تلك الزيارة قلق كوريا الجنوبية، كما تطرح تساؤلات عن بداية العلاقات بين كوريا الشمالية وروسيا وكيف تحسنت بين البلدين في السنوات الأخيرة.

 وحذّر مسؤولان من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، من أن زيارة بوتين لكوريا الشمالية قد توطّد العلاقات العسكرية بين البلدين، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفق وكالة "رويترز".

 وقال أمين عام حكومة اليابان يوشيماسا هاياشي، إن سلطات بلاده لم تعلق بعد على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية التي تبدأ اليوم، لكنها ستقوم بتحليل نتائجها حتمًا.

 وأضاف: "لا أرغب بالتعليق الآن باسم الحكومة اليابانية، على آفاق ونتائج القمة بين روسيا وكوريا الشمالية. لكن بشكل عام، نعتقد أن الوضع الأمني الإقليمي حول اليابان أصبح خطيرًا بشكل متزايد، بما في ذلك بسبب زيادة التعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية".

 وتابع هاياشي القول: "ستواصل اليابان جمع وتحليل البيانات وكذلك ستستمر في التعاون مع المجتمع الدولي، وفي المقام الأول الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بما في ذلك لتحقيق الامتثال الكامل لعقوبات مجلس الأمن الدولي ذات العلاقة".

 وتقول روسيا إنها ستتعاون مع كوريا الشمالية وتطور علاقاتها معها بالطريقة التي تختارها، ولن تسمح لأي دولة بإملاء ما عليها أن تفعل، لا سيما الولايات المتحدة.

 وفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العديد من العقوبات على كوريا الشمالية منذ نفذت بيونغ يانغ أول تجربة نووية في عام 2006، لكن خبراء يقولون إنها واصلت تطوير أسلحتها النووية وإنتاج مواد انشطارية نووية.

 وفي مارس الماضي، استخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لحجب التجديد السنوي لتفويض لجنة خبراء تراقب تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على كوريا الشمالية.

 وتؤكد روسيا أن القوى العالمية بحاجة إلى اتباع نهج جديد للتعامل مع كوريا الشمالية، متهمة الولايات المتحدة وحلفاءها بالسعي إلى "خنق" بيونغ يانغ.

 وقال مراقبو العقوبات بالأمم المتحدة للجنة بمجلس الأمن الدولي في تقرير اطلعت عليه "رويترز" إن حطام صاروخ سقط في مدينة خاركيف الأوكرانية، في الثاني من يناير، هو من سلسلة صواريخ بالستية كورية شمالية من طراز هواسونج-11 أُطلق من الأراضي الروسية.

ونفت موسكو وبيونغ يانغ هذه الاتهامات، لكن تعهدتا العام الماضي بتعميق العلاقات العسكرية.