بسبب الحرب.. أطفال غزة يعملون في مهن شاقة لإعالة أسرهم

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 18 يونيو 2024 09:03 صباحاً - يعمل أطفال غزة في مهن شاقة لإعالة أسرهم التي تعيش على المساعدات الإنسانية، بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ تسعة أشهر.

Advertisements

ومنذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، زادت معدلات الفقر والبطالة في القطاع بشكل غير مسبوق، رافقها ارتفاع عمالة الأطفال لمستويات كبيرة، حيث تعتمد معظم الأسر التي فقدت معيلها جراء القصف الإسرائيلي على شريحة الأطفال لتوفير احتياجاتها اليومية.

ووفق مركز الإحصاء الفلسطيني، فإن أكثر من مليون طفل دون سن الثامنة عشرة يعيشون في غزة قبل الحرب، ويشكلون ما نسبته 47% من عدد سكان القطاع، منهم نحو 32% دون سن الخامسة (نحو 340 ألف طفل).

بائع متجول

وقال الطفل الفلسطيني خالد أبو قمر، البالغ من العمر 13 عامًا، ويعمل بائعًا متجولًا، إنه "بعد مقتل والده في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط القطاع، اضطر لأن يكون المعيل لأسرته المكونة من 7 أفراد"، مبينًا أنه يعمل في الأسواق لتوفير الأموال اللازمة لاحتياجات أسرته اليومية.

وأضاف أبو قمر، في حديث لـ"الخليج الان"، أنه "منذ فقدان والده اضطر للعمل في العديد من المهن، سواء بائع على بسطة في سوق شعبي، أو عامل عند أحد التجار، أو بائع لبعض أنواع الحلوى الشعبية، وفي مجالات أخرى مختلفة".

وأشار إلى أنه "يحقق ربحًا قليلًا للغاية من عمله، بما لا يتجاوز الخمسين شيقل يوميًّا (نحو 13 دولارا أمريكيا)"، لافتًا إلى أن هذا المبلغ لا يكفي أسرته لتوفير احتياجاتها اليومية، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش.

ولفت إلى أنه "كان قبل الحرب يعيش حياته كأي طفل عادي، من حيث الدراسة واللعب؛ إلا أنه وبسبب مقتل والده والنزوح، انقلبت حياته رأسًا على عقب، وأصبح لا يفكر إلا بتوفير الأموال اللازمة لاحتياجات والدته وإخوته".

أطفال في غزة يعرضون بضائع للبيع على بسطة في الشارعالخليج الان

عمل شاق

ويقول الطفل الفلسطيني تامر الفيراني، البالغ 9 أعوام، إنه بسبب نزوحه وعائلته لمنطقة المواصي جنوب قطاع غزة، وإصابة والده بجروح إثر قصف إسرائيلي، اضطر مع شقيقه أمير ذي السبعة أعوام للعمل بمجالات مختلفة.

وأوضح الفيراني، في حديث لـ"الخليج الان"، أن "الأوضاع الصعبة التي تعيشها الأسر الفلسطينية بسبب النزوح والحرب على غزة، هي التي دفعته وشقيقه والآلاف من الأطفال للعمل لتوفير الأموال اللازمة لإعانة عائلاتهم".

وأشار إلى أنه "يبدأ من الساعة السادسة صباح كل يوم برفقة شقيقه رحلة البحث عن عمل، كما إنه يقوم بمهام شاقة للغاية تفوق عمره".

وتابع الفيراني: "في بعض الأحيان أقوم بنقل حاجيات الناس من مكان لآخر مقابل مبالغ زهيدة جدًّا، ولا أحقق الربح الوفير".

وأضاف أن "الحياة الصعبة هي التي دفعتني وآلاف الأطفال للدخول في سوق العمل، وما نحققه من أموال يكفي للحد الأدنى من مطالب أسرنا"، مشيرًا إلى أنه يبذل جهدًا كبيرًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية لتوفير احتياجات أفراد أسرته.

أخبار ذات صلة

يونيسف: 90% من أطفال غزة مهددون بسبب نقص الغذاء

تأثيرات سلبية

من جانبه، أكد المختص في الطب النفسي، الدكتور أشرف زقوت، أن "الحرب الإسرائيلية على غزة أثرت على الأطفال من مختلف النواحي، وزادت عدد الأطفال العاملين بالمهن الشاقة"، مشددًا على أن الحرب حرمت شريحة الأطفال من حياتهم الطبيعية.

وقال زقوت، في حديث لـ"الخليج الان"، إن "الأطفال فقدوا الأمن وتحملوا مسؤوليات كبيرة للغاية، ولديهم شعور غير مسبوق بالقلق والخوف نتيجة الظروف التي أفرزتها الحرب"، مؤكدًا أن هناك مشاكل نفسية غير مسبوقة ستصاحب الأطفال على مدار حياتهم.

وأوضح أنه "تم رصد التحاق أكثر من نصف الأطفال النازحين في غزة لسوق العمل، وقيامهم بمهام شاقة للغاية لا تتناسب مع مراحلهم العمرية"، مؤكدًا أن الحرب تسببت للأطفال باضطرابات نفسية يحتاجون لسنوات من أجل معالجتها.

وأشار زقوت إلى أن "الأطفال فقدوا حقوقهم الإنسانية مثل التعليم والحياة الكريمة واللعب بسبب الحرب، وجميعهم يعيشون خطر الموت في أي لحظة"، لافتًا إلى أن الصدمات النفسية واضطرابات النوم أمراض نفسية شائعة بين الأطفال.

وبين زقوت أن "نحو 80% من الأطفال في غزة يعانون صدمات نفسية عميقة بسبب الحرب، خاصة أن معظمهم فقد والديه أو أحدهما أو أحد أقربائه، واضطرته الحرب للعمل من أجل إعالة أسرته"، مؤكدًا أن الأوضاع تزداد سوءًا وتحتاج لبرامج نفسية متخصصة من أجل تخفيف تأثيراتها السلبية على الأطفال.