فرنسا.. أعداد "مهولة" تتظاهر ضد صعود اليمين المتطرف (صور)

محمد الرخا - دبي - الأحد 16 يونيو 2024 01:14 صباحاً - خرج الفرنسيون بأعداد مهولة إلى الشوارع، أمس السبت، تعبيرا عن رفضهم صعود اليمين المتطرف ولخطاباته، في يوم وصفته أجهزة الأمن بأنه "سبت حار جدا"، بعدما تظاهر 250 ألف شخص على الأقل، مع اقتراب موعد انتخابات تشريعية مبكرة.

Advertisements

وكانت نقابات وجمعيات وأحزاب يسارية قد دعت إلى "مد شعبي" لدرء فوز جديد يتوقع أن يحققه حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) في جولتي الانتخابات التشريعية المقررتين في 30 حزيران/يونيو و7 تموز/يوليو بعد تفوقه الأحد في الاستحقاق البرلماني للاتحاد الأوروبي في تطور دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حل الجمعية الوطنية.

حضور أمني خلال مظاهرات باريسأ ف ب

أخبار ذات صلة

صعود اليمين المتطرف يلقي بظلاله القاتمة على الاقتصاد الفرنسي

بارديلا إلى "الجحيم"

وأحصت السلطات، بحسب وكالة "فرانس برس" 250 ألف متظاهر، بينهم 75 ألفا في باريس (640 ألفاً بحسب الكونفدرالية العامة للعمل)، وأعرب المتظاهرون عن خوفهم من أن يفوز التجمع الوطني ويفرض قائده جوردان بارديلا (28 عاما) رئيسا للوزراء.

وهذه الأرقام أقل بكثير من التعبئة التي شهدها الأول من أيار/مايو 2002، عندما تظاهر أكثر من مليون شخص ليقولوا "لا" للجبهة الوطنية بعد تأهل جان ماري لوبان للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

وترددت نفس الشعارات في حوالي 200 تظاهرة في أنحاء البلاد: "بارديلا إلى الجحيم، الجمهورية ليست لكم" و"الشباب يلعن الجبهة الوطنية" و"لا مكان للفاشيين، لا فاشيين في أحيائنا".

وقالت فلورانس دافيد (60 عاما) خلال مشاركتها في التظاهرة في باريس "اعتقدت أنني لن أرى بتاتا اليمين المتطرف يصل إلى السلطة ولكن الآن يمكن أن يحدث ذلك".

شعارات رفعها المتظاهرونأ ف ب

لحظة مفصلية

وقالت أميلي روانيه البالغة 32 عاما خلال تظاهرة في رين (غرب) "كنت بحاجة إلى أن أكون مع عدد كبير من الأشخاص لكي أشعر بأنني لست الوحيدة. وصول اليمين المتطرف إلى السلطة يخيفني".

وحذّرت فلورانس أوديبير (40 عاما) لدى مشاركتها في التظاهرة من أن "الديموقراطية يمكن أن نخسرها في أي وقت".

وقالت ماريليز ليون رئيسة "الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل"، إحدى النقابات الخمس التي دعت إلى التعبئة "نحن في لحظة مفصلية للديموقراطية".

مع انطلاق منافسات بطولة أوروبا لكرة القدم مساء الجمعة في ألمانيا، دعا مهاجم المنتخب الفرنسي ماركوس تورام إلى "القتال حتى لا يفوز التجمع الوطني"، وهو موقف نادر من رياضي بارز.

وفي مسعى لقطع الطريق على اليمين المتطرف، سارعت أحزاب اليسار لا سيما "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي) والحزب الاشتراكي مرورا بأنصار البيئة (الخضر) إلى تشكيل ائتلاف، وتنحية خلافاتهم خصوصا بشأن أوكرانيا والحرب في غزة.

مشاركون في المظاهرات الفرنسيةأ ف ب

أخبار ذات صلة

بعد صعود اليمين المتطرف.. ماكرون يحذر من مرحلة "خطيرة جدا" في فرنسا

لكن الائتلاف الجديد الذي أطلقت عليه تسمية "الجبهة الشعبية الجديدة" بدأ يشهد تصدعات السبت مع استبعاد فرنسا الأبية ترشيح معارضين لزعيمه جان لوك ميلانشون.

وندد النواب المستبعدون بـ"حملة تطهير" واتهموا ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، بحملة "تصفية حسابات".

واستنكر آخرون ترشيح أدريان كانتين المقرب من ميلانشون مجددا على الرغم من إدانته في العام 2022 بعنف منزلي.

"تطهير"

وأعربت رئيسة أنصار البيئة مارين توندولييه عن "صدمتها الكبرى" لهذا "التطهير" داخل فرنسا الأبية، ودعت صباح السبت هيئات حزبها للاجتماع، داعية الجبهة الشعبية الجديدة إلى دعم المرشحين الذين استبعدهم حزب اليسار الراديكالي.

أما الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند (2012-2017) المؤيد لتوحيد صفوف اليسار ففجر مفاجأة بإعلان ترشحه للانتخابات التشريعية في كوريز (وسط) مبررا خطوته بأن "الوضع أخطر مما كان عليه في أي وقت مضى".

"نحن أمام مجانين"

وكان ماكرون الذي يشارك في نهاية الأسبوع في قمة مجموعة السبع في إيطاليا وفي قمة حول أوكرانيا تستضيفها سويسرا، قد انتقد الخلافات الداخلية في صفوف اليسار، واصفا التكتل بأنه "استعراض غير مترابط إطلاقا". واعتبر أن كل طرف "يفكر بصورة مناقضة" للآخر، مضيفا "نحن أمام مجانين، هذا ليس جديا". 

ووعد رئيس وزرائه غابريال أتال السبت، باتخاذ عدة إجراءات لصالح القوة الشرائية في حال الفوز، ومنها تخفيض فواتير الكهرباء بنسبة 15% "اعتبارا من الشتاء المقبل"، وتوسيع التأمين الصحي العام، والإعفاء من بعض الضرائب لمشتري العقارات لأول مرة.

ويتصدر التجمع الوطني حاليا نتائج استطلاعات الرأي. وأظهر استطلاع للرأي نشر السبت حصده 33 بالمئة من نوايا التصويت، متقدما على الجبهة الشعبية الجديدة (25 %) والمعسكر الرئاسي (20 %).

مظاهرات ضد اليمين المتطرف في فرنساأ ف ب

تحالف مع التجمع الوطني

وفي صفوف اليمين التقليدي، شهدت البلبلة التي تهز حزب الجمهوريين تقلبات جديدة مع إبطال محكمة باريس الجمعة قرار المكتب الوطني للحزب إقصاء رئيسه إريك سيوتي بعد دعوته لتشكيل تحالف مع التجمع الوطني، فيما أكد بارديلا أن حزبه سيقدم "مرشحا مشتركا" مع الحزب اليميني "في سبعين دائرة".

السبت، ومن دون الإشارة إلى فرنسا على وجه التحديد، قالت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي استضافت بلادها قمة مجموعة السبع في اليومين الماضين، إنها تأمل أن تأخذ أوروبا في الاعتبار "الرسالة" التي وجهتها الانتخابات الأوروبية، والتي تميزت بصعود اليمين المتطرف.