الوسط الفرنسي "على المحك" مع تزايد شعبية "اليمين المتطرف"

محمد الرخا - دبي - السبت 15 يونيو 2024 10:10 مساءً - قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الوسط الفرنسي على "المحك" وفي مواجهه عواقب محتملة، بعد حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وسط تزايد شعبية اليمين المتطرف.

Advertisements

وشكّل قرار ماكرون غير المتوقع، صدمة في المشهد السياسي في البلاد، خاصة بين الشخصيات الوسطية، حيث جاء بعد تحقيق حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان مكاسب كبيرة في الانتخابات الأوروبية الأخيرة.

ونسبت الصحيفة إلى رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال، وصفه للأجواء خلال إعلان عن قرار ماكرون بأنها كانت "خطيرة" بالفعل.

في حين اعترفت إحدى الشخصيات الوسطية البارزة بأنها لم تنم بشكل جيد منذ الدعوة إلى الانتخابات المبكرة، لاسيما أن الحملة الانتخابية التي ستستمر مدة ثلاثة أسابيع فقط، ستكون هي الأقصر في تاريخ فرنسا الحديث.

الروليت الروسية

واعتبر معارضو ماكرون من اليسار، بأنه "من الحماقة المطلقة" الدعوة إلى إجراء انتخابات برلمانية مفاجئة في وقت بلغ فيه دعم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف المناهض للهجرة أعلى مستوياته في التاريخ، بينما شبهه العديد من السياسيين بلعبة "الروليت الروسية".

وتاريخياً، كان يُنظر إلى حزب التجمع الوطني التابع للوبان، والذي أسسه والدها "جان ماري لوبان" تحت اسم الجبهة الوطنية، على أنه تهديد للديمقراطية بسبب مواقفه العنصرية والمعادية للسامية والمسلمين، بحسب الصحيفة.

ومع ذلك، حقق في الانتخابات الأوروبية الأخيرة رقما قياسيا بنسبة 31.4% من الأصوات، أي ضعف ما حققه حزب ماكرون الوسطي، علاوة على ذلك، تصدر حزب لوبان الأصوات في أكثر من 90% من البلديات الفرنسية.

ويتفق منظمو استطلاعات الرأي على أن اليمين المتطرف يمكنه أن يحقق مكاسب هائلة وتاريخية في الانتخابات المبكرة المقبلة، ومن المحتمل أن يزيد عدد مقاعده من 88 إلى أكثر من 200، ما قد يسمح له بدخول الحكومة لأول مرة.

وفي الوقت نفسه، يمكن أن يأتي ائتلاف من الأحزاب اليسارية في المرتبة الثانية، مع احتمال تراجع الوسطيين بقيادة ماكرون إلى المرتبة الثالثة، ومن المرجح أن يؤدي هذا السيناريو إلى برلمان مجزأ دون أغلبية مطلقة.

وسط الحيرة والصدمة بشأن قرار ماكرون إجراء انتخابات مبكرة، يصف الرئيس الفرنسي نفسه بالمتفائل الواثق من الفوز، معربًا عن ثقته بأن الناخبين الفرنسيين سوف يميزون بين التعبير عن الغضب في الانتخابات الأوروبية، وخطر وجود حكومة متطرفة في فرنسا، والتي يعتقد أنها ستدمر تماسك المجتمع وتقوض الاقتصاد.

ويبدو أن ماكرون متأكد بأن جزءًا كبيرًا من الناخبين لا يدعمون اليمين المتطرف وسيصوتون للحفاظ على القيم الوسطية، وفقًا للصحيفة.

وبينت الصحيفة أن الأساس المنطقي الذي ساقه ماكرون لإجراء الانتخابات المبكرة، والتي وصفتها حاشيته بأنها "قاسية" ولكنها "ضرورية"، ينبع من الحاجة إلى معالجة الاستياء العام والجمود السياسي في البلاد.

فبعد خسارته الأغلبية المطلقة في البرلمان عام 2022، يواجه ماكرون صعوبات في الحكم بفعالية.

يرى الرئيس الفرنسي أنه يمكن تشكيل حكومة ائتلافية وسطية جديدة إذا انضم إليه المزيد من السياسيين من اليمين التقليدي واليسار الديمقراطي الاجتماعي، ومع ذلك، فإن المحاولات السابقة لبناء مثل هذا التحالف باءت بالفشل.

مقامرة خطيرة

وأشارت "الغارديان" إلى انخفاض معدلات الثقة بالرئيس ماكرون، فقد هجره الناخبون من يسار الوسط، واتهموه بالانحياز إلى اليمين في قضايا مثل الهجرة وإصلاح نظام التقاعد، بينما أظهرت استطلاعات الرأي أن 57% من الفرنسيين يريدون أن يقدم استقالته إذا هُزم الوسطيون في الانتخابات المقبلة.

غير أن ظهور ماكرون مؤخرا في احتفالات يوم الإنزال في "نورماندي"، قد عزز إيمانه بعلاقته بالشعب الفرنسي، إذ لاحظ فريقه إقبالًا كبيرًا واستقبالًا إيجابيًا خلال جولة في بايو، ألقى خلالها خطابا تكريميا للجنرال شارل ديغول، ما يشير إلى أن العداء الشخصي تجاهه أقل مما تشير إليه الصور الإعلامية.

ورجحت الصحيفة أن هذا التقييم ربما كان مفرطًا في التفاؤل، حيث إن الشعبية المتزايدة لليمين المتطرف لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا لماكرون وحلفائه الوسطيين في الانتخابات المبكرة.

وعلى الرغم من احتمال فوز اليمين المتطرف، يصر ماكرون على أنه لن يستقيل، وفي حال تمكن حزب الجبهة الوطنية من تشكيل حكومة مع زعيمه البالغ من العمر 28 عاماً، جوردان بارديلا، كرئيس للوزراء، فسيظل ماكرون رئيسًا لمدة ثلاث سنوات أخرى، مع احتفاظه بالسيطرة على الدفاع والسياسة الخارجية ولكنه سيفقد نفوذه على القضايا الداخلية.

وفي حملته الانتخابية هذا الأسبوع، اقترح ماكرون مبادرات مختلفة، بما في ذلك إجراء مشاورة وطنية حول العلمانية وحظر الهواتف المحمولة للأطفال تحت سن 11 عاما، وهو يضع الانتخابات في إطار الاختيار بين الاستقرار الوسطي والتطرف بشقيه: أقصى اليمين وأقصى اليسار.

ويصف المحلل السياسي "ستيوارت تشاو" التصور العام لقرار ماكرون بأنه ليس عملاً شجاعاً بقدر ما هو مقامرة خطيرة، ومع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، يواجه الوسطيون بزعامة ماكرون تحديًا هائلًا في التعامل مع المشهد السياسي الذي تهيمن عليه بشكل متزايد الفصائل المتطرفة.

أخبار متعلقة :